في عام 1890م، ألقى "إداوراد نافيل" عالم المصريات خطبة شهيرة في مصر بعد قيامه بالتنقيب عن آثار منطقة تل بسطة التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية لمدة 6 أشهر متصلة حيث قام باكتشاف الكثير من آثارها المهمة. وتنشر "بوابة الأهرام" جزءًا من نص خطبة العالم الأثري نافيل التي يبلغ عمرها حوالي 129 سنة، حيث كشف نافيل أن مساحة منطقة تل بسطة كانت تبلغ نحو 4 آلاف فدان في بدايات القرن التاسع عشر، وتقلصت لنحو 800 فدان في عصره في نهايات القرن التاسع عشر عام 1890م، بسبب قيام المواطنين بتمهيد أرضها واستغلالها في الزراعة والبناء. قال الأثري نافيل إن تل بسطة، ذُكرت في الكتاب المقدس في التوراة فهي مدينة "فيبسته" التي نالها عقاب الرب، واقتطع نافيل في خطبته الأثرية مقاطع من التوراة، بقوله "قال الله على فم النبي حزقيال، وأبيد الأصنام وأبطل الأوثان من نوف، وأسكب غضبي على سين حصن مصر، واستأصل جمهور نو شبان أون، وفيبسته يسقطون بحد السيف وهما تذهبان إلى السبي ". وإداوار نافيل، هو عالم سويسري زار مصر عام 1865 ليبدأ رحلته في اكتشاف اللغة المصرية القديمة والتنقيب عن الآثار وعمل في مناطق آثرية أهمها "تل بسطة" بالقرب من محافظة الشرقية حالياً كما عمل في معبد الدير البحري بالأقصر وقام نافيل بالحفر هو وصديقه المستر غرفت بالحفر في تل بسطه واكتشف أن المعبد الذي يصفه بالهيكل كان مشتملاً علي 4 أدوار فسيحة بنيت في عصور لاحقة ورمسيس الثاني الذي يصفه "برعمسيس" قام بأداوار قبيحة علي حسب وصفه حيث إنه قام بمحو أسماء غيره من التماثيل . ويضيف أن معبد فيبسته بنى في عهد الملك خوفو وبقي حتي أيام الدولة الثانية عشرة التي كونت إمبراطورية مصرية، وقد وجد فيها اسم امنمحات وأمه وزاد الملوك العظماء المصريين في عظمة الهيكل الذي جعل هيردوت يصف روعته حيث قال قولته الشهيرة "إنه توجد هياكل أكبر منه ولكنها ليست أجمل منه "، مضيفًا أن الأروقة البديعة نقلت إلى إنجلترا وأمريكا. ومما يزيد أهمية معبد تل بسطة اكتشاف الكثير من أسماء الملوك الرعاة الذين قاموا باحتلال مصر وحرقوا معابدها لافتًا أنه وجد أسماء ملوك من الغزاة الذين حاربوا أهالي جبل سيناء ليتمكنوا من الاستيلاء على مناجم النحاس. وأضاف عالم الآثار الشهير في خطبته أن أرض جاسان التي أقيم فيها بني إسرائيل كانت بالقرب من فيبسته فلما كثر عددهم تعدوا حدودهم وانتقلوا إلى هيلوبولس المطرية فأوجس منهم رعمسيس الثاني خوفا هذه نتيجة بحث استمرت لمدة 6 أشهر من ملوك الدولة السادسة. وقال وجية صلاح مفتش منطقة آثار تل بسطة بمحافظة الشرقية في تصريحات ل"بوابة الأهرام " إن مساحة المنطقة السياحية اليوم لا تزيد على 120 فدانًا فقط، وبها مخزن أثري ضخم، يحتوي علي عشرات الآلاف من القطع الآثرية وحديقة مكشوفة وأكبر تمثال بالوجه البحري للملك "مريت أمون"، وتعاني هذه المنطقة المهمة اليوم من نقص حاد في استقبال السائح المحلي قبل الأجنبي. و أكد صلاح أن كلمة تل بسطة انشقت من اسمها القديم "باستت" وهي إلة السعادة والفرح، ولدينا دلالات قوية تؤكد أن المنطقة كانت مزارًا مهمًا للمواطن الفروعني القديم وخاصة في الاحتفالات الدينية والترفيه والشعور بالفرح والسعادة. وأضاف مفتش منطقة آثار تل بسطة في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام" أن المنطقة الأثرية الكبيرة والأشهر بمحافظة الشرقية بل بالوجه البحري تعاني من قلة الزيارات حتي فقدان طلاب المدارس بالمحافظة، وتحديدًا بعد شهر يناير 2011. وقال "صلاح" إن المنطقة عانت كثيرًا من وجود تبه لضرب النار مخصصة لتدريب رجال الشرطة منذ عشرات السنين، وتسمى قانونًا ب"مركز تدريب الشرطة"، والتي كانت ولازالت سببًا لإزعاج السائح الأجنبي قبل 2011، حيث كان يسمع طلقات الأعيرة النارية وهروب السائح من زيارتها حتي اليوم مضيفا أن تبة ضرب النار صدر لها قرار بالإزالة في عام 1993 ونقلها بمكان آمن بمركز بلبيس، إلا أن القرار لم ينفذ بسبب رغبة الضباط بالاحتفاظ به لقرب المسافة من قيادتهم الإدارية، مما ساعد علي تخفيض الزائرين والوفود الأجنبية. واستنكر مفتش الأثار بمنطقة تل بسطة بالشرقية طبيعة الطرق التي وصفها بالسيئة، وخاصة أن منطقة أثار تل بسطة لا تبعد عن القاهرة كثيراً، إلا أن رحلة السائح عادة يستكمل رحلته إلي منطقة أثار صان الحجر والتي تبعد 80 كيلو عن مدينة الزقازيق التي بها منطقة أثار تل بسطة، مشيرًا إلى أن وقت رحلتها تقدر ب3 ساعات إيابًا ومثلهم ذهابًا من الأخيرة فقط، وهي مشقة كبيرة للسائح الأجنبي، علاوة على ضعف مستوى الفنادق، والوضع الأمني بعد 20 يناير 2011، وحتى اليوم.