حزب العدل يدعو المواطنين للمشاركة الفاعلة في انتخابات النواب وحسن اختيار المرشحين    الذهب يسجل مستوى تاريخيا محليا بارتفاع 3.5% منذ بداية أكتوبر الجاري    نبيلة مكرم: توزيع 2300 كرتونة مواد غذائية للمستحقين فى برنشت ضمن جهود التحالف الوطنى    حماس عن إغلاق سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي: استفزاز لمشاعر المسلمين    الوسيطان المصري والقطري يعقدان اجتماعا مع وفد حماس بعد لقاء رؤساء الوفود    الأهلي يبدأ حقبة ياس سوروب بمواجهة أفريقية في دوري الأبطال    لأول مرة منذ 11 عامًا.. كاف يبرز ذكرى تاريخية في السوبر الإفريقي    الداخلية تضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء والعصى الخشبية بملهى ليلي بالقاهرة    ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر بمدينة العاشر من رمضان    أخبار الطقس في الإمارات.. غيوم وسحب وحركة رياح نشطة    الزمالك يصرف دفعة من مستحقات لاعبيه خلال 48 ساعة    برونو فيرنانديز يمنح قبلة الحياة لأموريم في مانشستر يونايتد    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    بالأسماء.. إصابة 9 مواطنين في حادث تصادم سيارتين على طريق شبرا بنها الحر    من الحديد إلى الهيروين.. المؤبد لحداد سقط في قبضة العدالة بقليوب    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    الخشت يهنئ الرئيس السيسي وخالد العناني بالفوز بمنصب مدير عام منظمة اليونسكو    ثقافة الإسكندرية تواصل احتفالات نصر أكتوبر بعروض فنية وأفلام تسجيلية    عرض فيلم «هيبتا.. المناظرة الأخيرة» بسينما الشعب في 5 محافظات اليوم    نائب وزير الصحة يجري جولة ليلية مفاجئة لعدد من المستشفيات بالإسكندرية    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    ضبط 22 طن دقيق وسكر وأسمنت ويمتد خلال حملة تموينية مكبرة بالقليوبية    أمن قنا يكثف جهوده لضبط المتهمين فى مشاجرة تسببت فى إيقاف قطار    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    مسؤول روسي يعلن مقتل ثلاثة أشخاص في "ضربة صاروخية" على منطقة بيلغورود    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    أردنى من أصل فلسطينى.. عمر مؤنس ياجى الفائز بنوبل فى الكيمياء 2025    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    دعم ركائز الأمن والاستقرار    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    الصحة العالمية: إدخال الرعاية التلطيفية فى النظم الصحية الوطنية    وزيرة البيئة تتجه إلى أبوظبي للمشاركة في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    5 مرشحين عن دائرة إسنا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس النواب حتى الآن    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    جامعة حلوان تعلن نتائج جائزة التميز الداخلي وتكرم الكليات الفائزة    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلت يوم اعتزالها ..وتوسلت للرسول: "خد بإيدى"..تعرف على قصة ال "شادية" مع الليلة المحمدية
نشر في بوابة الأهرام يوم 29 - 11 - 2017

حين وقفت شادية تناجى الله في الاحتفال ب "الليلة المحمدية" مستعينة برسوله الكريم، تشدو بأغنيتها "خد بإيدى" قبل 31 عامًا، لم تدرك حينها أن وقفتها تلك ستكون الأخيرة قبل أن تعلن اعتزال مسيرتها الفنية، بل لم يكن يخطر ببالها آنذاك أنها ستلاقى بارئها في "الليلة المحمدية"،وهى ذات الليلة التي اعتزلت فيها الغناء، حيث وارى جسدها الثرى اليوم قبل أن تشرق في الغد ذكرى المولد النوى الشريف .
تخفى كواليس تلك الرائعة الدينية "خد بإيدى" الكثير من الأسرار التي أفضت في النهاية إلى اعتزال شادية في قمة مجدها الفني، ولا يمكن فصل "مسك الختام" هذا عن مسيرة شادية التي أمضت فيها أربعون عاما في "محراب الفن"، ففي الخمسينات نجحت شادية في رسم أيقونة لقبها الذي لازمها "الدلوعة" من خلال مجموعة من الأغنيات المرحة التي تجمع بين الرومانسية وخفة الظل في آن واحد، التي ضمنها لها الموسيقار منير مراد وشعراء مثل فتحي قورة وجليل البندارى وأبو السعود الإبيارى.، وخلال فترة الستينات اتجهت شادية إلى الموروث الشعبي العاطفى الذي يعزف على أوتار "الغربة والفراق" بفضل ألحان وضعها بليغ حمدي ومحمد الموجى، وشعراء مثل عبد الرحمن الأبنودى، ومجدي نجيب ، وعبد الرحيم منصور .
