الشفاء من بعض الأمراض لا يعنى عودة حالة المريض إلى ما كانت عليه، أو حتى تحسنه بعض الشىء ولكنه يعنى فقط وقف تطوره حتى لا يؤدي إلى إصابته بمضاعفات لا يمكن التعايش معها، وهذا فى حد ذاته يعد إنجازًا طبيًا كبيرًا كما هو الحال في مرض الجولوكوما أو المياه الزرقاء بالعين، أو كما يطلق عليه "حرامى النظر"، الذى يمكن وقف تطوره دون عودة النظر إلى طبيعته ولكن بالتأكيد على عدم وصول المريض إلى العمى وفقد البصر تمامًا حيث يعد الجلوكوما السبب الأول للعمى الدائم على مستوى العالم وبعد تسببه فى 11 مليون حالة بحلول عام 2020 هذا ما أكده المؤتمر العلمى للجمعية المصرية لأمراض الجلوكوما تحت شعار "لأن بصرك أغلي ما تملك". وطالب الدكتور مصطفى النجار، رئيس قسم طب وجراحة العيون جامعة المنوفية وسكرتير عام الجمعية، بضرورة إيجاد وسيلة حكومية متمثلة فى وزارة الصحة والتأمين الصحى بتوفير الأدوية المتطورة فى علاج مرض الجلوكوما ومن بينها القطرة التى يمكنها خفض ضغط العين المتسبب الرئيسى فى تلف العصب البصرى داخل العين مما يترتب عليه فقد البصر، كما طالب بضرورة زيادة الإمكانيات المتطورة داخل الوحدات الصحية خاصة فى الريف من أجل الاكتشاف المبكر لمرض الجلوكوما ، مشيرًا إلى أن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تشير إلى صعوبة الحصول على خدمات الرعاية الصحية في المناطق الريفية مما تسبب تركز 80٪ من المصابين بالجلوكوما في تلك المناطق، حيث يحصل 7٪ فقط من سكان الريف على خدمات العناية بصحة العين، نظرًا لأن معظم خدمات طب وجراحة العيون غير متوفرة، عدا في المراكز الطبية الواقعة بالمناطق الحضرية مما يتطلب سفر مرضى الريف لمسافات طويلة، كما أن هناك نقصًا شديدًا في عدد أطباء العيون، تصل نسبته إلى طبيب لكل 100 ألف نسمة بالدول النامية، وتصل فى الهند إلى طبيب لكل مليون مواطن، لافتًا إلى أن مصر يوجد بها 4500 طبيب متخصص في أمراض العيون فقط. كما طالب بضرورة توفر المعدات الطبية الحديثة في كثير من المنشآت الطبية، بالإضافة إلى التكنولوجيا الرقمية حتى يمكن تقدير معدل تطور المرض، وقال إنه نتيجة لنقص الموارد المالية، قد يضطر مسئولو الصحة إلى السعي للحصول على بدائل علاجية أقل تكلفة من العلاجات المعتمدة، مما قد يترتب عليه أعراض جانبية غير مستحبة للمريض، مؤكدا أن عدم الانتظام فى العلاج خلال 5 سنوات من التشخيص سبب رئيسى في فشل العلاج، وقد تبين أن 10٪ فقط من المرضى يلتزمون بالاستمرار فى المتابعة والعلاج. وأوضح النجار أن الجلوكوما (المياه الزرقاء) والتي يطلق عليها اسم "حرامي النظر" لعدم شعور المريض بأي ألم أو أعراض في أغلب الأحيان مرض يصيب العصب البصري نتيجة ارتفاع ضغط العين الناتج عن تراكم السائل المائي بداخلها، مما يؤدي إلى تلف أنسجة العصب البصري المسئول عن نقل المعلومات البصرية من وإلى المخ، وقد يؤدي ذلك إلى فقدان البصر تدريجياً وصولاً إلى العمى، ومن العوامل التي تزيد من مخاطر الإصابة، ارتفاع الضغط داخل العين، والتقدم بالعمر فوق الستين عاماً، والتاريخ العائلي، بالإضافة إلى مجموعة من الأمراض الأخرى مثل السكر ونقص إنتاج هرمونات الغدة الدرقية. وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية أن هناك قرابة 70 مليون مصاب بالجلوكوما على مستوى العالم، كما تشير التوقعات أنه بحلول عام 2020، ستصل حالات العمى الناتجة عن الجلوكوما إلى ما يقرب من 11 مليون حالة. وطبقاً لما ورد عن الجمعية المصرية لأمراض الجلوكوما، تبلغ نسبة الإصابة بالجلوكوما في مصر نحو 0.5% إلى 1% من إجمالي عدد السكان. وقال النجار إن الكشف المبكر وبدء العلاج فور اكتشاف الإصابة بالجلوكوما من شأنهما منع تقدم المرض، وقد يساعد ذلك على الوقاية من العمى الناتج عن الجلوكوما في 90% من الحالات"، ونوه إلى أن من العلاجات شديدة الفاعلية والأمان في علاج الجلوكوما المزمنة محلول جديد يعمل على خفض معدل إفراز السائل المائي بهدف ضبط ضغط العين، وتحسين الدورة الدموية لعصب الإبصار، مما يساعد على الوقاية من فقدان البصر. وأكد أن أحد أهم المعوقات التي تحول دون علاج الجلوكوما في الدول النامية هو نقص الوعي، وسوء الفهم، وتأخر التشخيص، وعدم الحصول على الخدمات الصحية المناسبة، والاعتماد على الأدوية المقلدة، وعدم الالتزام بالعلاج.