صرح الدكتور عادل عبدالغفار مدير«مركز الصفوة للإعلام والرأي العام»، أن المركز أعد دراسة علمية استهدفت تقييم دور الإعلام في مواجهة الإرهاب، وطرح رؤي مستقبلية تسهم في تفعيل دورالإعلام ومؤسسات الاتصال المباشرفي مواجهة الإرهاب، من خلال تحديد الأدوار المنوطة بكل منها في إطار إستراتيجية إعلامية واتصالية شاملة. شملت الدراسة التي أعدها مركز الصفوة للإعلام والرأي العام، تحليل نتائج 50 دراسة علمية وطنية وعربية وأجنبية، أجريت خلال الفترة من عام2000 حتي 2018، لتقييم تجارب الإعلام في مواجهة الإرهاب في مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية. خلصت الدراسة، إلي أن الإعلام المصرى خصص مساحات إعلامية كبيرة لتقديم تطورات ما تشهده البلاد من حوادث إرهابية، وقدم تغطية إعلامية واسعة لعمليات القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب، وعظمت وسائل الإعلام دور الجيش والشرطة في ضبط الإرهابيين، والقبض على الشخصيات النافذة فى التخطيط للعمليات الإرهابية، وتغطية جهود ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي كان يتم إعدادها لتنفيذ عمليات إرهابية، كما قدمت وسائل الإعلام تضحيات رجال الجيش والشرطة في مواجهة الإرهاب، وعظم الإعلام مكانة الشهداء وبطولاتهم للتضحية بأرواحهم من أجل الوطن. وأفردت وسائل الإعلام مساحات واسعة لتحليلات الخبراء وعلماء الدين، لتفسير دوافع سلوك التطرف والإرهاب، وأبرزت طبيعة التحالفات الإقليمية والدولية التي تستهدف استقرار مصر، وضرورة معالجة الإرهاب فى إطار نظرة شاملة لما تواجهه المنطقة برمتها من مخططات، وتنمية الوعى بسيناريوهات تمثل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومى المصرى والعربى فى حال تنفيذها. وركز الخطاب الإعلامى فى كافة وسائل الإعلام المصرية على ضرورة المواجهة الشاملة للإرهاب، وتجديد الخطاب الدينى، وتفعيل دور المؤسسات الدينية فى شيوع الفكر الإسلامى المعتدل. وكشف تحليل نتائج الدراسات المعنية بتقييم معالجة الإعلام المصري لحوادث وقضايا الإرهاب عن افتقاد بعض وسائل الإعلام للمبادئ المهنية فى التعامل مع صور الجثامين، وتقديم بعض المعالجات الإعلامية فيديوهات لعمليات الذبح والقتل البشع التي نفذتها المنظمات الإرهابية، ودعم نشر هذه الفيديوهات الحرب النفسية التى تنفذها هذه المنظمات الإرهابية، إضافة إلى التأثير السلبي للسبق الإعلامي على دقة ما ينشر من أخبار بشأن بعض حوادث الإرهاب التي شهدها المجتمع المصري، ونمطية أداء بعض وسائل الإعلام في معالجتها لقضايا الإرهاب، فضلا عن تضارب المعلومات والأخبار والقصص المتداولة أحيانا في تغطية حوادث وقضايا الإرهاب. كما كشفت الدراسة عن غياب إستراتيجية إعلامية متكاملة ترشد أداء الإعلام المصري في تناول قضايا الإرهاب، والافتقار إلي كود مهني يرشد أداء الإعلاميين في التعامل مع قضايا الإرهاب، وهو ما تسبب - حسب ما أشارت إليه بعض الدراسات- في ارتجالية الأداء الإعلامي في بعض الأحيان، بالإضافة إلي عدم وجود دليل تقييم مهني يستند إلي المعايير