عقدت مجلة البيت، الصادرة عن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان "القاهرة في 1050 عامًا"، بمناسبة اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ومناقشة التطورات التي شهدتها القاهرة خلال الخمسين عامًا الأخيرة، والتي غيرت وجه القاهرة ومحاولة للبحث عن هوية المدينة. وقالت سوسن مراد عز العرب، رئيس تحرير مجلة البيت، بحسب بيان صحفي صادر عن المجلة، اليوم الإثنين، إن الخمسين عاماً الأخيرة كان لها أكبر الأثر علي وجه القاهرة، ما يجعلنا في حاجة إلي تأمل تلك التغيرات والنظر إلي المستقبل فيما يتعلق بالمدينة في ضوء إنشاء العاصمة الإدارية؛ التي ستستحوذ علي الوظائف الإدارية للدولة ومباني الوزارات والدواوين، وهو ما يخفف عن شرايين القاهرة الكثير، ويفسح المجال أمام استخدام وإعادة استغلال المئات من المباني التراثية والحكومية، ويفتح فرصًا أفضل للعناية بالعاصمة التراثية لتتحول إلي مركز ثقافي وفني عالمي. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا وأضافت أن القاهرة أطلقت في احتفاليتها بألفيتها الأولي، معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1969، والذي يحتفل اليوم بيوبيله الذهبي. واستعرضت عز العرب، فيلمًا يضم صورًا نادرة من أرشيف الأهرام لافتتاح الدورة الأولي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي افتتحه آنذاك وزير الثقافة حينها ثروت عكاشة، أحد البنائين العظام لمؤسسات مصر الثقافية، وتظهر في الصور الكاتبة سهير القلماوي، التي كانت تشرف علي المعرض. ويذكر أن كلا الشخصيتين هما شخصيتا العام بمعرض الكتاب في دورته الخمسين التي تفتتح الثلاثاء المقبل. وكرمت المجلة أسماء 6 مبدعين راحلين، هم: الروائيان إبراهيم أصلان، وخيري شلبي والشاعر صلاح جاهين، والشاعر فؤاد حداد وعالم الآثار، سيد توفيق، والموسيقار سيد مكاوي. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا وقال الكاتب الصحفي بالأهرام، الأستاذ بهاء جاهين، إن والده الشاعر الكبير، صلاح جاهين، كتب أشعار مسرحية "القاهرة في ألف عام" والتي كتبها عبدالرحمن الشرقاوي، والتي كانت بمثابة رفض للهزيمة ورد علي نكسة 1967، وإعلانًا بأن مصر ستقاوم، وأن الجبهة الداخلية هي امتداد للجنود الذين يحاربون علي الجبهة في القناة. وعبر الشاعر أمين حداد، نجل الشاعر الكبير فؤاد حداد، عن تقديره لمبادرة الصالون بالاحتفاء بمرور 1050 عامًا علي إنشاء القاهرة، لمحاولة النظر في إصلاح المدينة العتيقة التي يتذكرها مواليد الخمسينيات والستينيات بشكل مختلف، مضيفًا أن المدينة وصلت إلي حالة من الترهل والازدحام بشكل تحتاج معه لعلاج سريع. ووصف المؤرخ والكاتب محمد عفيفي، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، القاهرة بأنها "مدينة محيرة"، إذ نشأت كمدينة ملكية مغلقة علي الطبقة الحاكمة ثم نشأت بها مدينة شيعية ما لبثت أن تحولت إلي مركز للعالم السني مع تحول الأزهر من التشيع إلي السنية. