"رُفعت الجلسة.. وخلص الكلام".. هكذا قالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليوم، بإصداره الإعلان الدستورى الجديد، الخاص بموعد الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن هذا الإعلان خلّف وراءه الكثير من ردود الأفعال، وانقسمت حوله التيارات السياسية، بين مؤيد ومعارض، فالذين أدوا التحية للمجلس العسكرى كان أغلبهم تابعين لتيار دينى، ومن أعلنوا الرفض، كانت حجتهم ضرورة التصدى لهذا التيار، لكن فى النهاية كتبها "العسكرى" وعلى المتظلم الرضاء بالأمر الواقع. الذين طالبوا بتأجيل الانتخابات حددوا لها بعد 6 أشهر مقبلة، بدعوى إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية الجديدة للمشاركة بإيجابية في هذه الانتخابات، واختيار مرشحيها، ووضع الآليات المناسبة لمواجهة ما أسموه بالأحزاب الدينية التي تهدد مصر وتسعى إلى ترسيخ الدولة الدينية، وتناسوا تعهدات المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ أول يوم تسلم فيه السلطة، أنه سيسلم البلاد لسلطة مدنية، وليست دينية. وبلغة "المسّكنة" أعرب ممثلو 22 حزباً منذ ساعات قليلة، عن تأييدهم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وطالبوه بالاستمرار لحين عودة الأمن والاستقرار للمجتمع، كما دعوا إلى التأني في دراسة قوانين مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية حتى يأتي النظام الانتخابي مناسبا للشعب المصري، مؤكدين في الوقت نفسه مقاطعتهم للانتخابات إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم. لم يكن حزب التجمع بعيداً عن الغرف المغلقة التى جمعت ال 22 حزباً رافضى إجراء الانتخابات، بل قال فى بيان صادر عنه الليلة، إنه يرفض رفضاً قاطعاً مرسوم قانون إجراء الانتخابات المقبلة وفقًا لنظام الثلثين للقوائم والثلث للفردى، وأبدى هو الآخر قلقه من فتح الباب لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على مجلسي الشعب والشورى، وعلى تشكيل لجنة إعداد الدستور الجديد لتقوم بتفصيله على مقاسها. من الليبرالية واليسارية، إلى التيارات الدينية التى حذرت بلهجة شديدة من تأجيل الانتخابات، وكان من بينهم الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة، الذى أعلنها صراحة بأنه ضد تأجيل الانتخابات لأن التأجيل من وجهة نظره ليس فى صالح مصر، وأنه قد يساعد فلول الحزب الوطنى المنحل أو الإسرائيليين، أن يلتفوا على ثورة 25 يناير، وجاء معه فى نفس السياق أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط الذى أعرب معن رفضه التام لتأجيل الانتخابات، وقال إن هناك ضمانات من المجلس العسكري لتأمينها. غير أن حزب النور السلفى، وعلى لسان رئيسه الدكتور عماد عبدالغفور، كان قد هدد بأنه سيكون له رد فعل مع القوى السياسية فى حال تأجيل الانتخابات، وأنه فى هذه الحالة ستحدث حالات شغب فى جمعة 30 سبتمبر الجارى و6 أكتوبر المقبل، بينما دافع ممدوح إسماعيل، نائب رئيس حزب "الأصالة" السلفى عن موقف التيار الدينى الرافض لتأجيل الانتخابات بأن هناك قوى خارجية تدعم تياراً داخلياً يسعى لتأجيل الانتخابات، خوفا من سيطرة الإسلاميين على البرلمان المقبل. لكن تبريرات الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمرشح المحتمل لانتخابات رئاسة الجمهورية، بتأجيل الانتخابات البرلمانية، جاءت عكس مبررات الأحزاب، حيث لم يقصد من رفضه التصدى للتيار الدينى، بقدر مطالبته بأن تجرى الانتخابات البرلمانية بعد أن تجرى إعداد دستور ديمقراطى حقيقى فى البلاد، خلافاً لما هو مقرر فى مصر حتى الآن، وكان هذا التصريح قد أدلى به على هامش مؤتمر بمدينة إستوريل البرتغالية. وعلى طريقة "مسايرة التيار" لم يقف عمرو موسى المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية على رأى واحد من مسألة تأجيل أو عدم تأجيل الانتخابات التشريعية، حيث قال فى حواره مع جريدة "القدس العربى" منذ أسابيع أنه غير متفق مع الآراء التي تنادي بتمديد الفترة الانتقالية وزيادتها عن 6 أشهر، مشيراً إلى رفضه فكرة تأجيل الانتخابات ككل الرئاسية والبرلمانية، بينما تناسى هذا التصريح عندما كان أحد المشاركين فى مؤتمر الوفاق الوطني ودعا إلى تأجيل الانتخابات التشريعية وبدء العملية الديمقراطية بانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد أو بإجراء الانتخابات الرئاسية. على عكس البرادعى وموسى، أعرب الدكتور محمد سليم العوا، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، عن قلقه الشديد من امتداد العمليات الانتخابية للبرلمان لمدة ستة أشهر أخرى، كما تطالب بعض الأحزاب والقوى السياسية، وقال: هذه المدة الطويلة غير مبررة ولا يمكن للبلاد أن تحتمل شهورًا ستة ، كلها تستغرق في الانتخابات مع تردي الأوضاع الاقتصادية ومع الفوضى السياسية والضعف الحكومي. وحول ما أثير عن الإعلان الدستورى الذى صدر يوم 25 سبتمبر الجارى، ومدى توافقه مع الإعلان الدستورى الذى تم فى 30 مارس الماضى قال الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون ورئيس جامعة بنى سويف السابق، إن الإعلان الدستورى الذى أصدره المجلس العسكرى فى مارس الماضى، خوّله تنظيم جميع المسائل المتعلقة بانتخابات مجلسى الشعب والشورى. وأضاف أن المادة 38 من الإعلان الدستورى تنص على أن ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقاً لأى نظام انتخابى يحدده القانون ويجوز أن يتضمن حداً أدنى لمشاركة المرأة. كما نصت المادة 32 أن يشكل مجلس الشعب من عدد من الأعضاء، وألا يقل عدد الأعضاء عن 350 عضواً، نصفهم من العمال والفلاحين بالاقتراح السرى المباشر، ويبين القانون صفة العمال والفلاحين وعدد الدوائر التى يتم الانتخاب فيها. وأشار رفعت إلى أن الإعلان الدستورى ملزم ولا يمكن مخالفته،أما القانون فمن الممكن أن نختلف عليه فى التفصيلات، سواء كان انتخابات بالنظام الفردى أو القائمة النسبية المفتوحة أوالمغلقة، والقوانين التى أصدرها المجلس العسكرى اليوم جاءت فى سياق تنظيم النظام الانتخابى،وجمع بين النظامين الفردى والقائمة لإرضاء التيارات السياسية. وحول رفض بعض الأحزاب والتيارات السياسية لقانون مجلسى الشعب والشورى،أرجع رفعت هذا الرفض إلى حالة الذعر التى تعيشها الأحزاب من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية المنظمة على المجلسين النيابيين فى الانتخابات البرلمانية المقبلة بما يمكنها من وضع الدستور المقبل. وانتقد رفعت الأحزاب التى لم تبذل أى جهد فى الوصول لرجل الشارع، والاقتراب من معاناته وتعريفه ببرامجها وخططها للنهوض بمصر،وحل مشاكل المواطنين.