كشف السفير حسين السحرتى، سفير مصر بسريلانكا، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وسريلانكا بلغ العام الماضي حوالي 50 مليون دولار، وعلى الرغم من أن الميزان التجاري يميل لصالح سريلانكا منذ عقود طويلة لقدرتها على تصدير كميات كبيرة من الشاي والتوابل وجوز الهند والمطاط والمنسوجات لمصر، إلا أن مصر نجحت مؤخراً في تحقيق توازن نسبي بين حجم الصادرات والواردات من سريلانكا مع زيادة الصادرات المصرية للسوق السريلانكي، والتي تأتي على رأسها الخضر والفاكهة والسكر والمنتجات الغذائية المتنوعة والزيوت ومواد البناء. وأوضح السحرتى فى تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أن الاستثمارات السريلانكية في مصر تشهد نمواً ملحوظاً، حيث تعمل في مصر 38 شركة بمساهمات سريلانكية في المجالات الصناعية والخدمية والإنشائية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل، بإجمالي حجم رأس مال بلغ خلال الفترة من 1970 حتى 2017، نحو 264 مليون دولار، وبمساهمة إجمالية مباشرة في التدفقات تقدر بنحو 18.5 مليون دولار. وأضاف "نعمل على فتح مجالات جديدة للاستثمارات السريلانكية في مصر، خاصة في المدن الصناعية الجديدة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكذلك تشجيع المستثمرين المصريين على الدخول بقوة إلى السوق السريلانكي، خاصة مع رغبة الحكومة السريلانكية في تنويع شركائها الدوليين". وحول أبرز أطر التعاون الحالية بين مصر وسريلانكا، أشار سفير مصر بكولمبو، أن مصر وسريلانكا يرتبطان باثنتين وعشرين اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات، وتوجد لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والفني بين الدولتين، عُقِدَت في إطارها جولتان حتى الآن، ومن المقرر انعقاد الجولة الثالثة في كولومبو خلال الفترة القريبة القادمة، لافتًا إلى وجود آلية للتشاور السياسي بين وزارتيّ خارجية الدولتين منذ عام 2010، ومن المقرر انعقاد الجولة القادمة لها في القاهرة قريباً. وأكد السفير حسين السحرتى، أن العلاقات السياسية بين البلدين تتسم بالعراقة والود والتميز منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1957، حيث لعبت الدولتان أدواراً رائدة في إطلاق وقيادة حركة عدم الانحياز، والعديد من أطر التعاون بين دول الجنوب خلال العقود الستة الماضية، كما تدعم سريلانكا كافة المبادرات والقرارات الدولية التي تتقدم بها مصر في الأممالمتحدة في مجالات مكافحة التطرف والإرهاب ونزع السلاح ونشر ثقافة السلام والتسامح. وتلعب مصر وسريلانكا أدواراً متميزة كذلك في عمليات حفظ السلام الدولية بالعديد من مناطق النزاعات. وأوضح، أن مصر تقدم برامج تدريبية منتظمة للكوادر السريلانكية في مجال الزراعة، كما تقدم منحاً تعليمية للطلاب السريلانكيين المسلمين في الأزهر الشريف. وتوجد في سريلانكا بعثة أزهرية قوامها الحالي 26 مبعوثاً، يساهمون في نشر صحيح الدين الإسلامي، ومحاربة الأفكار والممارسات المتطرفة، لتحقيق السلم المجتمعي في سريلانكا بين الأقلية الإسلامية والأغلبية البوذية، وكذلك تدريس اللغة العربية في المعاهد والجامعات. وتمتلك مصر إرثاً ثقافياً فريداً في سريلانكا منذ فترة إقامة الزعيم أحمد عرابي، وستة من زعماء الثورة العرابية في منفاهم بسيلان في نهايات القرن التاسع عشر، حيث تحول منزل عرابي في مدينة كاندي بوسط سريلانكا إلى متحف ومركز ثقافي تشرف عليه الحكومة المصرية، وتعمل على استغلاله كنافذة للتعريف بمصر وتاريخها وثقافتها لمجتمعات دول جنوب آسيا. وتكريماً لهذا الإرث المتميز، فقد تمت تسمية أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة السريلانكية كولومبو باسم "شارع عرابي باشا"، وفي المقابل تمت تسمية الشارع الذي تتواجد به السفارة السريلانكية بحي الزمالك بالقاهرة باسم "شارع سريلانكا". وأشار السفير، إلى أن التدفقات السياحية بين مصر وسريلانكا تشهد نمواً ملحوظاً خلال الفترة الحالية، حيث تجاوز عدد السائحين المصريين لسريلانكا العام الماضي ثلاثة آلاف سائح، بينما زار مصر أكثر من ألف سائح سريلانكي في نفس العام، وهي زيادة بنسبة 200%، مقارنة بحجم التبادل السياحي المسجل في العام السابق، مضيفًا أن سريلانكا تتجه حالياً لتصبح مقصداً سياحياً عالمياً، استفادة من موقعها المتميز في قلب المحيط الهندي على مسافات متساوية بين الشرقين الأوسط والأقصى، وكذلك مع التطور الكبير الذي تحقق في البنية الأساسية والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار السياسي الذي تنعم به سريلانكا بعد تجاوز آثار الحرب الأهلية التي انتهت في عام 2009. وأوضح سفير مصر بسريلانكا، أن وزارة الخارجية والسفارات في الخارج يعملان على تشجيع السياحة الوافدة لمصر، باعتبارها أحد أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، والتي حققت تعافياً ملحوظاً خلال الأعوام القليلة الماضية، وبالتالي، نستهدف مضاعفة عدد السائحين السريلانكيين لمصر خلال الفترة القادمة، من خلال دراسة مقترحات لتيسير منح تأشيرات الدخول للأفواج السياحية، وتنظيم جولات سياحية مشتركة للوفود السريلانكية في دول حوض البحر المتوسط، كما ندرس إمكانية تشغيل خط طيران مباشر بين القاهرة وكولومبو، لاستيعاب زيادة حركة السياحة والتجارة البينية تأسيساً على اتفاق الخدمات الجوية المدنية الموقع بين الدولتين في عام 2005. ونوه سفير مصر بسريلانكا، إلى تزايد أعداد الجالية المصرية في سريلانكا باطراد مع النمو الذي تشهده البلاد في مجالات السياحة والاستثمار، ويقدر عدد الجالية حالياً بنحو ثلاثمائة شخص، من بينهم أعضاء البعثة الأزهرية، وعدد من المهندسين ورجال الأعمال وخبراء السياحة في المنتجعات الشاطئية، بينما يصل حجم الجالية السريلانكية في مصر إلى نحو ثلاثة آلاف، يعمل معظمهم في مصانع وشركات الغزل والنسيج والشاي كخبراء وفنيين، ومع الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والسياحي الذي تحققه كل من مصر وسريلانكا حالياً، توجد آفاق واسعة في المستقبل لاجتذاب أعداد أكبر من السائحين والمستثمرين من كل دولة إلى الأخرى، وتطوير التعاون بين الدولتين في شتى المجالات.