انطلقت فعاليات الصداقة بين الشعوب في اللقاء العالمي "بناء الجسور" بمشاركة أكثر من مليون شخص في مدينة ريميني الإيطالية، والتي استمرت لمدة أسبوع لعودة رابطة العالم الإسلامي، بمشاركة قيادات سياسية ودينية. وتضمنت الفعاليات ندوات وجلسات نقاش مفتوحة على مدار الأسبوع ، تهدف إلى بناء جسور وتقليل الهوّة بين شعوب العالم وتأكيد أهمية قيم التعايش والتفهّم بين الأمم والثقافات في تجمّع يعتبر الأكبر عالميًا. وحضر الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، ممثلاً عن العالم الإسلامي، بينما مثل البابا فرانشيسكو بابا الفاتيكان العالم المسيحي، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجو ماتَّاريلا، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، وعدد من القادة والزعماء والمفكرين والمبدعين والفنانين والأكاديميين من أكثر من ثلاثين دولة، وعدد من وزراء الأمن والتعاون في الاتحاد الأوروبي. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم من خلالها طرح مفاهيم الفكر والثقافة والحضارة الإسلامية في هذا التجمع الدولي الضخم. واختار المؤتمر، الدكتور محمد العيسى ممثلاً عن الحضارة الإسلامية، للتحدث عن الثقافة الإسلامية ، تقديرًا لخطابه باسم رابطة العالم الإسلامي، لما له من أثر في بناء الجسور بين الثقافات والشعوب، ونظرًا لما أثمر عنه من مبادرات وحوارات الرابطة الإسلامية ساهمت في إصلاح الكثير من المفاهيم حول الثقافة والحضارة الإسلامية، عبر طرحٍ تميز بالقوة والوضوح، ولاعتماده على حقائق موثّقة استحقت التقدير والثقة، وساهمت في تجاوز الكثير من المفاهيم السلبية. وأكد الأمين العام خلال كلمته في المؤتمر أن مشيئة الخالق قد قضت بأن يكون البشر متنوعين في ألوانهم ولغاتهم وأديانهم ومذاهبهم وأفكارهم وثقافاتهم؛ مضيفًا أن الله تعالى قد شمل الجميع بالتكريم ولم يَسْتَثْنِ منهم أحدًا، لأنه صادر عن الرحمة والعدل الإلهي. ولفت الأمين العام، إلى أن رابطة العالم الإسلامي استشعرت أهمية إيضاح حقيقة الدين الإسلامي الذي أحب وتعايش وتحاور وتعاون مع الجميع بعد أن حاول التطرف المعزول إسلاميًا الإساءةَ إليه من قِبَلِ أشرار، ومعتوهين، وجهال؛ مشيرًا إلى أن أي دين لا ينسجم مع الحياة لا يُمكن أن يُكتب له البقاء بما يزيد على الألف وأربعمائة سنة، هي عمر الإسلام حتى اليوم، وهو لا يزال ضمن أكثر الأديان توزعًا جغرافيًا وكثرة في النمو، حيث يناهز المسلمون اليوم قرابة مليار وثمانمائة مليون نسمة، جميعهم يتفهمون سنة الله في تعدد الأديان والأفكار كما يتفهمون كذلك ثقافة الآخرين. وشدد العيسى على أنه ليس من المنطق ولا العدل أن نَختزل هذا الدين بمئات ملايينه في فئة متطرفة لا تتجاوز- بحسب إحصائية رابطة العالم الإسلامي- سوى نسمة واحدة للمتطرفين، في مقابل مائتي ألف نسمة من بقية المسلمين الذين يمثلون الاعتدال الإسلامي، مضيفًا أن الاختلاف الديني والثقافي بين بني البشر واقع لا يجوز إنكاره. وبيّن معالي الأمين أن التاريخ قد خلّد في صفحاته أولئك الأشخاص الذين ضحوا بأنفسهم من أجل مواجهة الكراهية والعنصرية وسائر أشكال الظلم، وفي المقابل سَحِقَ التاريخ بمَنْطِقِهِ العادل أولئك الأشرار الذين رفعوا راية الحقد والظلم ضد البشرية لأسباب دينية أو عرقية أو حتى مطامع مادية بحتة، ورغم إقرار الجميع بوجود صور نمطية متبادلة بين بعض الأمم والشعوب والثقافات. وختم الدكتور العيسى كلمته بتوجيه الشكر للقائمين على المؤتمر المتميز، وعبّر عن تقديره لإتاحتهم الفرصة للحديث عن الجانب الإسلامي وعن منظمته العالمية رابطة العالم الإسلامي التي تجمع تحت لوائها مئات الملايين من المسلمين.