عقد عدد من أبناء قبيلة الغفران مؤتمرًا صحفيًا في نادي الصحافة السويسري بجنيف، لاستعراض نتائج تحركاتهم في الدورة ال39 لمجلس حقوق الإنسان، تحدثوا خلاله عن الانتهاكات الممنهجة التي مارستها ضدهم السلطات القطرية. وتحدث أبناء القبيلة خلال شهاداتهم في المؤتمر الصحفي عن الانتهاكات التي قام بها النظام القطري ضدهم، بدءًا من طردهم من أعمالهم وطرد أطفالهم من المدارس وحرمانهم من التعليم، مرورًا بمنعهم من ممارسة حقوقهم المدنية والحصول على تعليم أو رعاية صحية، وانتهاءً بإسقاط الجنسية عن كل أبناء القبيلة البالغ عددهم 6 آلاف نسمة وطردهم قسريًا خارج البلاد. ومن بين الحاضرين في المؤتمر، جابر صالح الغفراني، وهو من قادة القبيلة المُسقطة عنها الجنسية، الذي أكد في شهادته أن أحدًا لم يسلم من الظلم الذي أوقعته السلطات القطرية على أبناء قبيلته، وتضمنت الانتهاكات ضدهم منعهم من كل سُبل العناية الصحية والتعليم والعيش الكريم؛ بداية من عام 1996 عندما تم القبض على 21 ضابطًا من أبناء القبيلة بتهمة المشاركة في عدد من المحاولات لاسترجاع شرعية الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بعد الانقلاب الشهير الذي قام به والد "تميم" الشيخ حمد بن خليفة. وأكد جابر في شهادته، أنه على الرغم من أن قبيلة الغفران لم تكن وحدها في هذه المحاولات، إلا إن النظام القطري أفرج عن أكثر من 100 شخص من قبائل وخلفيات أخرى، وبقيت القبيلة تعاني وحدها من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والمرأة والطفل. وأضاف قائلاً: "ما تفعله السلطات القطرية هو أمر لم نشهده من قبل، ولم نسمع عن حدوثه في أي بلد في العالم". وفي شهادة أخرى، قال حمد خالد الغفراني، إنه اضطر لمغادرة بلده قطر، وهو في التاسعة من عمره، ومنذ ذلك الوقت وهو يعيش بالإمارات غير قادر على العودة لبلاده مرة أخرى. وتابع حمد قائلاً: "لم يخبرنا أحد لماذا أجبرونا على ترك بلادنا، ولم يساعدنا أحد برغم أننا نخبر الجميع عما نتعرض له." أما جابر حمد العرق، فقد شرح كيف أجبرته السلطات القطرية على ترك بلاده، بعد أن طردته من عمله بشركة قطر للبترول عام 2003؛ فقط لأنه كان ينتمي لقبيلة الغفران. وأكد عدد آخر من القبيلة في شهاداتهم أن كل أبناء القبيلة كانوا يعانون على مدار السنوات الأخيرة، أيًا كان القرار الذي اتخذوه سواء بالبقاء في قطر أو مغادرتها. وتابع: "كلنا عانينا من التهجير والفصل وإسقاط الجنسية وحتى الاعتقال والتعذيب.". ومن بين المشاركين في المؤتمر - والذين أدلوا بشهاداتهم ضد الظلم القطري - عبدالهادي المري، محمد بن هادي المري، جابر راشد المري والطفل محمد المري، الذي أكد أن جنسيته أسقطت عنه، بينما لم يبلغ عمره عام واحد. وفي مبادرة لتولي قضية أبناء الغفران والمطالبة بحقوقهم دوليًا، تقدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمذكرة بشأن الانتهاكات القطرية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وطالبت فيها بعدد من المطالب البسيطة والمشروعة لاستعادة حقوقهم: وجاءت المطالب في نص المذكرة كالتالي: "تعرضت قبيلة "آل غفران" لسلسلة من الانتهاكات الفظيعة من قبل الدولة القطرية. لقد انتهكت السلطات القطرية عددًا من الحقوق الأساسية والصكوك الدولية لحقوق الإنسان بشكل صارخ، بما يتعارض مع التزاماتها الدولية ومسئوليتها الأخلاقية كدولة. قررت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تبني قضية "آل غفران" للتعريف بقضيتها العادلة ومساعدتها في استعادة حقوقها المسروقة. تسرد المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في هذا التقرير عددًا من الانتهاكات الكبرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الدولة القطرية ضد الآلاف من أفراد قبيلة آل غفران. الحق في الجنسية: تنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) على ما يلي: (1) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما. (2) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفًا أو إنكار حقه في تغييرها. يعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أحد أهم وثائق حقوق الإنسان وهو العنصر المؤسس للقانون الدولي لحقوق الإنسان. