تزخر مصر بعدد من المواقع السياحية الجميلة، إلا أن التوسع العمراني السكني أو تشوية المباني لا يتناسب مع البيئة السياحية.. في هذا الإطار كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بالتعامل مع جميع المباني التي لم تقم بطلاء واجهاتها، والانتهاء من طلاء الواجهات خلال مهلة محددة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، على أن تكون ألوان هذه الواجهات موحدة. "بوابة الاهرام" تستطلع أراء الخبراء والمختصين للمساعدة في كيفية تنفيذ هذا التكليف... تشوه بصري يقول المهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، إن قرار الرئيس السيسي بطلاء كافة الأبنية ذات الطوب الأحمر التي لم تقم بطلاء واجهاهتها سوف يقضى على التشوه البصري الذي نعاني منه، كذلك سوف يعيد الطابع والهوية العمرانية لأقاليم مصر، بالإضافة إلى تحسين الصورة البصرية وبالفعل تم البدء في طلاء أبنية القاهرة الخديوية وتم البدء بمنطقة "وسط البلد" ثم "الكوربة بمصر الجديدة"، لافتًا إلى أن هذا القرار هام جدا وخاصة بعد انتشار تلك الأبنية بطول الطريق الدائري المؤدي إلى المتحف المصري الكبير ليس من المقبول أن يكون الطريق الرئيسي الموصل للمتحف الكبير بهذا القدر من القبح، لذلك تم وضع الخطة لعام 2019، مع أساتذة العمارة والتخطيط لاختيار الألوان المناسبة، والتي تستهدف طلاء جميع المباني الواقعة على طول الطريق الدائري والمحور كمرحلة أولى. وأشار أبو سعدة ، إلى توحيد ألوان المباني وكسوة الطوب الأحمر طبقا للمشروع القومي للهوية البصرية، الذي أعده خبراء وأساتذة العمارة والتخطيط بحيث سيكون لكل محافظة لونها الموحد الذي يتماشي مع هويتها وسوف يتم ذلك بالتنسيق مع المحافظين ببرنامج زمني محدد وتحديد الأماكن للبدء فورا. مظهر حضاري بينما يرى اللواء محسن النعماني وزير التنمية المحلية الأسبق، أن عدم طلاء المباني تعد من مخلفات البناء التي نص عليها قانون البناء، كذلك أن هذا تلك المباني انتشرت وبكثرة في المحافظات خاصة محافظة القاهرة، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة الهامة سوف تقضي على هذا المظهر غير الحضاري، والقضاء على هذا القبح الذي نراه. ولفت النعماني، إلى تأجير الوحدات السكانية دون استكمال شروط البناء الأمر الذي يعد مخالفا للقانون، ويمكن تصحيح هذا الوضع مثلما تم في رفع التعدي على الأراضي الزراعية للقضاء على مظهر تلك المباني والعقارات التي لم يتم طلاؤها، مؤكدًا أن هذا القرار سوف يساعد المحافظات أن تأخذ مظهرا حضاريا والقضاء على هذا التلوث البصري. إجراء قانوني وفي السياق ذاته.. يؤكد لنا المهندس خالد صديق المدير التنفيذي لصندوق تطوير المناطق العشوائية، ضرورة القضاء على هذا المظهر العشوائي من وجهات العمارات التي تم بناؤها في غفلة، وهذا القرار سوف يتيح لكل محافظة بها مدن وكل مدينة بها رئيس حي يعمل على تنفيذ هذا القرار للقضاء على هذا التشوه، وأن يكون كل حي مسئولا عن تنفيذ هذا التكليف في مدينته حسب الخطة الزمنية الموضوعة له، مضيفًا أن هذا الإجراء موجود بالفعل في قانون البناء وقانون التصالح للمباني المخالفة ولكنه لم يطبق، لذلك من الضروري تطبيق ذلك تحت مظلة هذا القانون وإذا لم يتم التفيذ لا يتم التصالح ويتم قطع المرافق الحيوية عنه واتخاذ إجراء قانوني حازم. وأضاف أن الصندوق سوف يسهم في تنفيذ هذا القرار بتصميم رسومات لتشطيب الواجهات من الناحية الفنية، على أن