تشمئز طبقة عريضة من المصريين من رؤيتهم يتجولون في الشوارع، ويصيب بعضهم الخوف والريبة، التي تصل إلى حد الرعب أحيانًا، حيث التصقت بهم جرائم الخطف والبلطجة، رغم أنهم يؤكدون أنهم "يجرون على أكل عيشهم". "قاهرة بلا كارو" مبادرة تسعى العاصمة إلى تنفيذها بقوة، في محاولة لإيجاد نقطة اتزان في هذه المعادلة الصعبة، بإلغاء المظهر الذي يقز البعض ويثير لديه الريبة، وتحقيق حياة كريمة باستخدام بديل ميكانيكي "تروسيكل"، في رحلة البحث عن الرزق. مبادرة محافظة القاهرة لإلغاء الكارو تأتي في إطار العمل على تحسين المظهر الحضارى لشوارعها التاريخية والأثرية، وهي تدخل ضمن الإجراءات المتبعة للحفاظ على تاريخ شوارع العاصمة، إما بحملات النظافة، أو مشروعات التطوير، أو المبادرات المجتمعية، للعودة بالقاهرة كمدينة سياحية على رأس المدن الجاذبة للسياحة فى الشرق الأوسط، كما كانت فى الماضى. التقت "بوابة الأهرام" عددًا من أصحاب "الكارو" فى سوق الزيتون، وشارعى "الحلمية" و"العزيز بالله"، للتعرف على آرائهم في المبادرة، وقدرتهم على التكيف معها، للعودة بالعاصمة إلى مدينة سياحية بتراثها وتاريخها العريق. "فكرة فاشلة"، هذا ما أكده "توفيق"، مشيرًا إلى أنه لم يسمع عن المبادرة، ولم يخاطبهم الحى، وعلل سبب اقتناعه بفشل الفكرة بأن قطاعا عريضا من الفقراء يعملون "أرزقية" و"عربجية" على العربات "الكارو"، ولن يتحملوا أعباء دفع أقساط التروسيكل الذي تنوي المحافظة استبداله بالكارو. "ما سمعناش عن المبادرة.. حتى لو سمعنا هنعمل إيه.. إحنا نفسنا نعمل 50 أو 100 جنيه، نروح بيهم لعيالنا آخر اليوم"، هكذا تحدث "فتحى" ل"بوابة الأهرام"، مؤكدًا أيضًا عدم سماعه عن مبادرة استبدال "الكارو" ب"التروسيكل"، معربًا عن رفضه المبادرة التى اعتبرها ما هي إلا "عبء" إضافى على أعباء الحياة عليهم؛ لأن وضعه لا يحتمل سداد أقساط "تروسيكل"، ولافتًا إلى أن دخله من بيع "ريموتات التليفزيون" لن يعينه على أسعار الوقود "بنزين" و"سولار" اللازمة لتشغيل التروسيكل، علاوة على الصيانة. "يفتح الله.. الله فى سماه ما أنا متحركة من مكانى.. يخدوها بس يدونى شهرية تكفى 4 أيتام"، بعفوية تحدثت "أم جاد"، صاحبة كارو لبيع الخضار والفاكهة ل"بوابة الأهرام"، معلنة رفضها المبادرة، قائلة: "أنا ست هسوق تروسيكل إزاى.. هى الحكومة مش واخدة بالها ان فيه كارو بتشغلها ستات"، ومؤكدة أن الحكومة وأجهزة المحافظة تناسوا "السيدات" اللائى يعملن على الكارو، ولافتة إلى أنها ورثت "الكارو" عن زوجها المتوفى، وهى الآن تعمل عليها لتربية أبنائها الأربعة. صوت سائقي "الكارو" لم يصل لأجهزة المحافظة، ولم تصل كذلك مبادرة العاصمة لآذان سائقي "الكارو"، وبالرغم من حالة عدم التواصل بين الطرفين، فإن عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، كلف رؤساء الأحياء بتحديد بؤر انتشار "الكارو"، ووجودها داخل كل حى، والتواصل مع أصحاب