إذا كان العالم قد احتفل أخيرًا بعيد الأم.. فماذا عن أمهات الرؤساء والقادة الكبار فى هذا العالم مثل الرئيس الأمريكى باراك أوباما؟!. كتاب "امرأة متفردة..القصة التى لم ترو عن والدة باراك أوباما" لجانى سكوت يأتى فى وقت مناسب رغم أنه يطرح أحيانا أسئلة قاسية وحساسة عن حقيقة علاقة الابن الرئيس بالأم آن دونهام التى رحلت منذ سنوات بعد الآب حسين أوباما الذى غاب عن الابن وهو فى عامه الأول ثم سرعان مارحل عن الدنيا كلها. وكتابة سيرة ذاتية لأى شخص دون ذكر اسمه فى عنوان الكتاب قد يكون أمرا غير معتاد، لكن هذا الكتاب يتحدث عن روح حرة وسيدة استثنائية فهى امرأة متفردة بحق. ورغم الاختلاف البين فى لون البشرة بين الأسمر باراك اوباما الذى ورث لون بشرته عن والده القادم من كينيا وبين والدته الأمريكية ذات البشرة البيضاء فإن هناك تشابها مثيرا للتأمل فى الملامح وتقاطيع الوجه بين الابن ووالدته التى ولدت عام 1942 فى كانساس، حيث الذقن الطويلة والرأس الموروبة قليلا والحواجب الناتئة. ومع أن باراك أوباما له كتاب عن والده حسين أوباما الذى تخصص فى الاقتصاد بعنوان: "أحلام من والدى" فإنه لم يكتب بعد عن أمه التى كانت علاقته بها غير عادية وشكلت أحد اهم مصادر المهمة والغريب أن باراك أوباما يبدو مشدودا نحو والده الراحل مع انه تركه بعد عام واحد من ولادته ليعود وحده إلى كينيا والقارة السمراء ويبقى الابن مع أمه.. فكأن الابن كتب عن الأب الذى لايكاد يعرفه ولم يكتب بعد عن الأم الحبيبة التى عرفها أكثر من أى انسان أخر فى هذه الحياة الدنيا. هل يكون سبب احجام الرئيس الأمريكى عن الكتابة عن والدته انه وهو صاحب القلم والكلمة عاجز عن مغالبة مشاعر الفقد لأعز الأحباب تلك التى لم يقدر لها ان تبقى على قيد الحياة لترى ابنها داخل البيت الأبيض؟!..ام انه كما يرى البعض حاول أن يبقى على مسافة بينه وبين الأم التى تزوجت بعد أن رحل الزوج الافريقى بلا عودة؟!. هذا النوع من الاسئلة القاسية والحساسة يسعى الكتاب الجديد لجانى سكوت للاجابة عنها عبر ابحار عميق فى مسيرة السيدة آن دونهام ولا جدال أن الظروف الاسرية ومعطيات التنشئة لها اثارها فى تكوين اى شخص وقد تكون فى خلفية قراراته او ميوله عندما يصبح رئيسا او صاحب منصب او موقع مؤثر فى الحياة العامة. وكما يلاحظ هذا الكتاب الجديد فان باراك أوباما بزواجه من فتاة أمريكية منحدرة مثله من أصل افريقى عمد لنهج فى الاختيار مغاير لوالدته ذات البشرة البيضاء التى تزوجت من رجلين أحدهما إفريقى كينى والآخر اسيوى اندونيسى ووالدة باراك أوباما لها دراسات متعمقة فى اقتصاديات الحرف اليدوية باندونيسيا وحصلت على الدكتوراه عن اطروحة حول الحياة فى الريف الإندونيسى كما يوضح هذا الكتاب الذى يتضمن صورة التقطت عام 1970 لآن دونهام مع ابنها باراك حسين أوباما وزوجها الثانى الإندونيسى لولو سويترو وابنتهما مايا سويترو. كان الفتى باراك حسين أوباما مع الدته عندما تزوجت للمرة الثانية فى جاكارتا، كما عاش معها فى هاواى غيرأان بشرته السمراء التى ورثها عن والده الغائب أبدا كانت هى الحاضرة فى مسيرته السياسية وارتباطه بما عرف بحركة امريكا السوداء بل إن اسم الأب الغائب دوما كان يتردد اثناء الحملة الانتخابية الرئاسية فيما غاب اسم الأم الحاضرة ابدا فى حياة الابن عن هذه الحملة، التى انتهت بدخول الشاب الأسمر البيت الأبيض. ومع ذلك فان مجرد انتماء باراك أوباما من ناحية الأم لأمريكا البيضاء كان كفيلا بتخفيف حدة العداء من جانب الناخبين البيض اثناء الانتخابات الرئاسية فكأن الأم الغائبة ظاهريا عن المشهد الحاسم فى حياة الابن اسهمت ضمنا فى فوزه فى تلك الانتخابات التى جرت عام 2008. واثناء الاقامة التى امتدت عدة سنوات فى أندونيسيا-كانت آن دونهان تأتى لابنها باراك حسين اوباما بكتب عن حركة الحقوق المدنية فى أمريكا وكتابات وتسجيلات لداعية حقوق الإنسان مارتن لوثر كينج، فضلا عن اشرطة أغانى لأصوات رافضة للتمييز العنصرى. وإذا كان الكينى الأصل حسين اوباما قد توفى مبكرا عام 1982 فى حادث سير فالأم الراحلة للرئيس الأمريكى باراك اوباما قضت عام 1995 بالسرطان فى هاواى لتبقى انشودة حب وشجن وفقد فى قلب الابن الذى قدر له أن تكون لقراراته أثارها ليس على بلاده وحدها وإنما العالم كله.