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا وقال مؤلف "شبرا: إسكندرية صغيرة في القاهرة" إن السنوات الخمسين الأخيرة تعد من أسوأ الفترات التي مرت بها القاهرة، بعد أن كان حلم أي مستشرق في الجامعات الفرنسية والإنجليزية أن يأتي للتدريس في جامعة القاهرة لمدة عام أو فصل دراسي واحد بمرتب الأستاذ المصري، وأن يقضي نهاية الأسبوع في حلوان للاستشفاء، وأن يقضي إجازة نصف العام في رحلة ساحرة من القاهرة إلي الأقصر وأسوان. وقال "القاهرة كانت في لحظة من اللحظات تضارع المدن الأوروبية بلا مبالغة، ولكن الخمسين عامًا الأخيرة شهدت ترييفًا كبيرًا للقاهرة، ما غير من ديموغرافيا المدينة وجعل من حي كشبرا، الذي خرجت منه داليدا ونجوم الفن، يصبح معقلاً للسلفية نتيجة هجرات من الريف". وانتقد ما اعتبره "إدارة عشوائية للقاهرة عبر الخمسين عامًا الماضية، أفقدتها دورها في العام العربي والبحر المتوسط بشكل أكبر". وطالب بإعادة النظر في طريقة إدارة القاهرة. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا من جانبه، قال الروائي سعيد الكفراوي، إن الأقليات الأجنبية في النصف الأول من القرن العشرين لم تكن هي سبب نظافة وجمال ورقي القاهرة، ولكن وجود نظام وقوانين اتبعها الناس، واعتبر أن الإسلام السياسي والفساد الذي تم عبر العقود الماضية سبب رئيسي في تحويل القاهرة لمدينة "طاردة لأهلها". وأشار الدكتور طارق سيد توفيق، المشرف العام علي مشروع المتحف المصري الكبير، إلي حيوية القاهرة، التي وصفها ب"المدينة المبهرة"، في مقابل وصف المدينة المحيرة، وقال، إنه حتى من ينتقد مصر من الأجانب الذين يزورونها، لا يستطيعون الإفلات من حيويتها القوية النابضة، فهي مدينة التاريخ والفن، والتناقض بين الجمال والقبح وهو ما يجعلها مدينة فريدة في طبيعتها. وأضاف "القاهرة مدينة تعكس غني الحضارة المصرية القديمة، وتقول الآثار الموجودة بها، إنها شهدت حضارات تتسم بالغنى الشديد في طبيعتها إذ تحمل تأثيرات من كل الحضارات التي مرت عليها كما تدل علي التسامح الديني لأهل مصر، إذ يجتمع فيها المساجد والكنائس والمعابد والآثار الفرعونية والقبطية". مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا وأشار إلي الزيادة السكانية في الخمسين عامًا الماضية بالانفجار الكبير الذي مثل عبئًا شديدًا علي المدينة كانت نتيجته تمدد حدودها بشكل تسبب في ضياع هويتها بسبب أطرافها المترامية. وفيما يخص دور القاهرة، قال، إن "كونها عاصمة للدولة المصرية، منحها دورًا معينًا، واليوم بعد أن تفتتح العاصمة الإدارية وتنقل إليها الوزارات والدواوين الحكومية، يثور التساؤل عن دورها، وأنا أري أن القاهرة بتاريخها وما أخرجته من فنون يجعل لديها كل المقومات لأن تكون هويتها الجديدة أن تكون العاصمة التراثية الثقافية لمصر". وعزا المعماري نبيل غالي، حالة التردي التي وصلت إليها القاهرة إلي "غياب النظام"، واعتبر أن النظام سقط عام 1970 مع سقوط سلطة المحليات، وقال، إن القاهرة لم تبدأ في الإصابة بالترهل إلي عام 1970. