قال الرئيس عبدالفتاح السسيسي، إن رئاسة دولة بحجم مصر "أمر لو تعلمون عظيم". وأضاف الرئيس، عقب أدائه اليمين الدستورية أمام أعضاء مجلس النواب، اليوم السبت، "بعد أن أقسمت اليمين الدستورية أمامكم أعدكم بالحفاظ على الدستور والقانون وأن أرعى مصالح هذا الشعب العظيم". وتابع: "أجد مشاعري قد اختلطت بين ثقتكم في شخصي، والشعور بعظم المسئولية؛ لأن قيادة دولة بعظم مصر أمر لو تعلمون عظيم". وتنشر "بوابة الأهرام" النص الكامل للخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس السيسي، بعد أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب: "السيد رئيس مجلس النواب .. السيدات والسادة .. الحضور الكريم .. اسمحوا لي في بداية كلمتي إليكم اليوم أن أستهلها بطلب الوقوف دقيقة ليس حدادًا على أرواح الشهداء فقط؛ بل هي تحية تقدير وإعزاز لكل تضحيات أمتنا العظيمة. شعب مصر العظيم.. أقف اليوم متحدثًا إليكم في مستهل فترة رئاسية جديدة، وبعد أن أقسمت اليمين الدستورية أمامكم بأن أحافظ مخلصًا على الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح هذا الشعب العظيم. وفي هذه اللحظة الفارقة أجد مشاعري قد اختلطت ما بين الشعور بالسعادة بتجديدكم الثقة في شخصي لتحمل مسئولية وطننا العظيم والشعور بعظم المسئولية وحجم التحديات، فقيادة دولة بحجم مصر أمر لو تعلمون عظيم. ودعوني أجدد معكم العقد والعهد بأن نواجه التحدي ونخوض غمار معركتي البقاء والبناء متمسكين بعقدنا الاجتماعي الذي وقعناه سويًا دولة وشعبًا بأن يكون دستورنا هو المصارحة والشفافية ومبدأنا الأعظم هو العمل متجردين لصالح هذا الوطن، وأن نقتحم المشكلات ونواجه التحديات، ونحن مصطفون محافظون على تماسك كتلتنا الوطنية حية وفاعلة، ولا نسعى سوى لصالح مصرنا العزيزة الأبية وتحقيق التنمية والاستقرار لها، وبناء مستقبل يليق بتاريخنا وبتضحيات أبنائها. السيدات والسادة.. أذكركم ونفسي بمسيرتنا سويًا منذ أن لبيت نداءكم وارتضيت بأن أكون على رأس فريق إنقاذ الوطن ممن أرادوا له السقوط فى براثن الانهيار والدمار متاجرين بالدين تارة، وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى. وأنا على العهد معكم باق لم ولن أدخر جهدًا أو أؤجل عملا، أو أسوف أمرًا، ولن أخشى مواجهة أو اقتحامًا لمشكلة أو تحديًا، وزادي في طريقي هذا هو اليقين بعظمة وعراقة أمتنا وإيماني بأن اصطفاف الشعب المصري العظيم هو ضمانة الانتصار والعبور نحو المستقبل. ولقد كان يقيني صادقًا ورهاني رابحًا؛ حين أثبت هذا الشعب العظيم عراقته وصلابته، وخاض معركة التحدي محافظًا على مكتسبات وطنه، وقادرًا على تحدي التحدي، وإثبات إرادته الحرة وكانت لوحة الوطن رائعة الجمال والكمال، وقد ازدانت بالأزهر الشريف منبر وسطية الإسلام، وبالكنيسة المصرية العريقة رمز السلام والتسامح، يؤمن إرادة شعبنا ويحميها رجال الجيش المصري العظيم البواسل، وشرطتها الأبطال الذين قدموا الدماء قربانًا من أجل أن يبقى هذا الوطن مرفوع الرأس والهامة. وها هي المرأة المصرية ومعها كل أفراد الأسرة شبابًا وشيوخًا وأطفالًا يخوضون معركة التنمية والبناء فيزرعون الخير ويصنعون المستقبل، ويرسمون للغد طريقًا كي نحقق حلمنا الوطني بمصرنا دولة حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية، وتستعيد مكانتها اللائقة بين الأمم إقليميًا ودوليًا، بعد أن عانت من محاولات للنيل من هذه المكانة، وتراجع دورها؛ نتيجة لعوامل داخلية وخارجية، وهو الأمر الذي ترفضه ثوابت التاريخ والجغرافيا. لقد واجهنا سويًا الإرهاب الغاشم الذي أراد أن ينال من وحدة وطننا الغالي، وتحملنا معًا مواجهة التحديات، التى خلفها لنا الإرث الثقيل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وما نجم عنها من