أحمد البري يكتب: قضية اليوم في إطار تصحيح المسار يجب على المرء أن يتقن فن التعامل مع الآخرين؛ لاختلاف طبائعهم وعاداتهم، إذ ينعكس التّعامل الجيّد مع النّاس على الفرد نفسه أولاً. حيث يستشعر حُبّهم له، وتسابقهم لمصاحبته ومخالطته، ثم ينعكس عليهم، فيجعلهم سعداء ومستمتعين في تعاملهم معه، ويختلف التّعامل معهم حسبِ طباعهم وميولهم، إذ إنّ ما ينفعُ مع فئةٍ من النّاس قد لا ينفعَ مع غيرهم، وقد أرسى رسول الله مبدأ الاختلاف بين الناس، فقال: "النَّاسُ معادِنُ كالفضَّةِ والذَّهبِ، خيارُهم في الجاهليَّةِ، خيارُهم في الإسلامِ إذا فقِهوا، والأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ، فما تعارف منها ائْتَلف، وما تناكَر منها اخْتَلف". ومن أهم العوامل التى تساعد المرء على التعامل الصحيح مع الناس، الإصغاء والاستماع الجيّد لهم، والتحلّي بالابتسامة دائماً، والتّركيز على كل جميل، فلكلّ إنسانٍ مزاياه وعيوبه، وعلى الشخص المُتّزن التركيز على الجيّد فيمن يتعامل معه، وحتّى لو أراد أن يتحدّث عن عيوب ما به، فعليه أن يعرضها بأسلوبٍ لبقٍ مؤدّب، كأنْه يتحدّث عن شخصٍ ما في خياله. ومن الضروري الوضوح في التّعامل، إذ لا يُحبّ النّاس التّعامل مع المتلوّنين الذين يظهرون بأكثرِ من وجه، بل يُفضّلون الواضحين، كما أنّ المتلوّنين مهما نجحوا في تلوِّنهم ستُكشف أقنعتهم يوماً، وتُهدم كلّ علاقاتهم، كما أن التّواضع يرفع الإنسانَ ولا يُقلّل قيمته، ويُظهره بمظهرٍ أكثرَ جمالاً ويمنحه الثقة بالنفس، مما ينعكسُ إيجاباً على تعامل النّاس معه ومحبّتهم له. أيضا يجب على الإنسانٍ أن يكون مُتعاوناً قدر الإمكان مع غيره، وأن يختار الوقت المناسب لزيارة معارفه، ومن المُحبّذ أن تكون الزيارة تلبية لدعوةٍ من المُضيف الذي قد يكونَ مرتبطاً بأعمالٍ وأمورٍ لا يستطيع التّصريح بها أمام زائره، مع الالتزام في المواعيد، وانتقاء أفضل الكلمات في الحديث معه، ومن الأمور الواجب تجنبها مع الآخرين، الإلحاح في طلب الحاجات، إذ لا يُحبّ الناس من يُحرجونهم، ويُحبّون من لا يربطون بين استمرار علاقتهم وتنفيذ حاجاتهم، ومن يُبدون لهم تقبّلهم أعذارهم إذا لم يُنفّذوا ما طُلب منهم. أيضًا ينبغي تجنب الغيبة والنميمة والثّرثرة، وإذا التزمت بهذه الصفات الحسنة في تعاملك مع الآخرين، ستكون أكثر رضا وراحة وسعادة.