"الجحود"، كان عنوان الحكاية التي يملؤها غدر من أحسن إليهم هذا الشاب الذي أصبحت شهامته عملة نادرة هذه الأيام، وبدلا من المكافأة، خسر حياته على أرض "درب البغدادي" ، تلك الحارة الشعبية التي كانت شاهد العيان على قتل "عادل مشمش". انتقلت "بوابة الأهرام" إلي مسرح ارتكاب الجريمة، ساعيةً خلف حقيقة المشاجرة التي اندلعت بين شخصين، وراح ضحيتها شاب في العقد الرابع من العمر علي يد "بلطجي الحتة"، ومعرفة الرواية الصحيحة نقلاً عن شهود العيان وأهالي المجني عليه. كلمات أم فاروق.. شاهد عيان علي الشهامة "جدع وصاحب صاحبة.. راجل مع كل الناس" كلمات تطير هائمة في سماء تلك الحارة المتواجدة بوسط حي الجمالية، تأتي لمسامع زائريها تروي حكاية "عادل مشمش" مع الصغير والكبير، والشاهد دموع جيرانه التي تساقطت علي فراقه، حيث أكدت "أم فاروق" إحدى قاطني المنطقة علي شهامته وحسن معاملته للغير، وبالأخص إحسانه علي "قاتله" البلطجي السوابق الذي غدر به في وضح النهار. وأضافت "أم فاروق" مكملة وصلة المدح: عادل وقف بجانب المتهم منذ سنوات بعدما مات والده حسرة علي أفعاله الإجرامية، وتبري شقيقاه منه بسبب مشاجراتهم الدائمة، لينتهي به الحال ملقاً في "دكانة" والده، والتي لا تتجاوز مساحتها 3 أمتار مربع، تلك كانت مسكنه الذي يشاركه فيه كلاب كان يستقطبها للجلوس معه وإخافة الغير بها، حيث كان يشتهر بتناوله الحبوب المخدرة والكثير من أنواع المخدرات، ويتناوب علي الأهالي بأمور البلطجة. شقيق المجني عليه يروي التفاصيل تحدث الأخ الأكبر عن ذكرياته مع المجني عليه والتي جمعتهما كثيرا لطبيعة عملهما في نفس "الكار" الذي أصبحا فيه "معلمين" في وسط سوق صناعة عربات الإستانلس بحي الجمالية، مشيراً إلي أنه عمل علي تربية شقيقه، وأحسن تلك التربية بإجماع أهالي المنطقة. وأكمل حدثه منوها علي حسن معاملة المجني عليه للمتهم، حيث كان كثيراً ما يعطيه المال لظروفه الضيقه، وشراء الملابس له، وإعطائه حتى من طعامه، لكن يد الحقد والغيرة نالت من قلب وعقل الجاني، وبعد إزهاق روحه استلقي الجاني على حائط قديم يتناول سيجارته منتظرًا وصول الشرطة، منفخا دخانها عزاءً علي روح الفقيد "عادل مشمش". دماْء القتيل علي أرض الورشة الغسيل بداية.. والغُسل نهاية "هات ياعم عادل الخرطوم.. لاء أدخل أغسل هدومك في الورشة أحسن" تلك الكلمات التي أشعلت لهيب الحقد داخل قلب الجاني بعدما طلب من المجني عليه خرطوم المياه لغسل ملابسه وسط الشارع وأمام "الدكانة" محل إقامته، حسب رواية شقيق عادل. وأضاف: هذا الأمر رفضه المجني عليه لإدخاله الخرطوم بعدما نظف به شارع الحارة، وطالب المتهم بالدخول إلي الورشة للغسيل على "الحوض؛ ليستشيط الجاني غضبا كعادته حيث كان كثير اختلاق المشكلات مع أهالي المنطقة، وقام بالتعدي على عامل بالورشة. وأكد: وقف المجني عليه تاركاً كوب الشاي الذي يتناوله، وأبعد الجاني عن العامل، هنا تأتي النهاية، وينقض المتهم على المجني عليه كشيطان غاشم، ويطعن المجني عليه بجانبه الأيسر بجوار القلب. وأضاف شقيق المجني عليه قائلا: بعدما طعن الجاني شقيقي وتحت تأثير الطعنه، حاول شقيقي إمساك قطعة حديد متواجدة بالمحل للدفاع عن نفسه والعامل، لينجح في إصابة المتهم في رأسه بضربة أفقدته صوابه، ليسارع في طعن شقيقي طعنتين بالبطن والصدر، ويقع شقيقي في أرضية الورشة متمتماً بجمله واحدة " ليه كده يا صاجة". آثار جريمة الجمالية منع الإسعاف أمسك أحد شهود العيان "حلاق" طرف الحديث قائلاً: بعد سماعي المشادة الكلامية بين عادل والمتهم، لم أتحرك لكثرة مشكلات المتهم مع أهالي المنطقة، وإجبار العاملين بالحارة علي دفع "إتاوة" ومن يرفض يقابله قطار المشكلات. وأضاف الحلاق: "كان بيرمي بلاه ويضرب نفسه ويعمل محضرا للرافضين عن دفع الإتاوة"، لكني في ذلك اليوم لم أتحرك من محلي فور سماعي المشاجرة، لكن انتفض قلبي فور سماعي صوت الأهالي "عادل اتقتل". أكمل "الحلاق" حديثه قائلا " حاولت مع رجال الحارة مساندة عادل ليستقل سيارة أحد سكان الحارة، والذهاب إلي المستشفي، لكن عقل المتهم استقر واقفاً علي قتل عادل، وينقض على باب السيارة فاتحاً إياه وطعن المجني عليه طعنته الرابعة بالفخذ الأيمن، مانعاً إيانا محاولة إنقاذه مردداً " عادل هيموت.. هموته". آثار جريمة الجمالية "وبعد نجاحنا من الهروب من المتهم والوصول إلي المستشفي لعلاجه التقط أنفاسه الأخيرة تاركاً الحياة، وفي الجانب الآخر يجلس المتهم في هدوء تام ينتظر وصول الشرطة، كأنه لم يقتل بيده الآثمة من أحسن إليه. صاجة "ملوش خير في أهله" " أحمد صاجة.. بلطجي الحارة كما وصفه جار المجني عليه"..قائلاً " هذه أمور ليست كثيرة على شخص أذل والده حياً وكسر شوكته أمام أنظار الجميع بعدما تهجم عليه بالسباب والتعدي عليه بالضرب المبرح، وليلقي والده بعد أيام ربه تحسراً علي أفعال نجله المدمن، الذي تهجم علي شقيقيه في وقت سابق، متعديا علي الأول بطعنه بالبطن، والآخر قام بتقييده والمرور فوق رجليه بالسيارة ملكه، وليكون مصير شقيقيه العاهة المستديمة. فيما قال "نور"، قريب المجني عليه إن المجني عليه كان علي عتبة الدخول للحياة الزوجية، وأن خطوبته كانت في أيام العيد القادم، لكن القدر وحكم الله قد نفذ لتنتهي حياته علي يد "البلطجي الغدار". كان قسم شرطة الجمالية قد تلقي بلاغاً من الأهالي بوقوع جريمة قتل راح ضحيتها صاحب ورشة علي يد بلطجي بحارة درب البغدادي بدائرة القسم. وعلي الفور تم ضبط المتهم ، وعمل المحضر اللازم بالواقعة، وإخطار النيابة التي تولت التحقيق.