المهنية، تعتمد عليه المؤسسات الإعلامية في تقييم أداء الإعلاميين في معالجة قضايا الإرهاب، وغياب الرصد الدقيق لما ينشر ويبث عن الإرهاب في وسائل الإعلام، بما يعكس الحاجة الماسة لمرصد إعلامي يعني برصد وتقييم المحتوي الإعلامي المرتبط بالإرهاب. طالبت الدراسة بإعداد إستراتيجية متكاملة توضح الأدوار المنوط بوسائل الإعلام القيام بها للتصدي للإرهاب، إلي جانب تحديد المهام المنوط بكافة الجهات الرسمية ومؤسسات الاتصال المباشر القيام بها لضمان مشاركتها الفعالة في مواجهة الإرهاب مثل: المساجد والكنائس والجامعات والمدارس والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الشباب. وأكدت الدراسة ضرورة إعداد « دليل مهني» يرشد أداء الإعلاميين في التعامل مع حوداث وقضايا الإرهاب، وأهمية تأسيس مرصد قومي يعني برصد وتحليل المحتوى الإعلامي المتعلق بالإرهاب. وقدمت الدراسة التي أجراها فريق خبراء الإعلام بالمركز، ضم كلًا من، الدكتور عمرو عبدالحميد، مدرس الإعلام بجامعة بني سويف، والدكتور خالد زكي، مدرس الإعلام بجامعة القاهرة، بإشراف الدكتور عادل عبدالغفار، أستاذ الإعلام والرأي العام بجامعة القاهرة، مدير مركز الصفوة للإعلام والرأي العام، مقترحا بالعناصر الأساسية التي يجب أن تتضمنها الإستراتيجية الإعلامية، الدليل المهني، المرصد الإعلامي، دليل مؤشرات تقييم الأداء. إستراتيجية إعلامية متكاملة: أشارت الدراسة، إلي أن الهدف الرئيسي للإستراتيجية الإعلامية المقترح إعدادها يتمثل في تفعيل دور الإعلام وكافة مؤسسات الاتصال المباشر بالمجتمع المصري في مواجهة الإرهاب، من خلال تصور واضح يحدد الأدوار المطلوب القيام بها لمكافحة الإرهاب، بما يسهم في توعية الجمهور بمخاطر الإرهاب، ويرسخ قيم التسامح والاعتدال في وجدان الشخصية المصرية، ويحفزها للتصدي للأفكار المتطرفة، ويشجعها علي تقبل التحديث التطوير، ويضمن تكامل الجهود الرسمية وغير الرسمية في التصدي للإرهاب. فعلي مستوي الإعلام، من الضروري أن تشمل الإستراتيجية قائمة محددة بالبرامج التفصيلية المنوط بالإعلاميين القيام بها في إطار الأدوار المحددة لهم، وكذلك آليات التنفيذ، كما تتضمن الأساليب المبتكرة التي يمكن للإعلاميين الاعتماد عليها في مخاطبة الرأي العام علي نحو يؤسس لثقافة مجتمعة تدعم قيم التسامح والاعتدال، وتنبذ الإرهاب، وتحارب التطرف بمختلف صوره. وعلي مستوي الرأي العام، ينبغي أن تتضمن الإستراتيجية عرضًا للتجارب البناءة لشعوب العالم في محاربة الإرهاب، وآليات عملية مبتكرة من شأنها تحفيز الرأي العام لمساندة الدولة في حربها ضد الإرهاب، وعرضًا لأساليب فنية يمكن من خلالها مساعدة الرأي العام في التصدي لدعوات التطرف التي تطلقها التنظيمات المتطرفة عبر الإنترنت. وعلي مستوي مؤسسات الاتصال المباشر، تحدد الإستراتيجية الأدوار المنوط القيام بها من جانب مؤسسات الاتصال المباشر «المساجد، الكنائس، المدارس، الجامعات، النقابات، منظمات المجتمع المدني، مراكز الشباب، مراكز الاستعلامات...