تعالت الاتهامات بأن منجم السكري يقوم بتهريب الذهب للخارج، وأن مصر لم تحصل على أي من كميات الذهب التى تم تهريبها، فضلا عن أن الحكومة المصرية لم يكن لها أي رقابة أو سلطة على المنجم الذي يقع في محافظة البحر الأحمر وهو ما نفاه المسئولون عنه، وقد ناقش برنامج العاشرة مساء القضية في حلقة أمس. كات لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب قد توجهت أمس إلى منجم السكري لزيارته والتأكد من صحة ما تردد حول وجود شبهة فساد من عدمه وتستمر زيارة اللجنة لأيام مقبلة بحثا عن الحقيقة، وذلك بعد أن تقدم النائب حمدي الفخراني بطلب إحاطة للمجلس يطرح فيه أزمة منجم السكري، وقد رفع الفخراني قضية بمجلس الدولة ضد المنجم. منجم السكرى واحد من أهم 10 مناجم للذهب فى العالم، فهناك شراكة بين هيئة الثروة المعدنية المصرية وشركة "سينتامين" الإسترالية التي يملكها رجل الأعمال المصري الأصل سامي الراجحي. أنتج المنجم حتى الآن ما يقرب من 10 أطنان من الذهب بمعدل 150 كيلوجراما أسبوعيا، تحصل مصر منهم على 3% بموجب العقد الموقع بين شركة "سينتامين" الأسترالية والحكومات المصرية عام 1990. ويمتد منجم السكري إلى مساحة 160 كيلومتر فى الصحراء الشرقية على بعد 30 كليومتر من مرسى علم، وأكثر من كيلومترين تحت سطح الأرض. بداية من يناير الماضي كان من المفترض أن تحصل الدولة على 50% من إنتاج الذهب، وقد تعرض المنجم لكثير من المشكلات والصراعات منذ بداية التنقيب وحتى عام 2010 وهو تاريخ الإصدار الأول للمنجم، حيث توقف العمل به منذ 2001 وحتى 2005 للجوء الشركة الاسترالية إلى التحكيم الدولي ضد وزير الصناعة فى ذلك الوقت وهو على الصعيدي لوقفه العمل بالمشروع، لعدم اقتناعه بتخصيص 160 كليومتر للمنجم، وكان يرى أن 3 كيلومترات تكفى لاستخراج الذهب. وقال الدكتور أحمد عاطف درديري، رئيس هيئة المساحة الجولوجية السابق، إن منجم السكري يعد أحد المناطق التى يكمن بها الذهب، وكان منجم السكري الوحيد الذي يسمى "منجم الذهب الحكومي"، حيث كانت الحكومة المصرية تستثمر فيه الذهبن وذلك خلال لقائه مع الإعلامية منى الشاذلي ببرنامج العاشرة مساءا على قناة "دريم 2". وأوضح درديري لبرنامج "العاشرة مساء" أمس الذي تقدمه الإذاعية مني الشاذلي أنه قبل أن تصبح منطقة السكري منجما كانت هناك إحصائية تتوقع أن احتياطي الذهب المستهدف استخراجه تصل إلى 6 ملايين وقية، وتبلغ الأوقية نحو 32 جرامًا، وكان تصميم المنجم على أساس انتاج 200 ألف أوقية فى السنة وتزداد إلى 500 ألف، فضلا عن أن سعر الأوقية اليوم يصل إلى 1700 دولار. أضاف أبوالحسن عبدالرؤوف، رئيس هيئة الثروة المعدنية السابق، أنه إذا كان هناك اختلاف فى التطبيق العام لاتفاقية الشركة الفرعونية وهي الشركة الأم لشركة "سنتامين" وهي الشريك الأجنبي بالمنجم، فالبلد الآن فى مرحلة "عدل المعوج"، فالمشكلات بالمنجم بدأت فى أن الاتفاقية تنص على أن تقوم بعمل دراسات على المشروع إلى أن تتقدم بدراسة جدوي، وإذا تم قبول هذه الدراسة من قبل هيئة المساحة الجولوجية سيصدر بها عقد استغلال وتقام شركة عمليات تنوب عن الجانب المصري وعن الشركة الفرعونية وتدير المشروع. يستكمل أبوالحسن حديثه للعاشرة مساء : استمرت الشركة فى العمل بمنطقة السكري إلى أن انتهت ال7 سنوات التى من المقرر أن يتم تقديم دراسة جدوى خلالهم أو تنتهى الاتفاقية، وتم تمديد الفترة وفقا للقانون، وقدمت الشركة دراسة جيدة على منطقة السكري، ولكن رفض الشريك الأجنبي شركة العمليات التي تنوب عنه والجانب المصري، بحجة أن لهم 2600 كيلومترا من جبل السكري لينقبوا بها عن الذهب ووقتها لجئوا للتحكيم الدولي، وتم التوصل إلى حل وهو أن تقام شركة عمليات على الجبل، ويتم طرح المناطق الأخرى فى مزايدة عالمية وإذا تساوا مع أى شركة أخرى يأخذوا الأراضي ب"حق الشفعة" وبعدها نقلت الهيئة إلى وزارة البترول فى حكومة نظيف، وفى 2005 عقد تصالح