من الأمور التى تتزامن مع التقدم فى السن - حتى وإن لم تصل للشيخوخة بعد - والتى ترتبط تحديدًا بسن الأربعين "نظارة القراءة"، أول شيء ستشعر به حتى وإن كنت بكامل لياقتك وشعرك الأسود لم يزره الشعر الأبيض بعد، بشرة مشدودة وصحة حديد، لكنك أكيد تحتاج إلى نظارة للقراءة ربما لا يكون الأمر بهذا السوء فى أول الأمر، يمكنك أن تقرأ دون معاناة أو دون حتى أن تلاحظ احتياجك لها لكن مع مرور بعض الوقت الذى لن يطول ستشعر بأن هناك بعض الخطوط بأحجام معينة تستطيع أن تقرأها لكن بعدم ارتياح. تستسلم أخيرًا إلى تلك الحاجة الملحة، وتذهب للطبيب ليحدد لك مقاس النظارة، هذا إذا لم يكتشف ضعفًا عامًا فى نظرك يحتاج إلى نظارتين إحداهما للقراءة وأخرى للمسافات الطويلة، وتلك الأخيرة لو استخدمتها فترات طويلة قد تعتمد عليها تمامًا، تجد بعدها صعوبة فى الاستغناء عنها فى معظم تفاصيل حياتك، مشاهدة التليفزيون أو قيادة السيارة لم تعودا الاستخدامات الأساسية لها فقط، بل حتى السير فى الشارع، مشاهدة المحلات، حتى التواجد فى الأماكن العامة كالنادى أو ربما مؤسسة العمل تحتاجها كى تميز الأشخاص عن بعد.. وغيرها من المواقف فى حياتك اليومية حتى تصبح جزءا أساسيا لا يمكن تصور الحياة دونه، إلى أن تتركها فى مكان ما لا تعرفه فتبدأ رحلة البحث عن شيء لا تستطيع أن تراه أو تميزه تبحث فوق المكتب، فى الأدراج، فى الصالون أو غرفة النوم وربما أيضًا داخل الثلاجة وتكتشف أنك فى حاجة إلى نظارة أخرى لتبحث عن النظارة الأولى.. نعم هذا هو الحال الآن، لم يعد باستطاعتك أن تجد النظارة بسهولة إذا لم تكن تضع أخرى، وتستسلم مرة أخرى لفكرة الحاجة إلى نظارة إضافية على سبيل "الإستبن"، أو على وزن شيء لزوم الشيء. عودة إلى نظارة القراءة التي قد تستهزئ بها وتعتقد أن استخدامها محدود ولن تصبح مرتبطًا بها أو في حاجة إليها أوقات طويلة، واقع الأمر أنه بمجرد إدراكك أنك في حاجة إليها سواء حفاظًا على ما تبقى من قدرتك على الرؤية أو كي تساعدك وتسهل عليك رؤية أمور أصبحت مزعجة بالنسبة لك، فإنك ستحتاج إليها بشكل أكبر فتحسين النظر الذي تعطيه لك يجعل الصعب بعد قليل مستحيلا تقريبًا. حتى إن لم تكن قارئًا جيدًا أو لا تهوى القراءة، ولا حتى تصفح الجرائد الصباحية، فإن احتياجك إليها لن يقف فقط عند ملء الأوراق الرسمية، نقل الرقم القومي، مستندات البنك وجوابات مدارس الأولاد. هناك كذلك مشاوير لا يمكنك أن تذهب إليها دون اصطحاب تلك النظارة حتى وإن بدى الأمر على أنه "فسحة"، فالتسوق الممتع سيصبح مزعجا إن اضطررت أن تستعين بأحد الباعة كلما أعجبتك قطعة من الملابس، وذلك للتعرف على المقاس، ناهيك طبعًا عن السعر، أما عند تناول الطعام في أحد المطاعم؛ سواء مع الأهل أو الأصدقاء عليك أن تختار محلا لديه قائمة طعام بخطوط عريضة على أن تكون الإضاءة قوية داخل المكان، وإلا ستحتاج لا محالة إلى تلك "الشوافة" أو ربما تستعين بصديق وفى جميع الأحوال قد تحتاجها لرؤية الطعام نفسه. أيا كانت النظارة التي تستخدمها للسير أو القراءة أو كلاهما حافظ عليها جيدًا، ولا تتركها دون أن تنتبه أين تركتها؛ لأنك ستجد صعوبة فى البحث عنها وإيجادها إذا لم تستعن بأخرى وأنت تبحث عنها.