بمناسبة الاحتفال بيوم الأممالمتحدة يوم 24 أكتوبر الحالي، وهو تاريخ بدء إنفاذ ميثاق الأممالمتحدة عام 1945، وبتصديق معظم الأعضاء على تلك الوثيقة التأسيسية، بمن فيهم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، ظهرت الأممالمتحدة إلى الوجود، وبهذه المناسبة أعدت الأممالمتحدة سلسلة لقاءات خاصة ل"بوابة الأهرام" مع كبار ممثليها في مصر. وهذا هو الحوار السابع، وكان مع ممثل يونيسف في مصر برونو مايس. في 2018، أطلقت يونيسف برنامجًا قُطريًا جديدًا 2018 – 2022، يوفر إطارًا لعمل منظمة الأممالمتحدة للطفولة والأمومة (يونيسف) مع الحكومة المصرية للسنوات الخمس المقبلة، بالتوازي مع إستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، والتي ترسم طريقًا للتنمية المستدامة، وفي هذا الحوار يلقي برونو مايس ممثل يونيسف في مصر الضوء على أولويات عمل المنظمة الأممية في مصر. وضع البرنامج القُطري للتنمية يمثل لحظة مفصلية ل"يونيسف" في مصر.. كيف قدت هذا العمل؟ كانت عملية تصميم ووضع تفاصيل وثيقة البرنامج القُطري التي تلبي أولويات مصر والتزاماتها الدولية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للألفية ورؤية مصر 2030، وكذلك أهداف يونيسف الدولية، عملية طويلة بدأت في 2016. استندت هذه العملية بالأساس إلى التشاور مع عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية مثل وزارات التربية والتعليم والتعليم الفني، والشباب والرياضة، والصحة والسكان، والمجالس القومية للطفولة والأمومة، والسكان، والمرأة، فضلًا عن المؤسسات الدينية، وهم جميعًا شركاء أساسيون في تنفيذ البرنامج القُطري للتنمية. لقد خططنا وأكملنا وضع البرنامج بدعم مع كافة الشركاء المصريين ذوي الصلة، والزيارة الناجحة لمجلس يونيسف التنفيذي في مايو 2017، الذي كان لموافقتهم على مقترحاتنا بشأن البرنامج القُطري للتنمية دور أساسي. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية من 2018، تواصل أعضاء يونيسف من خلال اجتماعات ومناقشات مكثفة مع نظرائهم من ذوي الصلة، انتهت بالتوقيع على خطة العمل نصف السنوية مع حوالي 15 من شركائنا الحكوميين. لقد تطورت تلك الشراكات عبر سنوات ومن خلال برامج قُطرية سابقة، واليوم يسعدنا البناء على ما سبق للتعاطي مع الأولويات الجديدة وتلك القائمة من قبل والموضوعة من قبل الحكومة المصرية. تواجه مصر مجموعة من التحديات، خاصة فيما يتعلق بالأطفال.. كيف تقيمون الاحتياجات؟ يعيش في مصر أكثر من 100 مليون مواطن، منهم 13 مليون طفل (بالتحديد 12.9 مليون) ما دون الخامسة بحسب التعداد السكاني لعام 2017؛ ومع الانفجار السكاني، فإن هذا الرقم مرشح للزيادة. وتواجه مصر تحديات متعددة، مثل تبعات الانفجار السكاني، وضعف نوعية الخدمات الصحية، مما كان له تأثير سلبي على حالة الأطفال المعرضين للخطر. ومع ذلك، أوجدت مصر خلال العقدين الماضيين تطورًا مستدامًا؛ وذلك في التدابير المتعلقة بتنمية الطفولة المبكرة، بما في ذلك تطور الخدمات الصحية، وكذلك تأسيس إدارة للتعليم ما قبل المدرسي في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، والتي توجه التوسع في جودة التعليم للأطفال ما بين 4 إلى 5 سنوات، يضاف إلى هذا الجهود الحالية لتطوير الإستراتيجيات القومية الهادفة لرفاه الطفل والأسرة، علاوة على أن الدمج الاجتماعي سيكون قطعًا من أولويات عمل يونيسف بقدر ما هو مهم بالنسبة للحكومة المصرية. فيما يتعلق بالدمج الاجتماعي.. على أي الجوانب تركز يونيسف في عملها؟ تدعم يونيسف نظام التقييم والمتابعة لبرنامج تكافل وكرامة للدعم النقدي، الذي تقوده وزارة التضامن الاجتماعي، فهو في صلب أولوياتنا خلال العامين التاليين، ومستمرون في الاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال، ضمن تعاون الجنوب – الجنوب، مع مؤسسات من البرازيل على سبيل المثال، كما أن استخدام منصات التكنولوجيا الحديثة مثل تطبيق الهواتف الذكية الذي اطلقته مصر EgySDGInfo، وكذلك مرصد أهداف التنمية المستدامة الذي يتابع تطورها هو مشروع رئيسي مستمر مع شركائنا في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وستكون أولوية عملنا خلال العامين المقبلين في مجال الحماية الاجتماعية هي التركيز على بدء ومساندة التدخلات القائمة على الابتكار، والتي تساهم في إتاحة البيانات والتحليلات، من أجل صنع قرارات أكثر شمولًا وإنصافًا، كما سندخل مجالًا جديدًا هو المالية العامة للأطفال، بالتعاون مع وزارة المالية للمرة الأولى. ماذا عن القضايا الأساسية الأخرى: سوء التغذية وحماية الأطفال؟ على صعيد بقاء الأطفال ونموهم، نريد مواجهة العبء المزدوج لسوء التغذية؛ حيث يعاني 21% من الأطفال من التقزم، و15% يعانون من السمنة، إضافة لانخفاض معدل الرضاعة الطبيعية المطلقة للأطفال دون 6 أشهر (13% فقط)، وكذلك انخفاض معدل الاستعداد المدرسي. تشجع يونيسف على اتباع منهج متعدد المجالات فيما يتعلق بتنمية الطفولة المبكرة؛ حيث نقوم بالتوعية لتنمية الطفولة المبكرة كمنهج شامل، يحتل مكانًا مهمًا في أجندة الحكومة المصرية، ولتنمية الطفولة المبكرة أولوية في كافة تدخلات يونيسف في الصحة والتغذية والتعليم وحماية الطفل. وسيكون تطوير معايير التعلم المبكر وتنمية الطفل من خلال تنسيق متعدد القطاعات حجر الزاوية في العامين المقبلين مع العديد من الشركاء. كما أن إنهاء العنف ضد الأطفال بحاجة إلى تدخلات متكاملة، وله أولوية من أجل خفض القبول المجتمعي لكافة أشكال العنف ضد الأطفال في المنزل والمدرسة والمجتمع، وكما نعرف جميعًا فإن العقاب البدني التأديبي منتشر، بالإضافة إلى انتشار ممارسات عنف أخرى مثل ختان الإناث والتي تطال 61% من الفتيات في عمر ما بين 15 إلى 17 عامًا، وهو ما يستلزم معايير حماية وإستراتيجية تطوير لآليات الحماية والتي تشمل تقوية النظم القانونية وكذلك السياسات، إضافة لنظام قضائي صديق للأطفال، وقوة عمل من المتخصصين الاجتماعيين لحماية الأطفال من العنف، بما في ذلك الأطفال في حالة نزوح، وتدعم يونيسف المجلس القومي للطفولة والأمومة في قوة العمل الوطنية؛ لإنهاء العنف ضد الأطفال، ونرصد معًا إطار العمل الوطني الذي أطلقه المجلس القومي للطفولة والأمومة، هذا العام. وأخيرًا وليس آخرًا.. يواجه قطاع التعليم تحديات كبيرة.. ما تدخلات يونيسف؟ ينطلق منهج يونيسف في التعلم من الوضع الديموغرافي القائم الذي تزداد فيه أعداد النشء، وعلى الرغم من التطور اللافت في مصر في الوصول للتعليم، فعلى الأرجح لا يزال غالبية الأطفال الأكثر احتياجًا خارج التعليم، كما أن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يزالون يعانون صعوبة الوصول للتعليم، مع تزايد الضغط على النظام التعليمي الذي يستوعب أيضًا أعدادًا متزايدة من النازحين واللاجئين. كذلك فإن جودة التعليم ما زالت تمثل تحديًا قائمًا، واسترشادًا بالمبادرة الإقليمية للمهارات الحياتية وتعليم المواطنة، تفخر يونيسف بأن تكون جزءًا من إستراتيجية التعليم الجديدة التي أطلقها معالي وزير التربية التعليم، وأشار في ذلك إلى برنامج إصلاح التعليم 2.0، وعلاوة على ذلك، فإن نموذج التعليم الدامج الذي تقوده الوزارة وتدعمه يونيسف ما زال مستمرًا في التطور والتوسع في المزيد من المدارس الحكومية بدعم من الاتحاد الأوروبي، ويستهدف عملنا أيضًا بناء القدرة على التوظف، وريادة الأعمال والمهارات الحياتية بين الشباب والنشء، بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة. وستستمر يونيسف في تشجيع استخدام التدخلات المبتكرة بالشراكة مع الحكومة المصرية، للتعاطي مع الأولويات التي سبق أن ذكرتها، مع استمرارنا في التواصل والتوعية حول وضع وحقوق الأطفال. رسميًا بدأنا العام الجاري 2018، تنفيذ برنامجنا القُطري للسنوات الخمس المقبلة، للعمل بالتعاون مع الوزارات والمجالس ومنظمات الأممالمتحدة المعنية والشركاء التنمويين لخلق تأثير فوري ومستدام في حياة غالبية الأطفال الأكثر احتياجًا في مصر.