ومنحوا 160 مترًا مربعًا بالمنطقة. يؤكد أبوالحسن أن أي استثمار بأي منجم طبقا للقانون رقم 86 لسنة 56 ينص على أن يحصل المسثمر على 16 كيلو من الخامات، وإذا زادت النسبة عن ذلك لابد أن تحول لمجلس الشعب ولها قانون أيضا وقبلها لابد أن تدخل فى مزايدة عالمية، ولكن اتفاقية الشركة الفرعونية دخلت مجلس الشعب بدون مزايدة، وتم التغاضي عنها لصالح الشريك الأجنبي. وحول وجود رقابة من قبل الحكومة المصرية على منجم السكري من عدمه، أوضح المهندس سامي الراجحي، ممثل الشريك الأجنبي بمنجم السكري، أن الحكومة كانت لها رقابة على شركة السكري "الشركة المشتركة بين الشريك الأجنبي والمصري"، وعدم وجود الرقابة تتبعه اتهامات "تهريب الذهب وكلها خيالية"، لأن الذهب منظومة علمية تتم بطريقة مدروسة بدقة، "ولم يكن لدينا خلل أبدا فى حجم الذهب". وقال الراجحي إنه يتم نقل الذهب من خلال شركة "جونسون ماس" العالمية وهى التى تتعاقد مع شركات النقل التابعة للحكومة فى مصر مثل شركة "أمانكو" لنقل الذهب لمطار القاهرة، وبعد الثورة يتم نقله بطيارات كندية خاصة إلى دولة كندا، مؤكدا "مش مهم أن المسئولين فى البلد يعرفوا جنسية الطيارة اللي بتنقل الدهب". وأضاف أن دراسة الجدوى التى أجريت على منجم السكرى من أرقى الدراسات فى العالم، وما حدث من تأخير لسنوات كان بسبب البيروقراطية فى مصر، أما التأخير فى الانتاج كان بسبب تأخر التراخيص الخاصة بالمفرقعات المستخدمة والتى استغرقت نحو عام ونصف، لأن منجم السكرى كان أول مشروع من نوعه فى مصر. استبعد المهندس حاتم عزام، عضو مجلس الشعب، فكرة أن يتم نقل الذهب بالطائرات وتهريبه وأن الحكومة لا تعلم ذلك، موضحا أن لجنة الصناعة بدأت فى فتح الملف ومقابلة الجهات المسئولة، وأضاف "مش من مصلحتنا اننا نفرط فى حق هذا الشعب وكمان مش من مصلحتنا نثير جو من الفزع حول أي مستثمر يأتي إلى مصر". وأشار عزام إلى النقاط المخالفة التى توصلت لها لجنة الصناعة وتتمثل فى أن مساحة التنقيب ليست المساحة المخصصة للمشروع و"أخذت مساحة أكثر مما تستحقه"، حيث حصلت الشركة الفرعونية على 5600 كيلومتر مربع بالصحراء الشرقية، فلم يكن هناك نظام حوكمة حقيقي يحكم هذه الشركة، ومن المخالفات أيضا أن التكلفة الاستثمارية للشركة الأجنبية 325 مليون دولار حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وليس 450 مليون دولار -كما قالوا-. وأضاف أنه كان من المفترض أن يتم طرح مناقصة عالمية لمصلحة كل من الشريكين ولكن ما تم هو اسناد مباشر لشركات استرالية، ولم يعلم سبب الإسناد لشركات الأسترالية على وجه التحديد، وقال إن كل هذه المخالفت محل بحث من قبل اللجنة، وسيتم عرضها فى المجلس حين الانتهاء منها، مؤكدا أن ليس فقط منجم السكري ولكن المنظومة التعدينية والتشريعية للتعدين فى مصر تحتاج لإعادة نظر. وإلتقط الراجحي طرف الحديث منه قائلا: المشاكل بدأت فى المشروع منذ تولى على الصعيدي منصبه "هو وهيئة المساحة كانوا عايزينا نمشي.. ولو كنت مستثمر أجنبي كان زماني مشيت من زمان"، موضحا أن ما يتم فى مصر هو الخلط بين القوانين الخاصة بالتعدين وقانون الاتفاقية "اللى بيحكمنا وبيقول إن لينا 25% من الأرض بعد 3 سنوات ونحصل على الأرض كلها بعد 7 سنوات". وفى اتصال هاتفي بالبرنامج قال النائب سيد مجيدة، رئيس لجنة الصناعة والتعدين بمجلس الشعب: "خلال زيارتنا للمنجم فوجئنا بأن جميع العمال مضربين عن العمل وقطعوا الطريق تماما، ومنعوا اى من المسئولين من الدخول إلى مكاتبهم بالشركة"، موضحا أن اللجنة استمعت لشكاوى العمال وأقنعوهم بالعودة إلى عملهم، حيث يشعرون أنهم فى منجم به ثروة كبيرة لمصر، وقد تمثلت مطالبهم فى إنشاء نقابة لهم ، ورفع الظلم الواقع عليهم فى المرتبات والمعاملة الكريمة، حيث يشعرون أن هناك تفاوتا كبيرا فى المعاملة من قبل إدارة المنجم بين العامل المصري والأجنبي، مما جعلهم مستائين نفسيا من المنجم.