شغلت وكالات التصنيف الائتماني حيزًا كبيرًا من اهتمام المصريين المعنيين بالشأن الاقتصادي خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد تخفيض تلك الوكالات التصنيف الائتماني لمصر أكثر من مرة، آخرها إعلان مؤسسة "ستاندرد آند بورز" أمس الخميس تخفيض تصنيف الديون السيادية الطويلة الآجلة بالعملتين الأجنبية والمحلية من "بي بي ناقص" إلى "بي زائد" مع نظرة مستقبلية سلبية.. "بوابة الأهرام" ترصد في السطور التالية تاريخ تلك الوكالات والأساليب التي تتبعها للتقييم ومدى مصداقيتها العالمية. ولنبدأ بمؤسسة "ستاندر آندبورز"، التي تعتبر إحدى أكبر ثلاثة مؤسسات بمجال التصنيف الائتمانى بالعالم بعد "موديز" و"فيتش" وتم تأسيسها بغرض تقديم الخدمات المالية وهي إحدى شركات "مكجروهيل" المتخصصة فى نشر البحوث والتحليلات المالية على الأسهم والسندات ومقرها بالولايات المتحدةالأمريكية. يعود تاريخ إنشاء تلك الشركة لعام 1860 مع إصدار هنرى "فارنم بور" كتابا عن تاريخ السكك الحديدية بأمريكا بغرض جمع معلومات كاملة عن الوضع المالى والتشغيلى لشركات السكك الحديدية وبعدها قام هنرى مع ابنه ويليام بتأسيس شركة H.V and H.W. poor.co.، بينما قام لوثرلى بليك بتأسيس مكتب الإحصاء القياسى بهدف توفير المعلومات المالية عن شركات أخرى بخلاف العاملة فى قطاع السكك الحديدية، وفى عام 1941 تم الاندماج بين شركتى "بور وستاندر ستاتيستك" ليصبح الاندماج تحت مسمى "ستاندر آند بورز"، لتستحوذ مجموعة شركات ماكفروهيل عليها فى عام 1966. وتسيطر "ستاندر آندبورز" و"موديز" على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو البنوك وبإضافة "فيتش" والتى تعتبر أقل منهما سمعة تصبح للوكالات الثلاث نسبة تتراوح بين 90% و95% من سوق إصدارات الديون بالعالم، ويعود ذلك لقرار صدر فى عام 1975 اعتبر فيه المشرعون الأمريكيون "موديز" و"ستاندر آندبورز" و"فيتش" الوكالات الوحيدة التى على المصارف وأسواق المال اعتمادها فى تقييم القوة الائتمانية لأى جهة. وقالت دراسة مصرفية، أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم، إن هذه الشركات نشأت لتقديم تقييم غير منحاز للمستثمرين من أجل القيام باستثماراتهم وبالمقابل يقدم المستثمرون مقابلاً لخدمة التقييم التى قامت بها تلك الشركات، ومن أبرز عناصر مؤسسات التصنيف هى قياس الاحتمالات المتعلقة بوجود عجز فى الوفاء بالالتزامات أو عجز عن تحصيل الديون من الغير على المدى القصير والطويل. وأضافت: رغم أن رأى مؤسسات التصنيف ليس حقيقة مطلقة إنما يرجع لتاريخية نشأتها والتي جعلت رأيها أداة مساندة مهمة لأى رأى فعال فى اتخاذ القرارات الاستثمارية، حتى أن توماس فريدمان قال منذ أكثر من ثلاثة عقود:" إذا كانت أمريكا تستطيع أن تدمر أى دولة بقوتها العسكرية فإن "موديز" تستطيع تدمير أى دولة من خلال تصنيف سنداتها ومنعها من الاقتراض من أسواق المال العالمية". وأوضحت الدراسة أن مؤسسات التصنيف الائتمانى مستويات متشابهة للتقييم فيعتبر التصنيف Aaa من قبل موديز و"AAA" من قبل ستاندر آندبورز و"فيتش" أعلى تصنيف يمكن الحصول عليه ويتبعه "Aa "أو"AA" ثم "A" ثم Baa لموديز أو BBB للمؤسسات الأخرى وقد تضاف (-) أو (+) إلى التصنيف للتمييز فيما بين التصنيفات حيث مثلاً التصنيف A+ أعلى من A, A أعلى من A-، أما التصنيفات "Ba" أو "BB" يليها "B" ثم "CCC" أو "Caa" ثم "CC" أو "Ca" ثم ""C فهى تصنيفات تتسم بالمخاطر ويشير التصنيف D"" وهو اختصار ل Default إلى التخلف عن سداد الالتزامات المالية.. ويقول الدكتور يحيي أبو طالب، أستاذ المالية العامة، إن وكالات التصنيف تشبه معامل التحليل تقيس متانة اقتصاد أي دولة وقابليتها للاقتراض من الخارج فكلما وجد الاستقرار السياسي بالدولة المقترضة تزيد قدرة الدولة المانحة على استعادة تلك القروض. وأضاف أنه كلما كان التصنيف أقل، كان سعر الفائدة أعلى وفترة السماح أقصر والشروط أكثر إجحافًا، مضيفًا: أهم أسباب تخفيض التصنيف بمصر هو تراجع الاحتياطي النقدي من 36 مليار دولار إلى 22 ملياراً خلال 9 أشهر بجانب عدم الاستقرار السياسي وتراجع معدلات السياحة والإنتاج والتصدير. وأشار الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي والمصرفي الدولي، إلى أن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة وبالتالي فأية أحداث سياسية تؤثر على الاقتصاد والعكس صحيح، موضحًا أن معدل الاستقرارين السياسي والأمني أحد العوامل الرئيسية في تصنيف الدول ائتمانيًا فالدولة التي تفتقدهما لن يكون لديها إنتاج أو تصدير وبالتالي قدرتها على سداد القروض تقل. ولفت إلى أن العالم يوجد به العديد من مؤسسات التصنيف الائتماني إلا أن أشهرها "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش" والتى خفضت تصنيف دول كأمريكا وإيطاليا واليونان وأسبانيا ويعتمد علي دراساتها المستثمرون في العالم قبل التوجه للاستثمار بأي دولة.