إلخ» للتصدي للإرهاب، كما تشمل الإستراتيجية أساليب مبتكرة تستخدمها المؤسسات الرسمية في التواصل مع الرأي العام، لضمان دعمه ومساندته لها في إطار مواجهة الإرهاب، بالإضافة إلي «دليل إرشادي» يساعد المؤسسات الرسمية في كيفية مخاطبة الرأي العام العالمي بشأن التحديات التي تواجهها مصرفي حربها ضد الإرهاب. وتتضمن الإستراتيجية الرسائل الإعلامية المتنوعة، التي تدعم الدولة في مواجهة الإرهاب، كما تتضمن تصورًا لكيفية توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب. وعرض فريق الخبراء بالمركز مجموعة الخطوات الإجرائية المطلوبة لإعداد الإستراتيجية الإعلامية، ومنها إجراء دراسات تحليلية لمضامين الإرهاب في وسائل الإعلام المختلفة، وتحليل مضمون عينة من صفحات الجماعات المتطرفة المنتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي، لرصد إستراتيجياتهم الإعلامية في التأثير علي الرأي العام، للمساعدة في صياغة إستراتيجيات مضادة لها، علي نحو يحصن الجمهور بوجه عام، والشباب بوجه خاص لعدم الانسياق وراء دعوات التجنيد في صفوف الجماعات المتطرفة، إلي جانب إجراء مجموعات نقاش متعمقة مع خبراء الإعلام حول تقييمهم الفني لأداء الإعلام المصري في مواجهة الإرهاب. دليل مهني لترشيد أداء الإعلام في مواجهة الإرهاب: أوضحت الدراسة، أن الدليل المهني يشمل مجموعة المبادئ المهنية التي ترشد أداء الإعلاميين في تغطية حوادث الإرهاب، سواء علي مستوي المبادئ المهنية الحاكمة لنقل تفاصيل الحادث الإرهابي، أو المهارات المهنية الخاصة بتعامل الإعلاميين مع مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ما يتعلق بالإرهاب، أو آليات تعامل الإعلاميين مع صور الجثامين والمصابين، وكيفية تعامل الإعلاميين مع المصابين والناجيين من الحادث، وآليات التعامل الإعلامي مع أهالي وأقارب منفذي العمليات الإرهابية، ومهارات التعامل مع التسجيلات والمشاهد الدموية والتهديدات التي تبثها الجماعات الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو وسائل إعلامها. وتضمنت الدراسة مجموعة الخطوات الإجرائية والتنفيذية المطلوبة لإعداد الدليل المهني، منها تحليل مضمون عينة من الدراسات العربية والأجنبية التي اهتمت بتحليل الأداء المهني للإعلام في معالجة قضايا الإرهاب، بهدف الاستفادة من المعايير التي انتهت إليها هذه الدراسات، سواء كانت معايير خاصة بكيفية نقل الحادث الإرهابي، أو بالتعامل مع صور الجثامين والمصابين، أو معايير خاصة بأداء الإعلامي ذاته، إلى جانب تحليل الأدلة المهنية المنظمة للأداء الإعلامي بوجه عام، أو تلك المعنية بمهنية الأداء الإعلامي في تغطية حوادث الإرهاب، أو النزاعات، أو الحروب، في أغلب دول العالم، وكذلك إجراء مجموعات نقاش متعمقة مع خبراء الإعلام لاستخلاص رؤاهم بشأن المبادئ المهنية المقترحة لترشيد أداء الإعلام في تناول قضايا الإرهاب. مرصد إعلامي لحوادث وقضايا الإرهاب: حددت الدراسة مهام المرصد الإعلامي في رصد التجاوزات المهنية، ووضع الإجراءات التصحيحية الواجب اتباعها لتفادي التجاوزات المهنية في معالجة قضايا الإرهاب. وتضمنت الدراسة تصورًا