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ملزم أخلاقيًا لجميع الدول بما فيها قطر. وقد مارست الحكومة القطرية منذ عام 1996 شكلاً من أشكال العقاب الجماعي ضد قبيلة "آل غفران" بسبب الدعم الذي قدمه بعض أعضائها إلى أمير خليفة آل ثاني عندما أطاح به ابنه وخليفته حمد بن خليفة من العرش. وينطوي العقاب الجماعي على إلغاء جنسيات 800 عائلة غفارانية (أكثر من 6000 شخص). وقد حُرموا جميعهم من حقوق المواطنة وتمت مصادرة ممتلكاتهم. إن مثل هذا النوع من الحرمان التعسفي من حقوق الجنسية والمواطنة لا يمكن أن يظل قائمًا لأن الآلاف من "آل غفران" لا يزالون عديمي الجنسية داخل قطر، وفى الدول المجاورة في منطقة الخليج. التهجير القسري: يعتبر الترحيل القسري أو تهجير السكان، على نطاق واسع، جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي. جردت الدولة القطرية منذ عام 1996 جنسيات ما لا يقل عن 6000 شخص من "آل غفران" وطردتهم من البلاد بعد مصادرة ممتلكاتهم. إن طرد 6000 من "آل غفران" من حوالي 8000 يعيشون في قطر لا يمكن اعتباره سوى عملية تهجير قسري منهجي. تعتبر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هذه السياسات بمثابة إجراءات إجرامية تجعل الجناة مؤهلين للمساءلة القانونية. انتهاكات اتفاقية حقوق الطفل تنص المادة 8 من الاتفاقية على ما يلي: 1- تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته، بما في ذلك الجنسية والاسم والعلاقات الأسرية، كما يقرها القانون دون تدخل غير قانوني. 2. إذا حرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته، تقدم الدول الأطراف المساعدة والحماية المناسبة، بهدف إعادة إثبات هويته بسرعة. لقد حرمت دولة قطر- التي تصادف أن تكون طرفًا في الاتفاقية - الآلاف من أطفال "آل غفران" من الحق في الهوية والجنسية التي نصت عليها المادة 8 من الاتفاقية. إن إلغاء قطر لجنسيات أبناء "آل غفران" يشكل خرقًا لالتزامهم بالمعاهدة، ويجب أن يكون الإبلاغ عنها وتوثيقها من قبل لجنة الاتفاقية حتى يمكن اتخاذ إجراء." كانت قبيلة الغفران قد تقدمت بشكوى رسمية للمفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، صباح الاثنين 17 سبتمبر، بالمقر الرسمي بجينيف. وطالب أبناء القبيلة في شكواهم، بضرورة إيقاف انتهاكات نظام تميم في قطر ضد القبيلة وكل أبنائها في قطر. مشددين على أنهم منذ عام 1996 وحتى الآن يتعرضون بشكل همجي إلى أسوأ وأبشع جرائم التمييز العنصري والتهجير القسري والمنع من العودة إلى وطنهم والسجن وأعمال التعذيب التي أدت إلى الأمراض النفسية والوفاة داخل سجون الاستخبارات القطرية. كما ناشد أبناء العشيرة القطرية المفوضة السامية للأمم المتحدة في شكواهم بالوقوف معهم للحصول على حقوقهم، والدفاع عنهم أمام الجرائم التي مارسها النظام ضدهم، معربين عن أملهم في أن يُسفر تدخل الأممالمتحدة في القضية عن تحقيق العدالة الإنسانية على أرض الواقع، خاصة بعد استعراض المعلومات الحقيقية في القضية بدلاً من تزوير الأدلة وتغييب الحقائق التي تتعمد الحكومة القطرية ممارستها، والتي تعوق حصول القبيلة على حقوقهم التي حرموا منها بسبب ظلم السلطة القطرية. جدير بالذكر أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، تبنت قضية القبيلة منذ سبتمبر 2017، وتوجهت معها إلى مكتب المفوضة الأممية لتصعيد شكواهم في محاولة للحصول على حقوقهم التي سلبتها منهم الحكومة القطرية. وأشار مدير المنظمة الدكتور حافظ أبوسعدة في تصريحات صحفية، إلى أن قرار تبني القضية جاء نتيجة لعدة أسباب من بينها، "تجاهل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للقضية، بالإضافة لإيمان المنظمة بمبادئ حقوق الإنسان وضرورة ترسيخها في المنطقة العربية".