بعد تنقله بين أربع قارات، يجلس المدرب البرتغالي كارلوس كيروش على مقعد المدير الفني لمنتخب ايران لمواجهة منتخب بلده الأم الإثنين على ملعب "موردوفيا أرينا" في سارانسك، في ختام الدور الأول للمجموعة الثانية من نهائيات كأس العالم التي تستضيفها روسيا. "البروفسور" (كما يلقب) البالغ من العمر 65 عاما ذهب بعيدا في الصدام مع النجم كريستيانو رونالدو بعد الأداء الباهت للبرتغال في نهائيات كأس العالم 2010. شكل مونديال جنوب إفريقيا خيبة أمل لشخص أطلق قبل 20 سنة، الجيل الذهبي لكرة القدم البرتغالية. كان كيروش السباق في سلسلة مدربين برتغاليين برزوا عالميا، من أمثال جوزيه مورينيو وليوناردو جارديم. صنع اسمه بداية عندما منح بلاده لقبين متتاليين في بطولة العالم دون 20 عاما، في 1989 و1991. رافق مجموعة من الناشئين الموهوبين الذين برزوا في أكبر الأندية الأوروبية في الأعوام اللاحقة: لويس فيغو، روي كوستا، باولو سوزا، جواو بينتو وفرناندو كوتو وغيرهم... رقي كيروش المولود في نامبولا بموزمبيق، للإشراف على المنتخب البرتغالي الأول، لكنه فشل في قيادته الى نهائيات كأس العالم 1994 التي استضافتها الولاياتالمتحدة. بعد خيبته الأولى مع المنتخب، طرق كيروش أبواب الفرق في بلاده، وتولى الاشراف على سبورتينغ لشبونة، وقاده إلى إحراز كأس البرتغال، قبل أن ينتقل إلى خوض مغامراته الدولية في الولاياتالمتحدة ثم في اليابان. في مطلع الألفية الجديدة، واصل رحلته حول العالم فحط في الإمارات العربية المتحدة حيث تولى الإشراف على منتخبها الوطني، ثم في جنوب إفريقيا التي قادها إلى نهائيات كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبيةواليابان، من دون أن يرافقها في النهائيات. عاد بعدها إلى أوروبا ليصبح مساعد "السير" الأسكتلندي أليكس فيرغوسون في مانشستر يونايتد الانكليزي، حيث بقي حتى عام 2008، انتقل بعدها للإشراف على ريال مدريد الإسباني في تجربة غير ناجحة. في مانشستر، تلمس كيروش للمرة الأولى طريق رونالدو في فترة مزدهرة في تاريخ "الشياطين الحمر". بعد تتويجهم بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2008 (على ملعب لوجنيكي في موسكو بفوزه على تشلسي بركلات الترجيح)، رفع كيروش التحدي بعودته للإشراف على منتخب بلاده خلفاً للبرازيلي لويس فيليبي سكولاري الذي قاده الى نهائي بطولة أوروبا 2004 على أرضه (خسرت النهائي أمام اليونان صفر -1 بعد الوقت الاضافي)، ونصف نهائي مونديال 2006 (حلت رابعة خلف المانيا المضيفة). وفي وقت كان يتوقع أن يكون قرب كيروش من رونالدو مفتاحا في العلاقة بينهما وأداء اللاعب مع المنتخب، فشل كيروش في إخراج أفضل ما في رونالدو بقميص المنتخب. خلال عامين، اكتفى اللاعب الذي بات في رصيده حاليا التتويج خمس مرات بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، سوى هدف واحد مع المنتخب البرتغالي تحت قيادة كيروش. انهارت العلاقة بين الرجلين بعد خروج البرتغال من ثمن نهائي مونديال 2010 في جنوب إفريقيا على يد إسبانيا (صفر-1). في رده على أسئلة الصحافيين حول أسباب الخسارة، قال رونالدو غاضبا "توجهوا بالسؤال إلى كارلوس كيروش". حاول المدرب الوقوف في وجه نجمه، لكن تم طرده بعد ذلك بفترة قصيرة. في 2014، كان كيروش يواصل القول ان "سي آر 7" (لقب رونالدو) لم يكن لديه "السلوك الجيد الكافي"، مؤكدا انقطاع العلاقة بينهما منذ نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا. في بلد بات مأخوذا بالكامل ب "حمى رونالدو"، أتت إشادة كيروش بلاعب ريال مدريد الإسباني الأسبوع الماضي، متواضعة. قال مدرب المنتخب الإيراني "بالنسبة لي، وخلال العامين الماضيين أو الأعوام الثلاثة الأخيرة، بات (رونالدو) أفضل لاعب في تاريخ البرتغال". وفي حين يمكن أن يحمل لمّ الشمل بين كيروش ومنتخب بلاده البرتغال الإثنين شيئاً من المرارة، يؤكد المدرب أن ذلك سيكون بالنسبة إليه حدثا "مميزا جدا". أضاف "يصعب تصوّر الدقائق التي ستسبق المباراة (بين البرتغالوايران)، لكني سأعيش هذه اللحظة بكل فخر وحماسة واحترام".