"الله يرحمك يا بابا.. يارب أموت وأروح عند بابا فى الجنة عشان وحشني" يقولها إبراهيم ببراءة عندما يسمع الآذان، بينما تتأثر بسملة بكل من يعاملها ب"حنية" وتهمس لأمها "نفسي أقول لحد يا بابا". انتقلت "أم بسملة وإبراهيم" بعد استشهاد زوجها مصطفى إبراهيم شحاتة (31 سنة-منجد) في مظاهرات يوم 29 يناير بالإسكندرية إلى شقة والدها، لعجزها عن دفع الإيجار و"بدأت أشتغل في البيوت لكن صحتي تعبت"، ولذلك اضطرت والدتها (62 سنة) للعمل في مركز طبي للأشعة لأكثر من 15 ساعة لمساعدتها في تربية أطفالها بسملة (7 سنوات) وإبراهيم (4 سنوات). لم تأخذ "أم بسملة" من تعويض قدره 30 ألف جنيه سوى 3 آلاف، لأن باقي المبلغ في المجلس الحسبي، وتخشى من توقف معاش استثنائي قدره 1500 جنيه يشترك فيه معهم والدي زوجها اللذين رفضا مساعدتهم. محافظ الإسكندرية قام بتكريم 22 شهيدا على مستوى المحافظة لكنه رفض تكريم اسم زوجها، قائلا "هما دول بس اللى شهدا..الباقى دول بلطجية"، وعندما تقابل مع أسر شهداء الإسكندرية بالغرفة التجارية منذ حوالي 6 أشهر وعدهم بأنه سيوفر لهم مسكنا ويلبي احتياجاتهم ولكن "لا حياة لمن تنادي"، لأنها سبق وتقدمت بطلب توفير "كشك" صغير لتعيش من دخله "كل أملي أربي ولادي وأوفر لهم حياة كويسة". "أم بسملة" واحدة من 300 حالة تبنتها حملة "دعم مصابي وأسر شهداء ثورة 25 يناير"، التي تنتمي لرابطة من مؤسسات المجتمع المدني–تحت التأسيس-، وهى أيضا واحدة من 9 حالات انتهت الحملة من مساعدتهم في تنفيذ مشاريع تدر عليهم دخلا، وهذا ما أكده محمد جمال الدين حامد، مدير المشروعات بالحملة. طلبت "أم بسملة" من القائمين على الحملة "كشك صغير" بجوار المنزل، لكن تمويل الحملة الذي كان يعتمد على التبرعات، حال دون ذلك، لكنهم أعطوها 1000 جنيه لشراء ملابس وبيعها لجيرانها لتتمكن هى فيما بعد من مضاعفة المبلغ. بدأت الحملة التي أسسها عدد من الشباب يوم 20 فبراير 2011 "كانت كل فكرتنا زيارة المصابين فقط لأنهم ضحوا بنفسهم عشانا" وتضيف داليا بهاء، منسقة الحملة، أن مصابي الثورة كانوا يشترون العلاج على نفقاتهم الخاصة "حسينا إننا لازم نقدم لهم حاجة"، وبدأت معاناة أعضاء الحملة في تجميع بيانات المصابين من مختلف المستشفيات التي كانت ترفض ذلك لاعتقادهم أنهم صحفيون. في مستشفى قصر العيني كانت بداية حملتهم، حيث التقوا إبراهيم على عثمان (32 سنة) الذي أصيب بطلق خرطوش في عينه اليمنى بميدان التحرير يوم 28 يناير المعروف ب "جمعة الغضب"، مما تسبب فى انفجار عينه ففقد بصره سوى بصيص نور، حيث تم إجراء عملية جراحية له لوقف النزيف الداخلي بالعين، وبعدها بشهر أجريت له عملية أخرى لإزالة الخرطوش. الطبيب منع إبراهيم من الحركة حتى لا يعود النزيف الداخلي لعينه فيفقد بصره نهائيا وبالتالي فقد مصدر رزقه الذي كان يعينه على تربية أولاده نورهان (11 سنة) ومحمد (8 سنوات)، "كان إحساسا صعبا عليا أوى إنى أكون فى البيت وعاجز إنى أنزل أشتغل"، بنبرة حزن قالها إبراهيم الذي كان يعمل سائقا قبل إصابته، لكنه أصبح لا يمتلك القدرة على التركيز في أي شيء، ولا الرؤية ليلا.