قليلون من يتركون أثرًا في الدراما التلفزيونية، خصوصًا في السنوات الأخيرة نظرًا لتطور الموضوعات والأفكار التي تخطت الصندوق التقليدي للدراما، لكن بقي هو وحده مغردًا بمفرده في هذا السرب كلما قدم عملا تزداد شعبيته جماهيريًا ويجتمع على محبته كثيرون من مراحلهم العمرية مختلفة. خالد صالح الذي بقي محافظًا على هيبة الدراما التلفزيونية واحترامه لجمهوره الذي أرتبط بأعماله التي كان فيها واحدًا أصيلًا منهم حتى بات هو النجم صاحب مدرسة الأداء الخاصة في تقديم شخصيات "رجل البلد" بمختلف تكويناته بين الطيب والشرير وخفيف الظل وآخرى. غياب مؤثر افتقدت الدراما المصرية على مدار الثلاث أعوام الماضية كثيرا من مذاقها الساحر الذي كان الراحل يضفيه على الأعمال التي كان يقدمها في كل عام، فمنذ رحيل خالد صالح في مثل هذا اليوم اختفى نمط الشخصيات التي كان يلعب عليها الراحل والتي كان أبرزها ينصب نحو قصص صعود وتكوين النجاحات التأسيس لرأس المال باختلاف المهن التي تقمصها وكان من بين هذه الأعمال شخصية "الريان" التي قدمها في مسلسل يحمل نفس الاسم عن حياة صاحب البلاط الإقتصادي الأضخم في التاريخ أحمد الريان والذي منحه أداءً خاصًا جمع بين الرومانسية والتحدي والطموح جعل الكثيرين يتعاطفون مع الشخصية الحقيقية. واستكمل صالح ملحمته في تقديم أدوار الرجل العصامي كما في مسلسل "سلطان الغرام" والذي لعب فيه دور الرجل المكافح الذي يبدأ من الصفر بعد عمله كسواق نقل ونجح في تكوين ثروة هائلة، أو "يوسف" كما في مسلسل "بعد الفراق" ذلك الصحفي المكافح الذي يقع في فخ نشوة صاحبة الجلالة فيترك حبيبته التى كانت أقل منه على المستوى التعليمي، لكن يظل نادماً على ذلك في سنوات عمره المقبلة، إلى أن يعود إليها في نهاية الأحداث وغيرها من الأدوار التي حقق فيها نجاحًا كبيرًا بالتلفزيون كما في مسلسلات أحلام عادية، تاجر السعادة، فرعون. ويبدو أن دخول الراحل الساحة الفنية في مرحلة عمرية متقدمة بشكل إحترافي بعد سنوات قضاها في بداية حياته بالعمل في مسارح الدولة تركت لديه قدرًا كبيرًا من الخبرة الحياتية التي جعلته يتعامل مع أدواره بشكل أكثر تلقائية وبساطة خصوصًا وأن الفترات الأولى من حياته قضاها في العمل في أعمال خاصة من خلال مشروع الحلوى الصغير الذي بدأه مع عائلته وتحول إلى مصنع لصناعة الحلويات فيما بعد ما يشير لقصة صعود حقيقية عاشها صالح كان لها بالغ الأثر في اختياراته خصوصًا على مستوى الدراما التلفزيونية. خبرة أهلت للنجومية الخبرات التي اكتسبها خالد صالح خلال عمله الأول في المسرح أهله لتقديم أدوارًا متنوعة لكونه المدرسة الثانية التي يكسر فيها الفنان كثيرا من الحواجز والرهبة ويتعلم فيها العديد من الفنون مما يتوازى مع المدرسة الأولى التي تعلم فيها صالح الكثير "مدرسة الحياة" ما ساهم في زيادة الصدق وعدم المبالغة في الأدوار التي قدمها الراحل خصوصًا في عالم السينما الذي انتهج فيه نهجًا مختلفًا عن التلفزيون باقتحام كثير من الأدوار الجرئية غير النمطية. من بين هذه الأدوار شخصية "رفعت السكري" في فيلم "تيتو": ضابط الشرطة الفاسد، الذي يحاول استغلال منصبه واستخدام "تيتو" في تخليص صفقات غير مشروعة له، وهو الدور الذي كان البوابة الحقيقة للتعارف بين النجم الراحل خالد صالح وجمهوره الذي أشاد به في تجسيد أدوار الشر، و"ذكري" في فيلم "كف القمر" الابن الأكبر ل "قمر" ضمن أربعة أبناء أخرى، ترك بلدته وذهب للعمل في القاهرة، ليعمل في تجارة السلاح والمقاولات، وفتحي" في فيلم "الحرامي والعبيط" حيث دور المعاق العبيط الذي يستغله صديقه "صلاح روسي" في الحصول على قرنيته ثم يبيع أعضاءه البشرية للكسب من ورائه، وتألق الراحل في تقديم شخصية العبيط بما تحويها من لغة جسد خاصة كرعشة الأيدي أو "حول عينيه" وابتسامته البلهاء، وكأنه معاق حقيقي وليس مجرد فنان يؤدى دوره. أما الدور الأبرز في مشوار صالح السينمائي فيتمثل في شخصية أمين الشرطة "حاتم أمين" في فيلم "هي فوضي" والتي تجاوز بها الشكل التقليدي لتقديم هذا النموذج، ورغم أن هذه الشخصية كرهت الكثيرين فيه بسبب وحشيتها إلا أنها زادت في ميزان نجومية الراحل. خالد صالح الرجل الذي خلق من أجل فنه.. لم يكن الفتى الوسيم الذي تنجذب حوله الفتيات بل صنع من ملامحه المتواضعة حالة حب وارتباط بينه وبين جمهوره الذي وضعه فى المرتبة الأولى بقائمة نجومه المفضلين، وكان حريصاً على متابعته أينما ذهب في السينما أو التلفزيون، ولعله كان النجم الأكثر دهاء بين نجوم جيله، فلم يترك نفسه أسيراً للانحصار في أدوار الشر مثلاً، والتي خلقت له بوابة التعارف والدخول الرسمي لقلوب مشاهدي عقب الدور الذي قدمه في فيلم "تيتو"، لكنه كان حريص التلون ك"الحرباء". يبقى خالد صالح واحدا من القليلين الذين تَركوا بصمتهم في الوسط الفني بقوة، ولعل نجله أحمد الذي بدأ في الظهور مؤخرًا من خلال عدد من الأعمال كان آخرها مسلسل "نسر الصعيد" مع محمد رمضان الذي عرض في رمضان الأخير يكون هو همزة الوصل التي تجعل الراحل حاضرا في عقول وقلوب محبيه، وإن كان لن يسقط من ذاكرتهم أبدًا. أحمد خالد صالح خالد صالح خالد صالح خالد صالح خالد صالح و أحمد خالد صالح خالد صالح