هذه العربات، وتلبية مطالبهم فى استبدال العربة بتروسيكلات أو سيارات ربع أو نصف نقل حسب الاحتياج؛ لنجاح تنفيذ المبادرة. اللواء محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقتين الغربية والشمالية، أكد أن المبادرة ستعود بالنفع على صاحب العربة عند بيعها وبيع "الدابة" التى تجرها، موضحًا، فى تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام"، أنه تم حصر 1700 عربة "كارو" على مستوى أحياء العاصمة، وقائلاً: "عقدنا اجتماعات من فترة مع أصحاب العربات وأبدوا ارتياحهم للمبادرة". كما أن صاحبها سيتخلص من لفظ "عربجى"، وسيسدد أقساطًا بأقل فائدة. كما أن محافظة القاهرة ستدعمهم عند شراء "التروسيكل" ب10 آلاف جنيه. وأضاف نائب محافظ القاهرة أنه تم التركيز على بعض الأحياء المركزية فى القاهرة، مثل "شبرا، وروض الفرج، والشرابية" وغيرها، لافتًا إلى اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد من سيسير ب"الكارو" مرة أخرى، بعد تدشين المبادرة واستبدالها ب"تروسيكل". وبحسب ما أعلنته المحافظة في بياناتها، فقد بدأت بالفعل أجهزة الأحياء فى عمليات الحصر، تنفيذًا لتعليمات المحافظ ببدء فى تطبيق المبادرة. وأوضحت هالة عبدالنبى، رئيسة حى التبين، فى تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام"، أن الحى لا توجد فيه عربات "كارو"، لافتة إلى أن الموجود بنطاق الحى يأتى من محافظة الجيزة، وكوبرى "المرازيق" إلى أسواق الحى، وينهون عملهم فى تمام ال11 صباحًا كل يوم، ومن ثم لا يمكن حصرها؛ لأنها قادمة من محافظة مجاورة، ومضيفة أن أحياء مجاورة للتبين كالمعصرة وحلوان ومصر القديمة توجد فيها مثل هذه العربات. منطق "الخلو" ينطبق أيضًا على حى مصر الجديدةالذى أكد رئيسه إبراهيم صابر، فى تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن الحى بطبيعته يعد من أحياء العاصمة الراقية، ويخلو تمامًا من هذه العربات، وحال وجودها فهى تأتى من حى الزيتون القريب من حى مصر الجديدة؛ لتفريغ حمولة فى أسواق الخضار، ويتم ضبطها ومصادرتها على الفور. أما فى حى حلوان ذى الطبيعة الشعبية – حسب وصف - صادق على، رئيس حى حلوان سابقًا رئيس حى الخليفة حاليًا، في حديثه ل "بوابة الأهرام"، تجد "الكارو" منتشرة فى مناطق عديدة وعزب موجودة بالحى، مؤكدًا البدأ فى عمليات الحصر التي مازالت جارية، وموضحًا أنهم التقوا عددًا من أصحاب العربات؛ لتعريفهم بالمبادرة، وتمت مناقشتهم فى الأنشطة التى تتماشى مع أعمالهم، فمثلاً سيتم إمدادهم بتروسيكل كبير إذا كان النشاط ضخمًا والعكس صحيح. وأضاف "على" أن تمويل المشروع أو المبادرة سيتم عن طريق الصندوق الاجتماعى، والجمعيات الأهلية، مع تيسيرات فى قروض بسيطة إذا تطلب الأمر، مشيرًا إلى أن البعض يفضل استمرار سير "الكارو" وعملها، خاصة أنها لا تسبب ضررًا بيئيًا وصحيًا، لكن المبادرة ستحسن بالفعل من مظهر شوارع العاصمة.