لأبرز وحدات المرصد، ما بين وحدة « السوشيال ميديا»، وحدة دراسات وبحوث الرأي العام، وحدة التواصل مع مختلف القطاعات، وحدة تقييم وتطوير الأداء، ولكل وحدة من هذه الوحدات عدد من الأدوار المصحوبة بأنشطة تنفيذية وبرامج تفصيلية مجدولة زمنيًا. وقدمت الدراسة مجموعة الخطوات الإجرائية لتأسيس المرصد، منها: تحليل التجارب العربية والإقليمية والدولية في تأسيس المراصد الإعلامية عامة، والمنوطة بقضايا الإرهاب خاصة، إلي جانب إجراء مقابلات متعمقة مع خبراء الإعلام لاستخلاص رؤاهم بشأن آليات عمل المرصد. دليل مؤشرات لتقييم تناول حوادث وقضايا الإرهاب: يتضمن الدليل مؤشرات عملية، واضحة، محددة، قابلة للقياس، يمكن للجهات المنوطة بتنظيم شأن الصحافة والإعلام، الاستناد إليها في تقييم معالجة الإعلام المصري لقضايا الإرهاب. وعرضت الدراسة مجموعة الخطوات الإجرائية لإعداد دليل المؤشرات، منها تحليل عينة من الدراسات والبحوث العربية والأجنبية التي عنيت بتقييم معالجة وسائل الإعلام لقضايا الإرهاب في مختلف الدول، بهدف الاستفادة من المؤشرات التي اعتمدت عليها في القياس، وكذلك إجراء دراسة تستهدف تحليل أدلة تقييم الأداء الإعلامي في عدد من دول العالم، إلي جانب إجراء مقابلات متعمقة مع خبراء الإعلام لاستخلاص رؤاهم بشأن المؤشرات المقترحة التي يمكن الاعتماد عليها في تقييم الأداء الإعلامي حول قضايا الإرهاب. من جانبه، أوضح الدكتور عادل عبدالغفار، أستاذ الإعلام والرأي العام بجامعة القاهرة، مدير مركز الصفوة للإعلام والرأي العام، أن هذه الدراسة سعت لتقديم حلول تنفيذية مبتكرة من شأنها تفعيل دور الإعلام وكافة مؤسسات الدولة في التصدي للإرهاب، ومواجهة دعوات التطرف التي تطلقها الجماعات الإرهابية عبر صفحاتها علي مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف مدير المركز، أن هذه الدراسة تأتي انطلاقًا من سياسة المركز الهادفة لتقديم حلول جادة تمكن الإعلام من القيام بأدوار أكثر فعالية في مواجهة التحديات التي تواجه المجتمع المصري، وفي القلب منها قضية الإرهاب التي تطرح نفسها على المشهد السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في مصر. وأكد عبدالغفار، أن المركز بصدد الإعلان عن عدد من الدراسات خلال الفترة المقبلة، التي تطرح حلولًا تنفيذية لترشيد أداء الإعلام في مصر، وتمكنه من مخاطبة الرأي العام بأساليب جديدة ومبتكرة، اعتمادا علي ما يضمه المركز من الخبراء المتخصصين في مجالات الإعلام والرأي العام المختلفة. جدير بالذكر، أن مركز الصفوة للإعلام والرأي العام يقدم خدماته للمؤسسات المختلفة، لمساعدتها في تطوير أدائها، ودعمها فى تحقيق معايير الجودة العالمية المطلوبة، من خلال تقديم الاستشارات الإعلامية وتحليل اتجاهات الرأي العام، دعم الإدارة الإعلامية للأزمات، إجراء بحوث وسائل الإعلام وجمهورها، تنمية مهارات العمل الإعلامي والعلاقات العامة، تحليل صورة الدول والشعوب بوسائل الإعلام الدولية، إعداد الإستراتيجيات الإعلامية، دراسات جدوي وهيكلة المؤسسات الإعلامية، الإنتاج الإعلامي.