تكون التكلفة المالية على صاحب العقار أو السكان إذا شغلوا الوحدة السكنية بعد شرائها ، مطالبًا البرلمان بدراسة قانون البناء الجديد و مراعاة عدم استثناء المخالف ولا يتم التصالح معه. آليات التنفيذ يري الدكتور طارق عبد اللطيف أستاذ العمارة والتخطيط بجامعة القاهرة، فكرة جيدة هي توحيد طلاء المباني ولكن الأهم هو آليات التنفيذ فكان في السابق حيث قام محافظ القاهرة "يوسف صبري أبو طال" أصدر قرار بطلاء المباني الموجودة بوسط البلد ولكن كان التفيذ غير سليم دون آليات أو خطة تنفيذ، فهذا القرار خطوة هامة يعيد لنا المظهر الحضاري الذي كان يميز مصر في السابق، متسائلا: هل هذا القرار يختص فقط المبان الي على الطرق والشوارع الرئيسية أم الشوارع الداخلية أيضا؟ ولفت عبد اللطيف، إلى أن المشكلة التي تواجهنا هي ظهور العشوائيات في المباني حيث يقوم صاحب العقار بطلاء الواجهة المطلة على الشارع فقط وترك الواجهة الخلفية والجانبية، مشددًا على ضرورة تطبيق هذا القرار وتنفيذه بشكل حضاري محترف بإشراف ذوي العلم والخبرة دون ذلك سوف نعود إلى الخلف، خاصة الاهتمام بالمناطق العشوائية المطلة على الطرق الرئيسية، مع توفير التكلفة المالية التي يحتاجها هذا القرار وذلك لأن أعداد المباني على الطرق والمحاور كثيرة وسوف تأخذ وقتا ومجهودا وتكلفة مالية ضخمة بشكل احترافي للخروج بالنتيجة المطلوبة. قانون البناء الموحد ويضيف الدكتور حمدي عرفة أستاذ الإدارة المحلية وخبير استشاري للمناطق العشوائية، أنه طبقا للقانون رقم 119 لسنة 2008 المعروف باسم "قانون البناء الموحد" وتحديد من المادة 26 إلى المادة 37" تنص على أن تختص هيئة التنسيق الحضاري التابعة لوزارة الثقافة أن تحدد ألوانا موحدة لطلاء المباني، بحيث يوجد اختلاف في الألوان وأن تكون كل منطقة خلاف الأخرى، لافتًا إلى أن مجمل المحافظين لم يقوموا بتنفيذ ذلك على الرغم من أنه منصوص عليه في القانون ولكن لأنه لا ينص على عقوبة مترتبة على عدم التنفيذ، لذلك أصبح من الضروري الآن اتخاذ كل الأجراءات القانونية حيال ما لم يتم تنفيذ ذلك. وشدد عرفة، على ضرورة تبعية هيئة التنسيق الحضاري لوزارة الإسكان بدلا من الثقافة، وعلى لجنة الإسكان والإدارة المحلية أن يقوموا بذلك من خلال تعديل القانون رقم 119 لسنة 2008، لافتًا إلى أن ترك المباني بدون طلاء يدمر السياحة في مصر وتصنع نوعا من التلوث البصري وخاصة المباني الحكومية والتي منها على سبيل المثال "مبنى ماسبيرو" فلم يتم طلاؤه منذ إنشائه حتى الآن. تعاون وزاري وأشارعرفة، طبقا للإحصائيات 2016 تم حصر 3 ملايين و 240 ألف عقار مخالف، مشددًا على ضرورة تكاتف وتعاون كل الوزارت لتنفيذ هذا الملف ونجاحه بعمل لجنة مشتركة تضم ال"33" وزارة والتنسيق فيما بينهم لأن المحليات لا تستطيع أن تطبق ذلك بمفردها نظرا للإمكانات المادية، كذلك اختيار ألوان تناسب كل وزارة لمبانيها. قرار صائب ويتفق النائب عاطف عبد الجواد عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب مع ما سبق، بضرورة أن تأخذ كل محافظة طابعها من الطراز المعماري، قائلا: نعاني من تشوهات بالأبنية سواء الحكومية أو السكنية وأن قرار الرئيس السيسي بطلاء الواجهات بلون موحد يعد قرارا صائبا يقضي على ما نشاهده الآن من تشوه بصري، ففي جميع دول العالم يتم طلاء المباني بدهان موحد يتميز به كل شارع عن الآخر، ولكن نحتاج إلى مزيد من الدعم النقدي والتنسيق لتطبيقه بطريقة سليمة.