إذا كان الحلم مشروعاً، فإن "خالتى فرنسا" صاحبة أشهر محل بقالة فى منطقة صبحى حسين بالمقطم تحلم بالترشح لرئاسة الجمهورية فى 2011، لكى ترفع علم مصر على كل مبنى فى جميع المحافظات، وتطعم الناس "الغلابة" ، و"تلم" الأطفال والبنات الصغيرة من الشارع، حتى لا يتذوقون مرارة الأيام مثلها. تركيبة وجهها القاسية التى نحتت بفعل ظلم الأيام والليالى لها، ومرحها المستمر رغم جبل الهموم الرابض على صدرها، ووقوفها بمحل البقالة طوال اليوم، كانت أسبابا أساسية للاقتراب منها والتحدث إليها. تقول مديحة سيد أحمد " 47" سنة، والشهيرة ب "خالتى فرنسا": " لدى ستة أبناء، خمس بنات وولد وحيد عمره 20 عاما يعمل فى ورشة سيارات ولكنه لايصرف جنيها واحدا على البيت "يعنى عايش لنفسه". وتتذكر فرنسا بدايتها وتقول "ولدت فى منطقة الإمام الشافعى التابع للخليفة وعشت مع أمى المطلقة فى ذلك الوقت عدت سنوات، وبعد عودة والدى من الكويت التى قضاء فيها 10 سنوات بعد تطليق أمى، قرر ردها مرة أخرى " لأنها "احلوت" فى عنيه فهى أصغر من زوجته الثانية"، وبعدها انتقلنا للعيش فى منطقة إمبابة وعشت فيها حتى جاءنى النصيب. تزوجت فى منطقة القلعة وكان عش الزوجية عبارة عن غرفة واحدة مع حماتى، وأنجبت فيها ثلاثة أبناء وتحسنت حياتنا المعيشية فانتقلنا إلى عزبة خيرالله ثم إلى المغربلين. كان زوجى يعمل "سباك متنقل" بين محافظات القاهرةوالأقصر وأسون، وترك عمله بعد حادث الأقصر الإرهابى عام 1997، ودخله الآن "120جنيها معاش السادات" لا تكفى حقنة واحدة لصدره، لأنه يعانى من حساسية "ولو مخدش الحقنة هايموت "وهو نايم فى الفرشة ليل نهار. وتسترسل فرنسا فى ذكرياتها المؤلمة، وتقول: إن انتقالى من عزبة خيرالله إلى المغربلين كان بمثابة الكارثة الكبرى فى حياتى، إذ أننا لم نمكث فى البيت عدة شهور حتى قامت الحكومة بهدم البيت وإزالته لعمل " كوبرى النفق". وتكمل، بدأت الديون تدق بابنا لكى نستطيع توفير ثمن شراء شقة جديدة "تلمنا" من النوم فى الشوارع، حتى تمكنا من شراء شقة صغيرة فى المقطم، واكتشفنا بعد عدة سنوات أن عقد الشقة "مزور" ومازالت مشكلة الشقة معلقة حتى الآن. وتقول فرنسا والدموع فى عينيها: " خايفة أن الشقة تتاخد منى ومش عارفة بعدها أروح فين وده أثر على صحتى لدرجة إن السكر جالى، قولولى أعمل إيه بس". وعن كيفية قضاء يومها، تقول أقضى طول اليوم بمحل البقالة الذى يساعدنا فى الدخل لقضاء حاجة البيت بالإضافة إلى عمل الرقاق والعيش " وأنا تعبت من الدنيا دى كلها، ونفسى أستريح". ولكى نخرجها من حالة الحزن التى انتابتها، تطرقنا إلى اسم الشهرة الذى يناديها به أهل المنطقة، فقالت الأهالى هم الذين سمونى ب "خالتى فرنسا " علشان لما بشوف أى حد مظلوم أو مداين أساعده". وابتسمت عندما تذكرت فيلم "خالتى فرنسا " والذى تقوم فيه الفنانة عبلة كامل بدور سيدة تعيش حياتها من أجل المشاكل والسرقة وقالت " أنا مش كده خالص". وبعيدا عن جو المشاكل والمصائب سألتها عن اهتماماتها الرياضية لأبعدها قليلا عن حالة اليأس فقالت: أنا بشجع النادى الأهلى " وحزنت جدا عندما خسر النادى الأهلى من الترجى التونسى وكان حزنى أكبر عندما قام المشجعون التوانسة بضرب العسكرى المصرى الغلبان، وكان نفسى أروح تونس علشان أضرب العساكر بتاعتهم كلهم زى ماعملوا فى أولادنا". وعن الأحوال المعيشية السيئة التى تواجهها تقول" لو حكمت مصر هعمل على إشباع الناس الغلابة كلها وألم الأطفال والبنات الصغيرة من الشارع وأرفع علم مصر فى كل مكان". وتكمل حديثها وهى تبكى " كان من المفروض أن أجلس مع أولادى فى البيت زى أى أم خلقها ربنا ولكن علشان مفيش فلوس لزمت الدكانة من الصباح وحتى آخر الليل وأحيانا أبات فى المحل. وتنهى فرنسا حديثها " أنا وبنت كنت مظلومة فى عيشتى مع والدى وأمى وبعدما تزوجت زاد همى أكثر، ونفسى أعمل عمرة وأزور بيت الله الحرام ".