شهدت حقبة السبعينات تغيرًا كبيرًا في مسيرة شادية الغنائية، فمطربة الأغاني المرحة التي لم تكن تزيد أغانيها عن الخمس دقائق، دخلت إلى عالم الأغنية الرومانسية الطويلة، بأغاني مثل "أتعودت عليك، الحب الحقيقي، لو القلوب ارتاحت، وأما عليك يا حبيبي كلام" ، وهى الأغاني التي لحنها الموسيقار خالد الأمير.
ومع بزوغ الثمانينيات كرست شادية إنتاجها الغنائي للأغنية الوطنية، فخرجت إلى النور روائع وطنية نالت شادية على وقعها لقبها الأثير لديها صوت مصر مثل" يا حبيبتى يا مصر، يا أم الصابرين، أقوى من الزمن، مصر نعمة ربنا، مصر اليوم في عيد، ادخلوها آمنين".
آخر تلك الأغاني "أدخلوها آمنين" وهى عبارة مقتبسة من القرآن الكريم، دفع شادية للتفكير بجدية إلى الاتجاه ل"الأغنية الدينية" ، وبالفعل قامت بتسجيل أغنية "اللهم ارحم دعايا" من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان بليغ حمدي، وكانت شادية قد طرقت محراب "الأغنية الدينية" منذ وقت طويل، ولا أدل على ذلك سوى قصيدة "قل أدعو الله أن يمسسك ضر ..وجه ناظريك إلى السماء" وهى من كلمات زكى الطويل ،وألحان نجله الموسيقار كمال الطويل ، وقد غنتها شادية خلال فيلم" ظلموني الناس" عام 1953.
رأت شادية في ذلك اللون الغنائي بابًا لم يُفتح لها من قبل، وبدأت بعرض الفكرة على الشعراء والملحنين، ولكنها لم تكن تريد دخول هذا الباب بشكل تقليدي، من خلال صورة نمطية أو "أكلشيه" ثابت وضعه الملحنون سلفا للأغنية الدينية ينحصر في صورة "الابتهالات" و"الناي الحزين" بحسب وصفها في أحد لقاءاتها الإذاعية .
ذهبت شادية لأداء مناسك الحج عام 1985، وفى المدينة المنورة كان لقاؤها بالشاعرة الدينية علية الجعار، وهى التلميذة النجيبة لشاعر الزهد عبدا لله شمس الدين ، والابنة المدللة لمداح الرسول الفنان محمد الكحلاوى، والتي غنى من كلماتها " حب الرسول يابا دوبنى دوب"، حينها تحدثت شادية وعلية الجعار على هذا المشروع الغنائي، وضرورة انجازه.
بين أروقة دار الإذاعة بالقاهرة، حيث كانت تعمل الشاعرة علية الجعار، كان رئيس الإذاعة فهمي عمر، والإذاعي القدير على عيسى مدير إذاعة البرنامج العام يفكر بشكل مختلف لإنجاز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليُضاف إلى الروائع التي أخرجها مثل برامج "قل ولا تقل، قطوف الأدب من لغة العرب"، وكانت فكرة إطلاق "الليلة المحمدية" .
كانت علية الجعار قد انتهت لتوها من كلمات الأغنية الدينية "خد بإيدى"، وأرسلت كلماتها إلى شادية، وإلى الإذاعي على عيسى، وعرضت شادية كلمات الأغنية على عدد من الملحنين، فوقعوا في أكلشيه "الناي الحزين" التي ترفضه شادية رفضا مطلقا، إلى أن عرض عيسى على شادية ذلك اللحن الذي وضعه الملحن الشاب عبد المنعم البارودي، الذي كان لا يزال يخطو بصمت خطواته الأولى في عالم التلحين ومتا سمعت شادية المذهب الأول من الأغنية حتى شعرت بأنها قد اكتشفت هذا الملحن، مثلما قد اكتشفها أيضًا، فقد حقق بألحانه الرائعة الرائقة ما كانت تصبو إليه شادية.
