وصل الجنرال الهولندي، باتريك كامرت، كبير المراقبين المدنيين للأمم المتحدة المكلفين بتعزيز الهدنة في مرفأ الحديدة اليمني الإستراتيجي، أمس السبت، إلى عدن في جنوب البلاد، في آخر محاولات المجتمع الدولي لإرساء السلام في البلد الذي يقسّمه النزاع. وإلى صنعاء، وصلت مجموعة من ستة مراقبين (امرأتين وأربعة رجال) مساء السبت، على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة انطلقت من عمّان، بحسب مصور لوكالة فرانس برس. ومن المقرّر أن ينضم المراقبون إلى بعثة المراقبة في الحديدة في موعد غير محدد، حسبما ذكر مسئولون في مكتب الأممالمتحدة في صنعاء. ويأتي وصولهم غداة قرار مجلس الأمن الدولي بإجماع دوله، إرسال مراقبين مدنيين إلى اليمن بهدف تأمين العمل في ميناء الحديدة الإستراتيجي، والإشراف على إجلاء المقاتلين من هذه المدينة. وشاهد صحفي من فرانس برس، وصول الوفد الذي يقوده الجنرال كامرت إلى عدن، مقر الحكومة، التي تعترف بها الأسرة الدولية. وكان في استقبال الوفد الأممي، صغير بن عزيز، الذي يقود فريق الحكومة في اللجنة المشتركة مع المتمردين الحوثيين، والمكلفة تنظيم انسحاب القوات من الحديدة. والتقى الجنرال المتقاعد في عدن مسئولين في الحكومة المعترف بها دولياً، قبل أن يتوجه إلى صنعاء ثم إلى الحديدة، وفقا لمسئول يمني. وفي نيويورك، قال ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان، إنّ الجنرال كامرت "حضّ" الحكومة اليمنية والتحالف العسكري الذي يدعمها بقيادة السعودية على "تطبيق الهدنة التي دخلت حيّز التنفيذ في الحديدة، والتعاون لضمان نقل المساعدات الإنسانية" من هذا الميناء إلى سائر أنحاء البلاد. وخلال محادثاته في عدن، شدّد الجنرال كامرت، على أنّ "فشل أو نجاح اتفاقات السويد يتوقّف فقط على الطرفين اليمنيين"، وفقاً لبيان الأممالمتحدة. ومن المقرّر أن يزور الجنرال كامرت صنعاء، الأحد، لإجراء محادثات مع مسئولين حوثيّين، ثم ينتقل إلى الحديدة، حيث سيعقد أول اجتماع للجنة المشتركة بين طرفي النزاع، وذلك في 26 ديسمبر الجاري. ويسيطر المتمردون الحوثيون على الحديدة التي تعرضت لهجوم كبير من قبل القوات الحكومية التي يدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية. وتدخل عبر ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان، في بلد يواجه نحو 14 مليونا من سكانه خطر المجاعة، وفقا للأمم المتحدة. لكن جهودا دبلوماسية مكثفة وصلت ذروتها بعقد مباحثات سلام في السويد، أسفرت عن وقف القتال في المدينة الساحلية الإستراتيجية لتتفق الأطراف المتحاربة على هدنة دخلت حيز التنفيذ، الثلاثاء. كما صادق القرار الذي تبنته دول المجلس ال15، وأعدته المملكة المتحدة على ما تحقق في مباحثات السويد. ومن الممكن أنّ يتكون فريق المراقبة من 30 إلى 40 مراقبا بحسب دبلوماسيين، وهو مكلف بهدف "تأمين العمل في ميناء الحديدة الإستراتيجي والإشراف على إجلاء المقاتلين من هذه المدينة" الساحلية. ولكامرت تاريخ كبير في بعثات الأممالمتحدة، إذ قاد بين 2000 و2002 بعثة الأممالمتحدة في إثيوبيا وإريتريا. وفي 2005 تولى رئاسة بعثة الأممالمتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بعدما تولى مهمات مماثلة في كمبوديا والبوسنة والهرسك. "الاحترام الكامل للهدنة" والنص الذي عدل مرارا هذا الأسبوع بناء على طلب الولاياتالمتحدة وروسيا والكويت، "يشدد على الاحترام الكامل من جانب جميع الأطراف لوقف إطلاق النار الذي أعلن في محافظة الحديدة". ويجيز للأمم المتحدة "أن تعد وتنشر، لفترة أولية تمتد 30 يوما، اعتبارا من تاريخ تبني القرار، بعثة للبدء بعمل مراقبة" بقيادة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كامرت. واتهم التحالف، السبت، بحسب وسائل إعلام سعودية، المتمردين بانتهاك الهدنة 14 مرة خلال ال24 ساعة الماضية. بدوره، اتهم التمرد خصومه بإطلاق النار بشكل متقطع في الحديدة وحولها، ذلك في تصريحات نُشرت على موقع "أنصار الله"، جناحهم السياسي. واعتبر رئيس الوفد المفاوض عن المتمرّدين محمد عبدالسلام، ليل الجمعة، القرار الأممي "خطوة مهمة نحو وقف العدوان وفك الحصار"، في إشارة إلى التدخل العسكري بقيادة السعودية في 2015 لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والحصار المفروض على الموانئ البحرية والجوية في اليمن. من جهتها، جددت حكومة الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، في بيان أصدرته ليل الجمعة "التزامها بكل ما ورد في اتفاق ستوكهولم". وأكدت الحكومة في البيان "استعدادها الكامل للانخراط بكل إيجابية مع جهود المبعوث الأممي (مارتن غريفيث)"، كما شددت على "ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل". ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين المتمرّدين الحوثيين، والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً، بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء. وأوقع النزاع في اليمن منذ مارس 2015 أكثر من عشرة آلاف قتيل، بحسب منظّمة الصحة العالمية. إلا أن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تؤكد أن العدد الفعلي للقتلى يمكن أن يكون خمسة أضعاف الحصيلة المعلنة.