تتسم البرازيل بوجود مقابر تطل على البحر، وأخرى على الغابات المطيرة، بل هناك مقابر تطل على استاد نادي "إف سي سانتوس" الأسطوري، حتى والد بيليه وجد مثواه الأخير في أعلى مقابر بالمدينة، والتي سجلت في موسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية كأعلى مقابر في العالم. بهو تلك المدافن أشبه ببهو فندق وتعزف فيه موسيقى الكمان العذبة بلا نهاية في كل طبقاتها. يقول ماريو آر أفريكانو مدير موقع"ميموريال"، وهو مبنى للدفن في مدينة سانتوس الساحلية: "هذه ليست جبانة بالمعنى المفهوم".الألوان زاهية والغرف يغمرها الضوء. المبنى قائم بارتفاع 14 طابقا في قلب حي مارابي بالمدينة، ويحتوي على 16 ألف مقبرة. ومن المفترض أن يبنى أكثر من ضعف عدد الطوابق القائمة بالفعل، ليصل ارتفاع أعلى مقبرة إلى 108أمتار، وهى مقبرة تناطح بالتأكيد السماء إذا ما قورنت بالمقابر التقليدية تحت الأرض. قاعة الجنائز الإمبراطورية تتسع لأكثر من 300 ضيف وبها مقاعد من الجلد الأسود وأرضيتها مكسوة بالرخام الأبيض، ونوافذها عالية، على الطراز القوطي، وكلها عناصر تضفي جوا ودودا على القاعة. يقول المعماري أنطونيو أوجستو في إشارة للمفهوم الأصلي الذي انطلقت منه فكرة بناء تلك المقبرة " الموت (حدث) مؤلم بما يكفي ..حاولنا فعل ما بوسعنا لتخفيف الساعات الصعبة على الأسرة". لقد بدأ الطموح بيليه ألتستوت بناء "المقبرة العمودية" في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. لا أثر للحجارة الداكنة في حوائط المقبرة، مثل تلك التي تجدها في المقابر التقليدية. وراء المبنى هناك غابة مطيرة خصبة كثيفة يطلق عليها "ماتا اتلانتيكا" تتعلق علي أفرع اشجار ثمار الببايا بها الحيوانات الصغيرة والأفاعي. وتلك الغابة المطيرة موطن أشكال مختلفة من الببغاوات وطيور الطوقان الأمريكية ذات المنقار الطويل، فيما تسبح الأسماك الذهبية بتراخ في مستنقع يزدان بأحد ينابيع الماء. وإذا أطللت من الطوابق لعليا على المشهد، ستجد أمامك استاد "فيلا باليرمو" في سانتوس، حيث حقق أسطورة كرة القدم بيليه الكثير من إنجازاته الكروية، بعد الاستاد بقليل تجد المحيط الاطلنطي. وإذا أنعمت النظر ستتمكن من مشاهدة بعض الحاويات التي تقبع في الميناء قادمة من ميناء هامبورج الألماني ومن والصين. إن جو البرازيل الحار يوجب الانتهاء من عملية الدفن في غضون أربع وعشرين ساعة، لذا فليس هناك وقت كاف لتستعد الأسر للجنازة. ولمساعدتهم في استغلال كل دقيقة متاحة، نجد أبواب "ميموريال" مفتوحة ليل نهار طوال أيام السنة. الأشخاص القادمون من مناطق نائية تتوافر لهم أجنحة للمبيت ليلا. هناك أيضا مطعم صغير في المبنى وممرضة متواجدة بشكل دائم، كما يضم البهو شاشة مسطحة تظهر جدول الجنازات. كما تتوافر كافة أنواع الصحف والمجلات لتشغل حضور الجنازة المنتظرين.