آثار سلبية على مناحي الحياة كافة. والحقيقة الجلية أننا كنا نواجه خلال الفترة الرئاسية الأولى التحدي الأكبر في تاريخ وطننا، وبفضل من الله وبإخلاص النوايا والعمل الدؤوب المتجرد استطعنا أن نعبر مرحلة عصيبة، وننطلق نحو مستقبل أكثر ثباتًا واستقرارًا وعزمًا على تحقيق الحسم في معركة البناء، معركة بناء الوطن. أبناء مصر الكرام.. منذ اللحظة الأولى التي توليت فيها مهام منصبي، وقد وضعت خطة عمل قائمة على الإسراع بالخطى في الإصلاح على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والمجتمعية، بجانب المواجهة الأمنية للمخاطر التي تحيق بمصر، وكانت خطتنا الطموحة لإطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة التي تهدف لتعظيم أصول الدولة، وتحسين بنيتها التحتية، وتوفير فرص عمالة كثيفة تسير بالتوازي مع مخطط شامل للإصلاح الاقتصادي لمواجهة التراجع الكبير في مؤشرات الاقتصاد العام، والتي ارتبطت به شبكة من برامج الحماية الاجتماعية لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن هذه الإصلاحات. والآن وقد تحققت نجاحات المرحلة الأولى من خطتنا فإنني أؤكد لكم أننا سنضع بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة يقينًا مني بأن كنز أمتنا الحقيقي هو الإنسان، والذي يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنيًا وعقليًا وثقافيًَا؛ بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعد محاولات العبث بها. ستكون ملفات وقضايا التعليم والصحة والثقافة في مقدمة اهتماماتي، وسيكون ذلك من خلال إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومي والتي من شأنها الارتقاء بالإنسان المصري في كل هذه المجالات، واستنادًا إلى نظم شاملة وعلمية؛ لتطوير منظومتي التعليم والصحة لما يمثلانه من أهمية بالغة في بقاء المجتمع المصري قويًا ومتماسكًا. كما ستمضي الدولة المصرية قدمًا وبثبات نحو تعزيز علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية في إطار من الشراكات، وتبادل المصالح، دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها، تعتمد في ذلك على إعلاء مصالح الوطن العليا، واحترام مصالح الآخرين، وتأكيد مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شئونها، بالإضافة إلى تدعيم دور مصر التاريخي بالنسبة للقضايا المصيرية بالمنطقة. السيدات والسادة.. إن مصر العظيمة الكبيرة تسعنا جميعًا بكل تنوعاتنا، وبكل ثرائنا الحضاري، وإيمانًا مني بأن كل اختلاف هو قوة مضافة إلينا وإلى أمتنا؛ فإنني أؤكد لكم أن قبول الآخر، وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا، سيكون شاغلي الأكبر؛ لتحقيق التوافق والسلام المجتمعي وتحقيق تنمية سياسية حقيقية بجانب ما حققناه من تنمية اقتصادية، ولن أستثني من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلًا لفرض إرادته وسطوته، وغير ذلك فمصر للجميع، وأنا رئيس لكل المصريين من اتفق معي أو من اختلف. شعب مصر العظيم.. أقول لكم بلسان الصدق المبين بأنني عازم على استكمال المسيرة متجردًا من أي هوى إلا هوى الوطن لا أخشى سوى الله جل في علاه، ومتيقنًا بأن أروع أيام هذا الوطن ستأتي قريبًا بلا أدنى شك - بإذن الله - ما دامت النوايا خالصة والجهود حثيثة والقلوب صامدة. إن هذا الوطن العظيم يستحق منا أن نعمل من أجله ونموت من أجله، وهذا يقيني به كما هو يقيني بكم شعبًا عظيمًا صامدًا قادرًا على صناعة المجد وزراعة الفخر في كل حين. شعب مصر العظيم .. أيها الشعب الأبي الكريم .. أعاهد الله، وأعاهدكم بأن أظل مخلصًا في عملي مقاتلا من أجلكم وبكم؛ لكي تظل مصرنا العزيزة الغالية في مقدمة الأمم.. وختاما، نردد سويًا. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".