تباينت ردود الأفعال حول اللقاء التشاورى الذى عقد اليوم الثلاثاء لمناقشة مسودة حول إعلان المبادىء الأساسية، حيث بدى الإحباط على الأغلبية.. وما بين مؤيد ومعارض للمسودة توحدت الملاحظات على بعض النقاط الرئيسية. لكن الخوف كان أكبر من المادة رقم (9) التى اعتبرها البعض تمثل تمييزًا للمؤسسة العسكرية. حاولت "بوابة الأهرام" رصد بعض من ردود الأفعال خارج المسرح الكبير بدار الأوبرا الذى عقد بها اللقاء الذى ارتسمت على ملامحه طبائع اللقاء الحكومى الرسمى، وبدت علامات الإحباط على غالبية المتحدثين، ولكنها كانت ممزوجة بأمل فى الأفضل المقبل. الناشط السياسى ورئيس حزب "الحياة" الليبرالى مايكل منير أوضح أن لديه بعض الأفكار بالنسبة للمصريين فى الخارج، حيث إن مسودة الدستور الجديد لم تتضمن أية ضمانات خاصة بحقوقهم الدستورية سواء فى ممارسة الحقوق السياسية، أو فى التمثيل الديمقراطى سواء فى وضع دستور أو غيره. وأضاف منير معلقا على المادة رقم (9)- الذى اعتبرها البعض تمثل تمييزًا للمؤسسة العسكرية- حيث قال "هذه المادة فوق الدستورية، بل فوق الشعب المصرى كله، الجيش فى كل دول العالم يخضع لسلطة الشعب والسلطة التشريعية المنتخبة من الشعب، سواء فى إقرار ميزانية أو مساءلات للقيادات التى تعين فى الدول الخارجية يجب أن تخضع للجان سماع داخلية قبل أن يتم الموافقة عليها حتى يكون الشعب هو الذى يختار قياداته، وفى هذه الحالة نحن نجعل الجيش لا سلطان له". وأشار منير إلى توافقه مع بقية المواد المتضمنة فى مسودة الدستور الجديد، وبالحديث عن المادة الثانية من الدستور، أشار الى إنها جاءت نتيجة لحراك وعراك كبير منذ مدة كبيرة، ووصلنا لأن الجميع ارتضى بالمادة كما هى حاليا. من جانبه، أوضح أبو العز الحريرى عضو حزب التحالف الشعبى والعضو السابق بالبرلمان، أن الوثيقة بشكل عام معقولة. مشيرا إلى أن "الفلول" بمختلف اتجاهاتهم سواء من "مؤيدى النظام القديم"، و"السلفيين" وبعض الشرائح من الإخوان المسلمين تتكتل من أجل التهام الكعكة مرة أخرى، لكى يخرج الشعب والشباب صفر اليدين وتتجدد الثورة مرة أخرى. فيما أبدى أمير سالم المحامى والناشط الحقوقى عدم رضائه عن فكرة توزيع مسودة المبادىء الأساسية للدستور على المشاركين فى اللقاء قبل بدأهم المناقشة بدقائق، ووصف التشكيل المتضمن فى اللجنة التأسيسية المنوطة بوضع الدستور بأنه "قاصر" لأنه بدى كما لو كان تشكيل "ذو طبيعة حكومية". واستنكر التناقض فى تكوين اللجنة حيث تضمنت 15 من القضاة فى حين وجود 5 فقط من النقابات العمالية. وأعرب عن شعوره بأن هذا التشكيل "فوقى جدا" لا يعبر عن حالة شعبية وتكوين شعبى، حيث يجب أن تتضمن اللجنة خبراء قانون وخبراء فى الدستور، وقوى شعبية. وانتقد سالم بند رقم "9" الذى منح فئة بعينها – فى إشارة إلى "القوات المسلحة"- استثناء خاصا، لا أحد يحاسبها ولا أحد يراجع ميزانيتها ولا لجنة أمن قومى داخل مجلس الشعب تراقب هذه الميزانية. وتساءل "ما الذى يعطى الحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتغيير اللجنة إذا لم تعجبه؟، ويغير ما ستخرجه اللجنة من مبادىء دستورية، فالوثيقة بذلك تبدو كما لو كان الذى وضعها أحد جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة". وأشار محمد عبد القادر نقيب الفلاحين إلى عدم تسليط الضوء خلال اللقاء على المبادىء التى يتم تأسيس الأحزاب على أساسها، وطالب بضرورة إنشاء نقابات لا تنتمى إلى أى حزب، كما طالب بضرورة تجميع الفلاحين فى كتلة واحدة وليس تقطيعهم كما يحدث الآن. وهاجم عبد القادر جماعة الإخوان المسلمين متهما إياهم بمحاولة تفريق أى كيان يتم تشكيله فى الفترة الحالية. وأضاف "هما اللى ضيعونا النهاردة، ووقت الاستفتاء على الدستور هم الذين قالوا "نعم"، وأرجو أن يتقوا الله فى مصر". وطالب نقيب الفلاحين بفرض عقوبات مغلظة على أى معتد على نهر النيل، وبضرورة إرسال الشباب إلى سيناء لتعميرها وتوطينها حتى لا تضيع سيناء مثلما ضاعت فلسطين بمنحهم حق الانتفاع 