مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، التى تنطلق مرحلتها الأولى فى 28 نوفمبر الجاري، تحاول الأحزاب السياسية الجديدة استقطاب الناخبين عبر برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويفرض الاقتصاد نفسه بشكل خاص ليحتل مكانة كبرى كرهان أساسي في برامج الأحزاب نظرا للأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تطحن الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل التي تشكل غالبية الشعب المصري. وعلى سبيل المثال لا الحصر فمن بين عشرات الأحزاب الناشئة، والتي لم تسهب في عرض برامجها الاقتصادية على جمهورها، أفرد حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين برنامجا اقتصاديا ، كان واحدا من البرامج الأكثر تفصيلا واستفاضة. واعتمد الحرية والعدالة تعظيم دور الاقتصاد المجتمعي عن طريق إطلاق حرية وتكوين الجمعيات الأهلية، والتأكيد على مؤسسة الزكاة والوقف وأعمال البر ، واعتبر التعاون الاقتصادي لمصر في محيطها العربي والإفريقي والإسلامي بعدا استراتيجيا في بناء سياستها الاقتصادية الخارجية، مع الرفض التام لسياسات المعونة المشروطة في ظل توجه للاعتماد على الذات كبديل. في المقابل أكد حزب المصريين الأحرار أبرز ملامحه، المتمثلة في أهمية استهداف زيادة الثروة القومية انطلاقا من أن حجم الثروة القومية في حالة إعادة توزيعها لن يسهم في حل مشكلة الفقر . وبادر الحزب بإطلاق مشروع قومي للقضاء على الفقر في مصر خلال عشرين عاما ، تشارك فيه جميع مؤسسات الدولة المدنية والقوات المسلحة وقطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية المانحة أما الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فيركز على العدالة الاجتماعية وتشجيع القطاع الخاص وقوى السوق ، مع فرض الضرائب التصاعدية على الكيانات الاعتبارية التي تتجاوز أرباحها حدا معينا بما يترواح من 35 إلى 40 % كما هو معمول به عالميا، وأفرد البرنامج مساحة كبيرة للحديث عن إطلاق طاقات المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتنمية الزراعية القائمة على صغار الفلاحين . إلى ذلك لعبت برامج كثير من الأحزاب على حصر الأخطاء الاقتصادية الفادحة للنظام السابق وإظهار أنها تمتلك الرؤية لحلها، كما اتفقت برامج الأحزاب تقريبا فى شعارات ترددت كثيرا من قبيل رفع مستوى دخول المواطنين "الحقيقية" وحماية المواطن من انفلات الأسعار، والعمل على زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري في السوق الدولي ، وتوفير فرص العمل وتخفيض معدلات البطالة، وتوزيع المشروعات الاقتصادية بين محافظات مصر توزيعا عادلا، ومكافحة الفساد. وفي هذاالشأن يقول عبد الغفار شكر نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي : "نعرف أن اقتصاد السوق سيظل معتمدا في مصر فترة طويلة لذلك نجمع في برنامجنا بين الملكية العامة والخاصة والتعاونية، بحيث تكون الدولة مسئولة عن الصناعات الاستراتيجية وأن ترعى في نفس الوقت الملكية التعاونية والتي تقوم على الصناعات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على المنافسة ولتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار أرخص " . وأضاف أن آليات العدالة الاجتماعية ستتمثل في الضرائب التصاعدية على ألا تبلغ الضريبة معدلات كبيرة مثل تلك التي تطبق في بعض الدول المتقدمة وتصل أحيانا إلى 60% على الحد الأقصى للأرباح ، وذلك حتى لا يهرب الاستثمار إلى دول أخرى . وتعليقا على برامج الأحزاب الأخرى قال شكر إنه من الملاحظ أن جميع الأحزاب تطرح شعار العدالة الاجتماعية، فمثلا حزب المصريين الأحرار مع اقتصاد السوق وضد تدخل الدولة في الاقتصاد، أما حزب الحرية والعدالة فهو يركز على آليات مثل الزكاة والصدقات والعمل الخيري، وهذا لا يكفي وحده لانتشال المواطنين من الفقر أما الدكتور شريف فياض عضو اللجنة المركزية لحزب التجمع، فقال إن الأحزاب الجديدة يمكن تصنيفها إلى أربعة أنواع : ليبرالية، وذات مرجعية دينية، ويسارية، ورابعة تجمع بين الاتجاه الليبرالي في الاقتصاد مع الاحتفاظ بدور الدولة مثل المصري الديمقراطي الاجتماعي . ويرى فياض مع ذلك أن فرص الأحزاب التي تراعي البعد الاجتماعي في برامجها في الفوز بعدد كبير من المقاعد لا تزال ضئيلة لأن مفهوم المصوت عن النائب أنه مقدم للخدمات أو للخطاب الديني أوالمال مع إغفال الدور الأساسي وهو التشريع والرقابة، معتبرا أن التنمية الحقيقية التي تحتاجها البلاد بشرية في حقيقتها حتى لو كانت على حساب تأخير النمو الاقتصادي نوعا ما ، فهي ضريبة لا بد من دفعها. من ناحية أخرى أكد عبد الحافظ الصاوي الخبير الاقتصادي ، وأحد واضعي برنامج حزب "الحرية والعدالة" الاقتصادي ، أن تشابه برنامج الحزب في بعض جوانبه مع اقتصاد السوق لا يعني أنه يتطابق معه، مؤكدا أن هناك أدوات للاقتصاد الإسلامي حققت نتائج جيدة على مدى 14 قرنا. وأشار إلى أن من يعتبر الزكاة نقطة ضعف عليه أن ينظر إلى دولة مثل ماليزيا التي انتقلت إلى المؤسسية في الزكاة منذ عام 1990، وقامت بإنشاء صندوق مركزي لتحصيل الزكاة وأسندته لشركة تابعة للقطاع الخاص. وأوضح الصاوي أن برنامج الحزب اشتمل كذلك على محاربة التضخم وعدم الاعتماد على آلية سعر الفائدة وأن يكون للبنوك دور في التنمية وأن تفرض ضرائب على الأموال الساخنة مثل البورصة لتكون للاستثمار وليس المضاربة، وأضاف أن الحزب لا يؤيد تطبيق الضرائب التصاعدية بطريقة الصدمة وعلى جميع الأنشطة الاقتصادية.