دعا خبراء من مصر وليبيا، إلى ضرورة التعاون بين البلدين في مواجهة التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، وذلك في ندوة عقدت في ثالث أيام "مهرجان الأهرام الثقافي" في بنغازي تحت عنوان "القوات المسلحة والأمن في مكافحة الإرهاب". وتمحورت الندوة حول تحديات الأمن القومي التي تواجه الدول العربية، وتحدث في الندوة خالد عكاشة مدير المركز الوطني للدراسات الإستراتيجية والأمنية في مصر، خالد الترجمان، مستشار الأمن القومي السابق، وفراس زيدان، الناشط الحقوقي والسياسي. وأعرب خالد عكاشة، عن شكره لمؤسسة "الأهرام" العريقة التي آلت على نفسها أن تكون صاحبة أول فعالية شعبية على أرض مدينة بنغازيالمدينة، كما شكر كل المحتفين بالوفد المصري، والساهرين على أمنه. وقال عكاشة: إنه فوجئ بمظاهرة هائلة من رودود الأفعال من الغالبية العظمى من المصريين الذين علموا بزيارة الوفد إلى بنغازي، الذين أظهروا حالة من الفرح الشديد، وطلبوا نقل تهنئة المصريين لأهالي بنغازي لانتصارهم على الإرهاب تثمينا لتوجهنا وسفرنا إلى بنغازي. وأشار إلى أن رد الفعل الشعبي التلقائي على الزيارة، يشير إلى حالة من حالات الوعي الإستراتيجي، والحس النادر لدى المواطن العادي الذي ثمن هذه الرحلة على وجه التحديد، ونظروا إليها في مصر من بعدها الإستراتيجي. وأضاف: "ارتفاع الحس الوطني اليوم دخل فصلا جديدا وسجل حالة متقدمة، ومن ثم لم تكن التحديات التي واجهناها كلها شر، بل حملت بعض المظاهر الإيجابية، أبرزها رفع الوعي الوطني لدى المواطن العربي الذي بات أكثر وعيا بالبعد الإستراتيجي". وقال عكاشة، إن أحدث طرق محابهة الإرهاب هى مسألة العمل المشترك، وهو شبيه بما كنا نطلق عليه "معارك الأسلحة المشتركة" التي حققت على سبيل المثال نصر أكتوبر، وكان نقلة نوعية في إدارة منظومة العمل العسكري لمجموعة من الأسلحة المشتركة، ونحن الآن نواجه حربا تماثل الاحتلال في الشراسة. وأضاف: "أظن أن المواجهة المشتركة أساسها العملي العسكري في البداية والأمني والدعم الشعبي والعمل الثقافي والفني، ومن يلعب الدور المحوري في كل ذلك هو الرأي العام بلا منازع". وأشار، إلى أن مدينة في بنغازي انتصرت بالفعل على الإرهاب، وصاغت تجربة فريدة وثرية ومهمة، موضحا، أن "هذا النصر الفضل فيه للقوات المسلحة الليبية، ولكل من شارك من القوات في هذه المعركة له دور مقدر بشكل كبير، لكن يبقى أن الشعب الليبي وأهالي بنغازي، يجب أن يكونوا حاسمين في مواقفهم ومدركين أنهم يخوضون معركة مصير حقيقية". وأضاف: "الدور الشعبي وتشكيل الرأي العام والتمسك بالثوابت الوطنية، ضرورة في تلك المرحلة، فلا أحد يستطيع أن يناور في هذا النصر، ولابد أن ينتقل أو يمتد إلى كافة المدن الليبية في المرحلة القادمة حتى نحتفل قريبا جدا بانتصار مماثل في كافة الأراضي". وأكد، ضرورة عدم الاستهانة بقدرات التنظيمات الإرهابية، وضرورة أن يتحلى كل من يقف في خندق الدفاع بأكبر درجة ممكنة من الحذر، والتفهم أن الإرهاب لن يقضىى عليه بالضربة القاضية، ولن يستسلم بسهولة ولديه السيناريو البديل، فالمهمة العسكرية لمعركة الكرامة، يجب أن تمتد في باقي ربوع ليبيا، فالمهمة ثقيلة وممتدة ولازالت بها فصول مهمة جدا جدا". وقال، إنه يجب أن ننتبه لخبث أداء هذه التنظيمات الإرهابية، وعدم إغفال من يقف وراء هذه التنظيمات، التي تمارس "حروبا بالوكالة" ظهرت بوضوح على الأرض الليبيية، فمن يخوض حرب الوكالة ضد ليبيا ومصر لن يستسلم بسهولة، حتى لو هزم في مدينة بحجم بنغازي، فلن تعدم أجهزة الاستخبارات التي تدير هذه التنظيمات من صياغة سيناريوهات أخرى، فهم يتعاملون بدرجة احترافية لا يجب الاستهانة به إطلاقا. وقال، إن الإرهابيين يدرسون الأرض التي تطأها أقدامهم جيدا، ونأمل أن تكون المواجهة بقدر هذا التحدي، مشددا، على ضرورة ألا ندع التنظيمات الإرهابية تسبقنا. ودعا إلى ضرورة التنسيق العسكري والأمني المشترك بين مصر وليبيا لمواجهة هذه التنظيمات العابرة للحدود. وقال: "المجابهة المشتركة أصبحت اليوم فرض عين". من جانبه، قال خالد الترجمان، مستشار الأمن القومي الليبي السابق: إن مواجهة الإرهاب في الشرق الليبي تمت برؤية أنتجت فعلا نحصد الآن نتائجه، مضيفا، أنه بعد انتهاء الصراع مع القذافي تغولت جهات بعينها، وحاولت السيطرة على المشهد الليبي بطرق مختلفة لم تكن واضحة للعيان. وأشار، إلى أن جماعة الإخوان حاولت أن تسيطر على المشهد من خلال تنظيمات مدنية، وبعد ذلك من خلال سيطرتهم على كتائب عسكرية بعينها، تمهيدا للسيطرة بالكامل على المشهد العسكري من خلال هذه الكتائب ثم السيطرة على المشهد السياسي والاقتصادي، من خلال زرع أعضاء الجماعة في كل فروع المؤسسات الليبية للسيطرة على مقدرات البلاد. وقال، إنه بعد 3 سنوات بعد أن كان الإرهابيون على أسوار "بنينا" هم الآن في أقصى الجنوب، واستردت القوات المسلحة منهم أهم المقدرات الليبية، ممثلة في حقول النفط، ونحن الآن في بنغازي ننعم بالأمان في بنغازي ونستقبل الأشقاء المصريين الذين دعمونا من البداية. من جانبه، قال فراس زيدان، الناشط الحقوقي والسياسي الليبي، إن بنغازي في طريقها لتحرير آخر جيوب الإرهابيين في المدينة في حيي "الصابري" و"سوق الحوت" في محور وسط المدينة، لافتا، إلى أن البعد الأيديولوجي لكل التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها "واحد"، إذ تتفق فيما بينها على مسألة إسقاط الدولة الوطنية، عبر إلغاء الحدود الجغرافية بين الدول العربية، وهى بذلك تقدم خدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير. وسأل: "لماذا تدعم بعض الدول جماعة "الإخوان المسلمين" الآن؟"، مستطردا: "السبب هو أن هذه الجماعة الخبيثة لا تؤمن بمبدأ الدولة الوطنية، ومن ثم مسألة ما يسمى مسألة "الدولة الإسلامية" هى المسمى الجديد الذي يقابل مشروع الشرق الأوسط الجديد، وتحويل دولة من دول مستقلة مستقرة إلى دول فاشلة".