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا واختلف المؤرخ محمد عفيفي، مع تلك الرؤية، قائلاً، إن الإدارة المحلية تحت نظام عبدالناصر لم تتغير عنها وقت الرئيس السادات، وبالتالي، فإن تحديد عام 1970 عامًا لبدء الفوضي والتردي في العاصمة مبني علي تقدير وانحياز سياسي. ورأي عفيفي، أن السبب وراء تردي المدينة هو إفراغها من مكوناتها التعددية، والسعي وراء جعلها "كيان موحد"، وهو ما أفقد المدينة غناها. ورأي الدكتور هيثم الحاج علي، أن الإشكالية التي تواجهها القاهرة من جهة ما يمكن عمله لمواجهة التلوث البصري والمعماري، هو القوانين التي تحكم عمل الجهات المنظمة لها، وخاصة جهاز التنسيق الحضاري، ولكنه لا يري أن هناك مشكلة في ذوق وعي الناس. وضرب علي ذلك مثالاً بما يقال عن أن الشباب لا يقرأ وأنه لا وعي لديه، قائلاً، إن الإحصائيات تقول شسئًا مختلفًا عما تقوله أحكامنا المسبقة، وأن معدلات القراءة بين الشباب في ارتفاع، قد ينتقد البعض نوعية ما الكتب التي يقرؤها ولكنهم يقرأون. وقال، إن القاهرة مدينة غنية بالطبقات التاريخية التي خلفتها مجموعة من التراكمات الحضارية من الفرعونية للقبطية والإسلامية والعثمانية والمملوكية وغيرها. واقترح الكاتب عمر طاهر، مشروعًا قوميًا لتوثيق تراث مدينة القاهرة للحفاظ عليه من الضياع، والحفاظ علي أشكال القاهرة المتعددة التي نراها في شرائط السينما ونصوص الكتب، إذ أن القاهرة التي تظهر في تلك الكتب والأفلام لم تعد هي القاهرة التي نراها. وأضاف "فكرة القاهرة تسرق منا ولا يوجد لدينا مشروع لتوثيقها، ويجب أن نبدأ في ذلك". ووجه المايسترو هشام جبر، نقدًا لفكرة النوستالجيا للقاهرة النظيفة و"الناس الشيك" التي تظهر في صور الأربعينيات والخمسينيات، قائلاً "هذه القاهرة لم تتعد 1 كيلو متر، وما ورائها كان فقر ومناطق محرومة". مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا وأشار إلي إعلان منشور في عدد الأهرام عام 1969، وزعته المجلة في بداية الندوة، عن إعلان حفل لبالية أوبرا باريس، بالاشتراك مع أوركسترا القاهرة السيمفوني، احتفالاً بمرور 1000 عام علي إنشاء مدينة القاهرة، وقال، إن الثقافة تبدأ وتنتهي بالإرادة السياسية للدولة، في الستينيات كانت هناك إرادة أن تنهض البلد وأن يكون الناس علي وعي معين. وأضاف "الثقافة أداة فعالة جدًا لهذا الهدف، وآمل أن نصل إلي وضع تصبح فيه الثقافة من أهم مكونات الحياة". حضر الصالون كل من: الدكتور طارق توفيق، المشرف العام علي المتحف المصري الكبير، والشاعر أمين حداد، والكاتب الصحفي بهاء جاهين، والمايسترو هشام جبر، والمؤرخ محمد عفيفي، والروائي سعيد الكفراوي، والكاتب عمر طاهر، والصحفي هشام أصلان، وفنان الكاريكاتير عمرو فهمي، والكاتب الصحفي، زين العابدين خيري، والإعلامي محمود التميمي، وأدهم نديم، صاحب مجموعة النديم، والمصور الصحفي، بسام الزغبي. صالون البيت، هو صالون ثقافي يقام شهريًا، ويهتم بمجالات الإبداع المختلفة، ويستضيف الصالون شخصيات عامة ومفكرين وفنانين ومصممين من شتي مجالات الإبداع. أطلق الصالون في شهر ديسمبر الماضي، وأقام أولي جلساته حول الفنان المصري الأرميني شانت أفيديسيان، الذي غادر عالمنا في أكتوبر الماضي، وخصصت المجلة غلاف عدد شهر ديسمبر لأحد أشهر لوحاته. مجلة البيت الصادرة عّن مؤسسة الأهرام صالونها الثاني تحت عنوان القاهرة في 1050 عامًا