99 سنة، مما سيؤدى إلى الحفاظ على الأمن القومى المصرى. وأعرب الدكتور عمرو حمزاوى وكيل مؤسسى حزب "مصر الحرية" عن تخوفه من طرح مسودة المبادىء الأساسية للدستور ومصر أجندتها الأساسية أصبحت محمومة بالانتخابات، معربا عن أمنيته أن تنجح مصر فى إجرائها فى الموعد المحدد لها، وأخشى من الربط بين الوثيقة والتنافس الانتخابى فى الشارع المصرى، وقد يسبب استقطابا ما بين تيارات ترفض وتيارات توافق، لذلك فنحن فى حاجة إلى حسم سريع وإنهاء النقاش فى أقرب وقت إذا أمكن. ورأى حمزاوى أن المبادىء الأساسية للدستور بدت متماسكة، ولكنه أبدى تحفظه على المادة "9" الخاصة بالقوات المسلحة، فيجب أن يتم التنسيق بشأن سياستها العامة من هيئات برلمانية ورئيس منتخب، ويجب أن يكون البرلمان والرئيس المنتخب لهما أدوار إشرافية ورقابية مع المؤسسة العسكرية، ولا يعنى هذا نشر معلومات تضر بالأمن القومى. ولفت حمزاوى إلى أنه بالنسبة لمعايير إختيار الجمعية التأسيسية المنوطة بوضع الدستور الجديد، فهذه أمور خاضعة للنقاش ويمكن أن تعدل، ويجب أن نباعد بين الجمعية التأسيسية وبين الغلبة التى ستحدث فى الانتخابات، ونأمل أن نصل إلى توازن يمثل كل قطاعات الدولة المدنية بما فى ذلك تمثيل الشباب والنساء والخبرات المهنية المختلفة. وأوضح عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن الوثيقة خلت من أى نص حول كيفية تعديل الدستور مستقبلا، من أجل حماية الدستور من إجراء أى فصيل سياسى تعديل على الدستور فى أى وقت، والمادة الأولى تضمنت أن مصر دولة مدنية وأعتقد أنه يجب إضافة كلمة دولة "وطنية" . وطالب شيحة بعدم الحجر على بعض الفئات فى إنشاء الأحزاب وفقا للمادة الرابعة. ونبه إلى أن المسودة لم تتضمن أى حديث عن الشرطة فى حين إننا بحاجة إلى وضع إطار مؤسسى للشرطة فى الدستور الجديد. وأضاف "نحن اقتبسنا مادة بالكامل من الدستور التركى خاصة بدور الجيش، والجيش المصرى هو جيش لكل المصريين، ولكننا نتحسب من تدخل القوات المسلحة فى براثن العملية السياسية، لذا يجب مراجعة هذه المادة ووضع الأسباب وراء تمييز المؤسسة العسكرية عن الشرعية الثورية". وأشار شيحة إلى أن المسودة ليست بجديدة، وأنها مسودة استرشادية وليست ملزمة كما رأتها بعض الفصائل السياسية فى مصر. وعلى الرغم من غياب جماعة الإخوان المسلمين وكل القوى الإسلامية عن الظهور فى هذا اللقاء، فإن "الإخوان" حظت بنصيب الأسد فى الانتقادات سواء بسبب مقاطعتها للقاء أو سياساتها فى المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر- وهو ما حاول به بعض الحضور فى المؤتمر سواء من الجانب الحكومى أو من القوى السياسية الإثناء عن الهجوم على فئة بعينها، مما سيهدم جو المناقشة حول الدستور محل المناقشة- والتى اعتبرها كثيرون تتصرف كفصيل مستعد ومنظم وجاهز ليمسك بمقاليد الحكم. حيث علق عصام شيحة قائلا " جماعة الإخوان المسلمين جماعة وطنية، وأعتقد أن العملية الانتخابية هى المحفّز لعدم الحضور، وكانت تخشى أن تكون المواد الموجودة فى المسودة ملزمة". من جانبه رأى أبو العز الحريرى أن غياب الجماعة عن اللقاء يرجع إلى رؤيتها كقوى وطنية، وجدت رغبتها فى عدم الحضور، سواء لاعتقادهم أن الوثيقة ستشى بقوة أو بأخرى، ولأنهم يعتبرون أنفسهم جاهزين لتولى الحكم، وغير محتاجين للديمقراطية وإنهم "جايين جايين" للحكم، ويستخدمون الشعارات المنسوبة للدين. وسط كل هذا الكم من الزخم السياسى، أبدى بعض من الشباب الذى قرر المشاركة فى اللقاء - سواء أكان من شباب الثورة أو بصفته عضو أحد الأحزاب المشاركة فى اللقاء، أو لكونه شابا يريد أن يشارك ويفهم كل ما يجرى حوله فى بلده- غضبهم لقلة تمثيلهم وعدم إعطائهم الفرصة للحوار بنفس المساحة التى تتاح لكل الوجوه المعروفة فى عالم السياسة أو "اللى لابسين بدل" كما قال أحدهم، معبرا عن ضيقه من ذلك، سواء فى الحوار أثناء اللقاء أو من خلال المشاركة فى القنوات الفضائية التى تسابقت لتغطية الحدث هى وكل الصحف المصرية والدولية.