رغم إصدار الدولة لقانون الهجرة غير الشرعية، ووضع عقوبات على من يعمل في هذا المجال، إلا أن الظروف الاقتصادية العصيبة، وطموح الشباب، مازال يدفع بهم إلى التهلكة، وتتحول أحلامهم من العمل لتحقيق الثراء السريع إلى ملاقاة الموت. منذ أيام خيم الحزن الشديد علي أسر العديد من المصريين، وخاصة أسر 3 من الشباب المصري من أبناء محافظة كفرالشيخ، الذي راحوا ضحايا رحلة السفر غير الشرعية إلي ليبيا، وهم ينتمون لقري (تفتيش إصلاح شالما وابو العزايم) التابعتين لمركز سيدى سالم، و(تفتيش أبو سكين) التابعة لمركز الحامول فى محافظة كفر الشيخ، حيث لقوا حتفهم جوعًا وعطشًا في عمق صحراء طبرق الليبية. كان هؤلاء الضحايا، ضمن مجموعة من المهاجرين المصريين من عدة محافظات، وهم في طريقهم للسفر إلي ليبيا بحثًا عن فرصة عمل بطريقة غير شرعية، رغم صدور القوانين التي تجرم الهجرة غير الشرعية، إلا أن هؤلاء الشباب قد ضاق بهم الحال في مصر، وفشلوا في الحصول علي فرصة عمل حقيقية في بلادهم، فعقدوا العزم للحصول عليها في أرض غير الأرض. تبين تحلل الجثث، وتم دفنها في ليبيا، بعد وضعها في ثلاجة مركز طبرق الطبى، والتصرف فيها بالدفن، لصعوبة نقلها إلي مصر بهذا الوضع الصعب، إلا أن أسرة أحد الضحايا من كفرالشيخ، نجحت في إحضار جثمان نجلها، وتم دفنه بمقابر أسرته بقرية أبو العزائم التابعة لمركز سيدي سالم. يقول على أحمد فرج، موظف بالأوقاف، مقيم بقرية تفتيش أبو سكين التابعة لمركز الحامول بمحافظة كفر الشيخ، إنه توجه إلى مدينة السلوم برفقة أقاربه، مساء الجمعة الماضية، بعد علمه بوفاة اثنين من عائلته فى ليبيا، وهما علاء عبدالباقى عبدالسلام، 28 عامًا، من مركز الحامول، والسعيد إبراهيم محمد، 18 عامًا، ابن شقيقته ومقيم بمركز سيدى سالم، وأضاف، أنهما سافرا من كفر الشيخ يوم الخميس أول أيام شهر يوليو الجاري، بغرض العمل فى ليبيا، وانقطعت أخبارهما فجأة بعد أن كانا على اتصال بنا، وعلمنا بعد عدة أيام بخبر وفاتهما وآخرين. وأضاف، أنه ظل يومين كاملين فى منفذ السلوم، فى محاولة منه للدخول إلى ليبيا عن طريق المسئولين المصريين، لاسترجاع جثمان ابن شقيقته، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، مشيرًا إلى أنه تواصل مع الهلال الأحمر الليبيى فى طبرق، وتأكدنا من أنه ضمن المتوفين، وطلبنا منهم استرجاع الجثمان، وأبدوا موافقتهم لكنهم طلبوا منا التواصل مع الجهات المصرية. وأوضح عماد أحمد، خال المتوفى علاء عبدالباقي، أن مسئولين فى ليبيا أكدوا لهم عبر اتصالات هاتفية، صعوبة نقل الجثث بوضعها الحالي، نظرا لتحللها، فطلبوا استخراج شهادات وفاة للضحايا بمساعدة وزارة الخارجية. من جانبها، قالت نصرة عبدالباقي، شقيقة المتوفي علاء عبدالباقي عبدالسلام، إن شقيقها سافر إلي ليبيا للبحث عن فرصة عمل هناك، منذ الخميس قبل الماضي، مع عدد من الشباب من عدة محافظات، وكان دائم الاتصال بهم حتي انقطعت الاتصالات منذ عدة أيام. وأوضحت شقيقة المتوفى، أنه كان يعمل باليومية في مصر ليستطيع الإنفاق على نفسه، ولكن لم يكن العائد جيدًا، وفضَّل السفر للعمل في ليبيا، قائلة: "راح مع مجموعة شباب معرفهمش، وسمعنا إنه مات، وأهلي راحوا منفذ السلوم في مطروح، انتظارا لوصول الجثة، أو الحصول علي شهادة وفاة في حالة دفنه هناك في ليبيا". وقال عبده عبدالباقى، إن شقيقه أبلغنا بأنه سيسافر لليبيا مع عددٍ من الشباب عن طريق مطروح، وسيقوم بسداد مبلغ 30 ألف جنيه، وانقطع الاتصال بيننا وبينه، ولم نعلم بخبر وفاته إلا عن طريق أحد الجيران، بأن صورة بطاقته الشخصية متداولة على "الفيس بوك"، وأنه ضمن المتوفين في رحلة السفر غير الشرعية إلي ليبيا، وأنه قرر عمل عزاء لشقيقه بعد فقدان الأمل فى عودة جثمانه من ليبيا، عقب تصريح المسئولين في ليبيا، بأنه تم دفنه وآخرين هناك. وفى قرية أبو العزائم، التابعة لمركز سيدى سالم، شيع الأهالي جثمان الشاب محمد فؤاد الصعيد، 22عامًا، حاصل على دبلوم صنايع، وكان يعمل "استورجى" بعدما استطاع ذووه إعادة جثمانه عن طريق أحد الأقارب فى ليبيا، ودفع مبلغ مالى كبير هناك. وقالت هالة فؤاد شقيقة المتوفى، إنه أنهى الخدمة العسكرية فى القوات المسلحة، منذ ما يقرب من 4 أشهر، وأراد السفر بطريقة غير شرعية لتجهيز نفسه وسداد ديونه، ودفع مبلغ 7 آلاف جنيه نظير السفر، مشيرة إلى أنه سافر ثالث أيام عيد الفطر، وبعدها اتصلنا بأقاربنا هناك، فأكدوا عدم وصوله، وبالبحث، تبين وفاته فى الصحراء بمنطقة طبرق، وأنهم عرفوا بوفاته فى الأيام الأولى قبل تحلل الجثة، وبالاتصال ببعض الأقارب ودفع مبلغ مالى، تمت إعادة جثمانه ودفنه بمقابر العائلة، بعد إنهاء الإجراءات فى السفارتين الليبية والمصرية. واستقبلت قرية تفتيش إصلاح شالما بمركز سيدي سالم، خبر وفاة السعيد إبراهيم محمد، 18 عامًا ، بحالة حزن وصدمة، وهو أحد ضحايا رحلة السفر غير الشرعية، حيث قال والده إبراهيم محمد، إنه ذهب إلى السلوم فى محاولة لإعادة جثمان نجله، إلا أنه لم يستطع لعدم علمهم بوفاته إلا عن طريق الإنترنت، مشيرًا إلى أنه تواصل مع مسئولين في ليبيا، وعلم بصعوبة استلام الجثث لعدم تحرك أحد من الجانب المصري حتى تحللت الجثة. وأضاف والد المتوفى، ابني "كان مسافر يبنى حياته مع مجموعة من الشباب بعد فشلهم في الحصول علي فرصة عمل في بلادهم، ومرجعش ولا حتى جثته، وعليه العوض ومنه العوض، ملقوش شغله فى بلدهم، هاجروا بطرق غير شرعية لصعوبة إجراءات السفر إلى هناك ومرجعوش تاني". .