وصل الخلاف بين أصحاب شركات المكرونة إلى حد التهديد باعتصام مفتوح أمام وزارة التموين والتجارة الداخلية لحين الاستجابة لمطالبهم التي رفعوها على مدار عام كامل. ففي الوقت الذي اتهم فيه البعض الوزارة بالإنحياز لصالح عدد من شركات المكرونة دون النظر إلى باقي الشركات وتخصيص 30 شركة من بين 120 شركة مكرونة للاستحواذ على توريد حصة التموين، مما أدى إلى كساد منتجات باقي الشركات وتسريح العمالة بها، أكد البعض الآخر أن الوزارة وضعت شرطا منذ عام يقضى بأن تعتمد الشركات التى تورد حصص المكرونة للتموين على آلات ومعدات مستوردة وليست محلية وهو ما يتوافر فى 30 شركة فقط. وتعود وقائع الأزمة كما رواها خالد الطاروطي، صاحب إحدى مصانع المكرونة، عضو شعبة المكرونة، إلى أواخر عام 2010، عندما قامت وزارة التموين بطرح مناقصة لتوريد المكرونة وأرسلت غرفة صناعة الحبوب كشفا إلى الوزارة بأسماء المصانع الاستثمارية للتعاقد معها، على حد قوله. وأضاف: " تم رفض باقي الشركات بحجة أنها غير مطابقة للمواصفات" ، وتابع "وجدنا أن هناك شرطا يقول إن الشركات المسموح لها بتوريد المكرونة لحصة التموين لا بد أن تعمل بآلات ومعدات مستوردة من الخارج ولا نعرف من واضع هذا الشرط، وعندما سألنا فى الغرفة قالوا لنا إن الوزارة هي التى وضعت هذا الشرط، وعندما سألنا فى الوزارة قالوا إن المسئولين فى الغرفة هم واضعوه". وأشار "الطاروطي" إلى أن المستفيدين من ذلك الشرط هم 30 شركة تستخدم معدات مستوردة من الخارج من بين 120 شركة مكرونة موجودة فى مصر. وقال "ذلك الشرط أدى إلى كساد بضاعتنا، لأنه قبل دخول المكرونة التموين كانت تباع فى السوق الخارجي وعليها إقبال، لكن بعد دخولها التموين أصبح هناك شريحة كبيرة جدا من المستفيدين من التموين فى الحصول على حصتها من المكرونة والإقبال فى السوق الخارجي أصبح أقل، ومع تخصيص 30 شركة فقط لتوريد حصتها للتموين أصبحنا نعاني من كساد البضاعة وقامت بعض الشركات بتسريح عدد من العمالة، وشركات أخرى أغلقت ولم تستطع الصمود أمام الخسائر المتكررة". وأضاف "الطاروطي" أن إنتاج الشركات التى تورد مكرونة للتموين غير كافي، قائلا "إنتاجهم لا يتعدى 30% من الحصة المتعاقد عليها، ويقومون باستكمال باقي الكمية عن طريق شرائها من المصانع الأخرى وبتبقى بأسعار بسيطة، يعني إحنا بننتج لهم المكرونة التي يقوموا بتوريدها للتموين". وأكد أن المتضررين من أصحاب الشركات حاولوا مرارا مقابلة وزير التموين للتصرف وحل المشكلة إلا أنه تم منعهم من مقابلته فى كل مرة، مضيفا "مفيش حل معاهم، ولذلك قررنا إننا نرسل العمال والفنيين فى شركاتنا للاعتصام أمام وزارة التموين حتى حل المشكلة". وإتفق معه أحمد إسماعيل، صاحب إحدى مصانع المكرونة، عضو شعبة المكرونة، قائلا "إنتاج ال30 شركة من المكرونة لا يكفي حصة التموين، فتقوم تلك الشركات بشراء باقي الكمية المطلوبة منا من الباطن"، مضيفا "والشرط الموضوع هو شرط مجحف وتعسفي لصالح مجموعة بعينها، فمن المنطقى أن يكون الشرط هو جودة المنتج وليس استخدام آلات مستوردة أو محلية، وإنتاجنا أفضل بكثير من إنتاج تلك المصانع التى تستخدم آلات مستوردة ومستعدين لعمل معاينة لمنتجنا وتكون الجودة هي الفيصل بيننا". وقال"إسماعيل": "حضرنا من يومين اجتماعا فى الغرفة شارك فيه علي شرف، رئيس غرفة صناعة الحبوب، وأحمد عناني، رئيس شعبة صناعة المكرونة، وفتحي عبد العزيز، وكيل أول وزارة التموين، وكان الاجتماع تكرارا لما قيل فى السابق، وخلصنا منه