قضت الدائرة الأولى "فحص طعون" بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش، نائبى رئيس مجلس الدولة، بإجماع الاَراء، برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية ضد إحدى السيدات، لتسجيلها جنائيا فى كارت المعلومات، وألزمت الداخلية بالمصروفات. قالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن إعمال القاعدة الدستورية القضائية ب"أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته" يتفرع عنها لزوما إبراء ساحة أى متهم قُضى ببراءته بحكم قضائى، لانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للوقائع المنسوبة للمتهم، وهذه البراءة تُهيئ له مركزا يتساوى فيه مع غيره ممن لم يسند لهم هذا الاتهام، والقول بغير ذلك يؤدى إلى إهدار الأحكام القضائية التى يمثل احترامها المظهر الحقيقى لمبدأ خضوع الدولة للقانون، فضلا على إهداره حقوق الأفراد وحرياتهم وبقائهم خاضعين لسيف الاتهام المقضى ببراءتهم منه. وأوضحت الحيثيات أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها اُتهمت فى القضايا أرقام 8255 لسنة 2007 جنح الدقى "تحريض على الفجور"، وقُضى فيها بجلسة 19/11/2007 بالبراءة، و17502 لسنة 2008 جنح العجوزة "قضايا اَداب"، وقُضى فيها بجلسة 9/5/2009 بالبراءة، و9372 لسنة 2009 جنح الهرم " ممارسة دعارة" والمقيدة برقم 32103 لسنة 2009 جنح مستأنف، وقُضى فيها بجلسة 21/10/2009 بالبراءة. وعلى هذا النحو، فإن المطعون ضدها لم تثبت إدانتها فى القضايا المذكورة، ويكون إدراج اسمها ضمن المسجلين جنائيا باعتبارها متهمة فى تلك القضايا إنما يخالف الواقع، ويخل بحقها الدستوري في التمتع بأصل البراءة ما دامت لم تثبت إدانتها بحكم قضائي، بغض النظر عن نوع الاتهام ونظرة المجتمع، وهو ما يوصم مسلك الإدارة بعدم المشروعية لما فى ذلك من اعتداء على حقها المستمد من الدستور، ويمثل عقبة فى سبيل سلوكها الطريق القويم. وانتهت المحكمة إلي أنه لا يكفى سندا للإدارة فى مسلكها ما أشارت إليه من أن هذه البيانات تستخدم للاسترشاد والتحريات. كما أن استمرار تسجيل اسمها على الوجه المشار إليه يجعلها محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريتها الشخصية، ويؤثر على سمعتها ومستقبلها وأقاربها وذويها، وهو ما يتعين محوه، حتى لا يظل سيف الاتهام فى تلك القضايا عالقا بها إلى ما لا نهاية، وهو ما يخالف الفطرة السليمة للإنسان، ومن ثم فإن استمرار جهة الإدارة في تسجيل تلك القضايا أمام اسمها وامتناعها عن محوها من سجلاتها وأجهزتها يشكل قرارا إداريا مخالفا لأحكام الدستور والقانون ، ولا يستند إلي سبب صحيح.