شهدت قاعة ثروت عكاشة بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ضمن نشاط شخصيتا المعرض، والأحداث المئوية، إقامة ندوة تحت عنوان: "ثروت عكاشة تجربة وإدارة"، بمشاركة كل من الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق، والدكتور أبو الفضل بدران، وأدارها الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق. فى البداية أكد الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة الأسبق، أن الدكتور ثروت عكاشة حينما تولى مسئولية وزاة الثقافة التى كانت تسمى وزارة الإرشاد القومى، جاء بفكر مختلف عن جيله ومن قبله فقد جاء بثقافة الفن الرفيع، ولم يكن له طموح سياسي، ولكن طموحه كان منصبا على تحقيق إنجازات فى المجال الثقافى. وأضاف أن أصعب فترة فى تاريخ ثروت عكاشة فى وزارة الثقافة فترة 1958 حتى 1962، حيث كان ثروت عكاشة يواجه حربا ضروسا بسبب توليه وزارة الثقافة، والرجل لم يكن أبدا يرغب فى الاستمرار، وتقدم باستقالته لجمال عبدالناصر مرات متعددة، إلا أن جمال عبدالناصر رفض قبول الاستقالة، وأبلغ عبدالحكيم عامر أن يبلغ ثروت عكاشة أن حكومة الثورة لا تقبل استقالة أي من أعضائها، واستمر ثروت عكاشة فى منصبه حتى قام بملحمة إنقاذ آثار النوبة. وأشار إلى أن ثروت عكاشة كان شخصا محبا للناس حتى الأشرار منهم، وحتى من أضروه لم يعبأ بهم فقد كان لديه روح إنسانية شفافة محبة للجمال، فروحة كانت لا ترغب ولا تعبأ برؤية القبح وهذا ما أدى إلى عدم اهتمامه واكتراثه بأعدائه فلم يكن يستطيع ثروت عكاشة بروحه الإنسانية الراقية أن يحمل ضغينة لأحد، وهو ما ظهر جليا فى كتاباته ومسيرته الشخصية. ولفت إلى أن ثروت عكاشة كان يرغب فى أن تصل الثقافة إلى القرى والنجوع من خلال قصور الثقافة وبذل فى سبيل تحقيق هذا الإنجاز من خلال قصور الثقافة مجهودات كبيرة، وما يجب التأكيد عليه أن فكرة قصور الثقافة وجدت مكتوبة فى أوراق ومذكرات جمال عبدالناصر بخط يده، والتى أهدتها أسرته لدار الكتب والوثائق القومية، وهو ما يؤكد أن فكرة قصور الثقافة أتى بها جمال عبدالناصر وتلاقى فى الأفكار والرؤى مع الدكتور ثروت عكاشة، الذى أشرف على تنفيذها. من جانبه أكد الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة الأسبق، أن ثروت عكاشة الذى نحتفى به اليوم كأحد شخصيتي معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي، هو واحد من البنائين الكبار فى الثقافة المصرية، والتى ترعرت فى ظل ثورة 1919 وازدهرت أكثر فى ظل ثورة 1952، ومشروعاته الثقافية وإنتاجه الثقافى غزير، وكان دائما يمزج فى مشروعاته الثقافية بين الرؤية والإنجاز، وقد ساهم وقوف القيادة السياسية في ذلك التوقيت برئاسة الزعيم جمال عبدالناصر داعمة لجهود ثروت عكاشة في إنجاز العديد من المشروعات.
قد ساهم في تأسيس فرقة الموسيقى العربية فرقة باليه القاهرة ومشروع الصوت والضوء، فضلا عن إسهاماته الكثيرة فى إنقاذ آثار النوبة وتطوير معبد الكرنك ومعبد الدير البحرى، فضلا عن تطويره لأكاديمية الفنون وتطوير عدد من المتاحف على رأسها متحف مراكب الشمس ومتحف النسجيات وإسهاماته الكبيرة فى تطوير دار الكتب، وفى نفس الوقت لم يتوقف عن الكتابة والترجمة طوال هذه الفترة ولم يعطله عمله العام كوزير للثقافة أن ينجز إنجازاته الخاصة فى العمل الثقافى من خلال مؤلفات وكتب ثروت عكاشة، حيث كتب عن التاريخ الإسلامى الفن العراقى والفن الفارسى والفن الإسلامى والفن الوصفى، والقيم الجمالية فى العمارة المصرية. قد كان للراحل ثروت عكاشة نظرية حول الفن، فى كتاباته حول الفنون كان لدية رؤية حول النقد الثقافى، وقد كان يتحدث عن الفنون فى عصر ما ويقدم أسباب تتطور الفنون فى هذا العصر من كل الجوانب الأدبية والفنية والثقافية، ويعتبر ثروت عكاشة واحدا من أهم مؤرخى الفنون حول العالم، ومكانة ثروت عكاشة فى تأريخ الفنون لا تقل أبدا عن مكانة المؤرخ العالمى هاوزر. وأوضح أن ثروت عكاشة كان مهتما بالفلسفة والموسيقى والفنون، فقد كان متذوقا للموسيقى وتناول الموسيقى فى كتاباته ومشروعاته بمختلف أنواعه، وفى مجال الأدب قد كان ثروت عكاشة مولعا ببرنارد شو وترجم عنه الكثير من الكتب كما كان مولعا بمؤلف الموسيقى الألمانى فيرنار، وقد كان مهتما أيضا بموضوع وحدة الفنون باعتبار أن الفنون متكاملة ولا تتجزأ فيجب أن يكون الفنان عارفا عن فروع الفنون المختلفة. ولفت إلى أن ثروت عكاشة كان منصبا فى كتاباته عن الموسيقى حول توضيح الفروق بين الموسيقى ذات الإيقاع البسيط، والموسيقى ذات الإيقاع المركب، باعتبار أن الإيقاع هو الوسيط بين الموسيقى والفكر، وقد كان ثروت عكاشة يترجم الأعمال الشعرية المرتبطة بالقطع الموسيقية.
ولفت إلى أنه فى عام 1965 كان ثروت عكاشة متواجدا فى باريس وهناك قابل الفنان التشكيلى مارس شاجال الروسى الأصل والفرنسى الجنسية، والذى يعد من أهم فنانى المدرسة السريالية، وطلب منه أن يكون حاضرا فى القاهرة على الأقل بلوحاته وأعماله الفنية، وهذا دليل على مدى اهتمام ثروت عكاشة بنقل ألوان الفنون من مختلف أنحاء العالم ليتعرف عليها المصريين، وهو الأمر الذى تحقق حينما وافق الفنان الفرنسى الشهير على إرسال لوحاته لتعرض فى دار الأوبرا فى خلفية إحدى عروض الأوبرا. وأوضح أن إنجازات ثروت عكاشة الثقافية لا نستطيع أن نحيط بها من خلال ندوة أو حتى عشر ندوات، خاصة أن ثروت عكاشة لم يكن فقط مثقفا ولكنه كان مفكرا كبيرا. فيما قال الدكتور أبو الفضل بدران، إننى كنت محظوظا بلقاء الراحل العظيم ثروت عكاشة فى أبو ظبى، بعد أن حصل على جائزتى العويس الثقافية.