كشفت دراسة نشرت، اليوم الثلاثاء، عن أنه بالرغم من تصاعد الصراع في سوريا والاضطرابات المدنية في أوروبا أصبح العالم أكثر سلامًا خلال العام المنصرم، بعد تحسن ملحوظ في إفريقيا. وأظهر مؤشر السلام العالمي، الذي أصدره معهد الاقتصاديات والسلام، الذي يتخذ من كل من أستراليا الولاياتالمتحدة مقرًا له أول تحسن منذ عامين، وللمرة الأولى لم تعد منطقة إفريقيا جنوب الصحراء أقل مناطق العالم سلامًا، وفقدت هذا التعريف الذي انتقل إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد انتفاضات الربيع العربي. ورصدت الدراسة 23 مؤشرًا في 158 دولة منها مستويات الاضطرابات المدنية والجريمة إلى الإنفاق العسكري والتورط في صراع مسلح والعلاقات بين دول الجوار، وبخلاف التدهور الذي شهده الشرق الأوسط طرأ على كل منطقة أخرى من العالم نوع من التحسن على الأقل. وقال ستيف كيليليا وهو رجل أعمال أسترالي أسس المؤشر المبدئي قبل ست سنوات أن وراء ذلك فيما يبدو عددًا من الأسباب، منها انخفاض الانفاق العسكري على مستوى العالم ويرجع ذلك جزئيًا إلى الأزمة المالية العالمية، في الوقت الذي تحسنت فيه العلاقات بين الدول بدرجة كبيرة مع ميل الزعماء إلى الدبلوماسية بدلًا من العنف. وقال لرويترز بمقابلة في لندن "تحسن العلاقات بين الدول والعزوف الكبير عن الحرب أصبح قويًا جدًا، خصوصًا في إفريقيا، لقد شهدنا انخفاضًا ملموسًا جدًا في الصراع.. حين توجهت إلى أوغندا لأول مرة منذ 15 عامًا أو نحو ذلك كانوا يخوضون على سبيل المثال أربع حروب. الآن لا يخوضون أي حرب". وأظهر التقرير أن أشد تدهور في السلام حدث في سوريا مع انضمام عدد من دول المنطقة إلى القائمة، وتحولت الانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد إلى صراع دام بدرجة كبيرة خاصة خلال الأسابيع القليلة الماضية مع وقوع عدد من المذابح. وكشف تقرير العام الماضي عن أن أعمال العنف ذات الصلة بالربيع العربي جعلت العام أقل سلامًا، بينما أظهرت دراسة عام 2010 أن الأزمة الاقتصادية تزيد من الاضطرابات العالمية، وقال كيليليا أن هذين العامين أوقفا تحسنًا دام ثلاث سنوات وأن مستوى السلام العالمي عام 2012 هو مماثل تقريبًا للمستوى الذي كان موجودًا قبل ست سنوات. وقال التقرير إن الصومال مازال أقل دول العالم سلامًا لكن بصفة عامة كانت الدول الإفريقية من بين الدول الأسرع تقدمًا التي شملها المسح، وحققت زيمبابوي أفضل النتائج وبدأ الاستقرار يعود إليها بعد سنوات من المعارك السياسية، بل وأحيانا محاولات تتسم بالوحشية من جانب الرئيس روبرت موجابي للاحتفاظ بالسلطة، كما طرأ تحسن كبير على مدغشقر بعد انقلاب العام الماضي. وذكر التقرير أنه في أمريكا اللاتينية كان التحسن الذي طرأ على العلاقات بين فنزويلا وكولومبيا من أبرز نماذج التحسن، وفي آسيا رغم مخاوف من تصاعد سباق التسلح والتنافس في مجال الجغرافيا السياسية بين الصين والولاياتالمتحدة، إلا أن الإنفاق العسكري استقر عند مستواه بشكل عام وانخفض قليلا مستوى الصراع. ويري كيليليا أن الصورة في أوروبا مختلطة بوضوح، فقد تراجع مركز اليونان بشكل خاص في القائمة وهبطت نحو 40 مركزًا في القائمة خلال أربع سنوات في مواجهة تصاعد الاضطرابات المدنية والجريمة وهي تجاهد لتطبيق إجراءات التقشف ومخاوف من احتمال خروجها من منطقة اليورو. ويرى كيليليا أن الإحجام عن اللجوء إلى الصراع المسلح سيستمر إلى مدة طويلة. وقال "يمكن أن نتوقع بعض التصاعد في العنف الداخلي، لكن التوجهات التي نراها فيما يتعلق بالصراع الخارجي ستثبت مرونتها على ما أعتقد، هناك قناعة -ربما بعد العراق وأفغانستان على وجه الخصوص- أن هذه الصراعات يصعب التكهن بنتائجها بدرجة كبيرة وهي مكلفة للغاية حتى لو كنت قويًا جدًا".