أنهم إقترحوا عمل مناقصة ثانية لتوريد المكرونة لمحافظات الوجه القبلي، بمعنى إن مصنعي يكون فى الغربية وأورد للصعيد وأتحمل تكلفة النقل وهكذا. واستطرد: هذا كلام غير منطقى بالمرة وتعجيز أكثر، خصوصا أن الإنتاج فى الوجه البحري غير كاف وفى حاجة لدخول مصانع جديدة بدلا من الشراء من الباطن"، متابعا "واتفقوا أيضا على تشكيل لجنة لمعاينة المنتج والمصانع التى تريد التوريد للتموين، وحددوا أعضاء اللجنة من الرقابة الصناعية والتموين والصحة وعضو من إحدى الشركات القابضة، ورفضنا ذلك لأنه معنى أن يكون هناك عضو من شركة قابضة أن المعاينة لن تكون موضوعية لأنه من شركة منافسة تورد بالفعل للتموين، لكننا موافقين على باقي أعضاء اللجنة لمعاينة جودة منتجنا". وأشار "إسماعيل" إلى أنهم حاولوا مقابلة وزير التموين أكثر من مرة للوصول إلى حل لمشكلاتهم دون جدوى، وهو ما دفعهم، حسب قوله، إلى الاتفاق على بدء إعتصام مفتوح أمام مقر الوزارة حتى مقابلة الوزير والاستجابة لمطالبهم. من جانبه، أكد أحمد عناني، رئيس شعبة صناعة المكرونة، أن شرط إعتماد الشركات التي تورد مكرونة للتموين على آلات مستوردة وضعته وزارة التموين فى نهاية عام 2010، قائلا "كانت هناك تجربة سابقة للوزارة بإدخال المكرونة فى حصة التموين وكانت تأخذ من كل المصانع ذات الماكينات المستوردة والمحلية، ووجدوا أن المكرونة غير مطابقة للمواصفات بسبب دخول بعض مصانع بير السلم فى ذلك التعاقد" . واضاف"وبعدها رفض الدكتور علي مصيلحي الوزير وقتها مناقصات تموينية للمكرونة، ووافق فى 2010 بشرط أن الشركات التى تورد المكرونة تستخدم آلات مستوردة"، والميزة فى إستخدام الآت مستوردة هو أن العامل المصري لا يتدخل فى عملية الإنتاج بدءا من إدخال المواد الخام حتى تعبئة المكرونة، على حد قوله. وتابع "ويكون منتجها عالى الجودة وخاليًا من الرطوبة، فى حين أن إنتاج المصانع ذات الماكينات المحلية يكون مستوى جودتها ضعيف والرطوبة عالية ومن الممكن أن تفسد بسهولة"، وأكمل "لكن هناك بعض المصانع ذات الماكينات المحلية تهتم بآلاتها وتنتج منتج جودته جيدة". ونفى "عناني" أن يكون إنتاج الشركات الموردة للتموين غير كاف وأنها تعتمد على الشراء من الباطن من الشركات الأخرى، قائلا "المصانع ذات الماكينات المستوردة طاقتها عالية جدا، وبعضها ينتج حوالي 300 طن مكرونة يوميا، وحصة التموين 20 ألف طن شهريا، فالإنتاج يكفي ويزيد"، مشيرا إلى أن مصر تنتج حوالي 70 ألف طن شهريا من المكرونة، نستهلك منه ما بين 50 إلى 60 ألف طن شهريا. وقال "إذا كانت الشركات ذات الماكينات المحلية تعاني من كساد، فذلك بسبب فترة الركود العام فى كل السلع وفى القطاع الإقتصادي عموما، مع العلم أن التموين تأخذ ثلث الكمية المطلوبة للاستهلاك والباقي مفتوح أمام الجميع"، مضيفا أن وزارة التموين وعدت على الفور بتشكيل لجان لمعاينة المصانع التى تطلب دخول المناقصات وكتابة تقرير سريع عنها، نافيا أن يكون أحد أعضاء اللجنة من شركة منافسة، قائلا "أعضاء اللجنة خبراء من وزارة التموين والرقابة الصناعية والصحة ومندوب من غرفة صناعة الحبوب"، متابعا "ونحن فى إنتظار أن يوافق السيد الوزير على طرح مناقصة جديدة خلال 15 يوما لتوريد مكرونة لمحافظات الوجه القبلي، من الجيزة حتى أسوان"، موضحا "المناقصات تكون عامة فمن الممكن أن يورد مصنع من أسوان مكرونة إلى الأسكندرية أو العكس فهذه طبيعة المناقصات، وغير مقصود منها تحميل تكاليف النقل للشركات المحلية كما يقولوا".