في ليلة الثالث عشر من نوفمبر عام 1986، كان مسرح الجمهورية قد استعد تماما لانطلاق "الليلة المحمدية الأولى"، حيث تقدم الحضور الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق، وأستاذ الأدب العربي بكلية دار العلوم، بدأ الحفل بأغنيات دينية قدمها الفنان محمد ثروت ، الفنانة سوزان عطية، ثم توسط المطرب الكبير محمد قنديل تلك الاحتفالية بأغنيته الرائعة " ذكرى ميلاد النبي نورها تجدد..200 صلاة على النبى سيدنا محمد..مدد مدد مدد والصلاة على محمد" من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان الموسيقار سيد مكاوي بمصاحبة فرقة موسيقى الإذاعة.
لكن ما ستقدمه شادية سيجب ما قبله من روائع خالدة في حب الرسول، وقفت شادية بثوبها الأبيض، تتوسط فرقة النيل الموسيقية بقيادة الموسيقار عبد العظيم حليم ، الذي تولى من قبل توزيع قصيدة "الثلاثية المقدسة" لكوكب الشرق أم كلثوم، من كلمات الشاعر صالح جودت ، وألحان الموسيقار رياض السنباطى.
كلمات الأغنية التي كانت تفيض بمناجاة الرسول - صلى الله عليه وسلم – للوصول إلى مرحلة الندم والخلاص من الذنوب، والانتقال إلى مرحلة جديدة يسمو فيها الحب لله ورسوله على كل حب قد استغرقت شادية كثيرا، فبدأت تلك المناجاة بقولها "جه حبيبي..وخد بإيدى..قلتله أمرك يا سيدي.. جه وعرفني طريقي وسكتي..وفى هداه وفى نوره مشيت خطوتي ..وفى حماه هلت بشاير فرحتي..والآمان فرد الجناح على دنيتي..قلت يا شموع الأمل حوليا قيدي..جه حبيبي وخد بإيدى فلتله أمرك يا سيدي..أمرك يا سيدي" .
استطاع عبد المنعم البارودي أن يستغل الكلمات لينتقل عبر ألحانه وصوت شادية إلى آفاق رحبة من النورانية والروحانية التي تنبعث عبر موسيقاه، وقد أجاد أيما إجادة في استخدام الكورال والآلات الموسيقية المتعددة مثل آلات النقر مثل "الطبل، والرق ، والدف"، وقام بتوظيف الناي بشكل جديد .
تعانقت الكلمات والألحان مع صوت شادية في مناجاة حقيقة لطلب التوبة والتماس الغفران، وسالت دموع شادية أكثر من مرة ، على وقع التصفيق الحار مع كل مرة يستقبل فيه الجمهور كوبليه جديد من الأغنية، حتى وصلت مدة الأغنية إلى 39 دقيقة، وهى أطول من أي مدة قضتها شادية من قبل في أغانيها العاطفية أو الوطنية.
لقد أدت شادية الأغنية بدموعها وبكل طاقتها وحواسها ، وفى كل مرة يطلب الجمهور إعادة كل كوبليه من هذه الأغنية مرة أخري, بل إنها أعادت الكوبليه الأخير من الأغنية لثلاث مرات، والذي تقول كلماته :" آدي حالي.. وآدي حال المؤمنين.. اللي آمنوا بالنبي الهادي الأمين..اللي كان رحمة لكل العالمين.. يا نبينا يا ختام المرسلين.. خد بإيدي" .
وبعد إسدال الستار انفجرت شادية في البكاء، حينها عزمت أن تكرس صوتها للأغاني الدينية فقط، وبعد انتهاء الحفل، تم تصنيف الأغنية باعتبارها "أغنية العام" ، وتم اختيار شادية كأفضل مطربة لعام 1986، وحين سجل الإعلامي إمام عمر مع شادية تمنياتها لعام 1987، والتي أعربت فيها عن أملها بأن تخصص جهدها للأغنية الدينية، وبعد ثلاثة أيام من هذا الحوار الإذاعي، وبينما كان عمر يستعد لإذاعة حواره مع شادية على أثير الإذاعة، جاءته مكالمة منها، تطلب منه عدم إذاعة الحوار، فقد قررت شادية الاعتزال بشكل كامل، ولن يكون بمقدورها أن تعد الجمهور بإنجاز أغنيات دينية ثم تتراجع عن ذلك الوعد، فهي تلتزم بصدق ما تعد به .
اليوم وبعد 31 عامًا من غناء تلك الأغنية التي طالبت فيه شادية بأن يأخذ الرسول بيدها إلى طريق الله، ذهبت شادية للقاء الله، تأمل عفو الرحمن الرحيم بأن يسكنها فسيح الجنات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.