حمل قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن انسحاب جزء كبير من قوات بلاده من سوريا تساؤلات عدة ودلالات خاصة فيما يتعلق بمستقبل ملف التسوية السياسية في سوريا مع بدء تنفيذ هذا القرار، وكذلك فيما يخص مصير الرئيس بشار الأسد وإمكان دفع موسكو الأخير لقبول الرحيل الآمن بعد قرار الانسحاب. فقد جاء هذا القرار خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها بوتين أمس الإثنين لقاعدة حميميم لتفقد القوات الروسية معلنا أن القوات المسلحة الروسية قامت وبالتعاون مع الجيش السوري بدحر أقوى الجماعات الإرهابية الدولية ، قائلا: "اتخذت قرارا بعودة جزء كبير من القوة العسكرية الروسية الموجودة في سوريا إلى روسيا". والتقى بوتين خلال الزيارة مع الرئيس السوري بشار الأسد في قاعدة حميميم حيث وجه الأخير الشكر إلى بوتين والقوات الروسية على مشاركتها الفعالة في دحر الإرهاب في سوريا. ويأتي الانسحاب الروسي من سوريا في ظل الهزائم التي تعرض لها تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق وأيضا متزامنا مع إعلان وزارة الدفاع الروسية عن إنجاز مهمة الجيش الروسي بشأن محاربة ودحر تنظيم داعش الإرهابي والقضاء عليه في سوريا. وصرح رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية سيرجي رودسكوى الخميس الماضي بأن مهمة الجيش الروسي القاضية بهزيمة تنظيم داعش قد أنجزت وأن الأراضي السورية تحررت بالكامل من التنظيم وأنه من المرجح خفض القوة العسكرية الروسية في سوريا إلى حد كبير وأن انسحابا قد يبدأ قبل نهاية العام. ويبدو أن الانسحاب الروسي من سوريا ربما يضع أولى لبنات التسوية في سوريا والدفع باتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار، وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات سابقة إن التسوية السياسية في سوريا تتقدم بعد أن تعززت القناعة بأنه لا بديل عنها. خلال اجتماع لوزراء خارجية روسيا والهند والصين في نيودلهي أمس، أكد لافروف أن بلاده متفقة مع الصين والهند على ضرورة التسريع بعملية التسوية السياسية في سوريا وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وعلى مواصلة مكافحة الإرهاب.. قائلا : "إن تحقيق التسوية السياسية في سوريا يتعزز بالمضي قدما في عملية أستانا ومؤتمر الحوار الوطني السوري".. مشددًا على ضرورة مكافحة الإرهاب بلا هوادة وبكل أشكاله بما في ذلك مواجهة نشر أيديولوجيا التطرف وأهمية التعاون مع كل الدول في هذا المجال. ويرى بعض المراقبين للشأن السوري، أن الانسحاب الروسي من سوريا يزيد من محاولات التنبؤ بمصير الأسد والتي أصبحت تشغل الأذهان والتي تنتهى مدته الرئاسية في عام 2021 ، إلا أن آخرين يرون أن الرئيس الروسي اتخذ قرار الانسحاب من سوريا تحسبا لتبعات تدخلات بلاده في الملف السوري على مصير الانتخابات الرئاسية والتي من المقرر أن تجرى في مارس .2018 .