قالت مصادر مطلعة إن جهودًا دبلوماسية لوضع مسودة بيان أساسي لإحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط دخلت نفقًا مظلمًا بسبب قضية يهودية دولة إسرائيل وطريقة طرحها. وأضافت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها أن إسرائيل والفلسطينيين ومن ورائهما في المفاوضات الولاياتالمتحدةوروسيا ما زالوا مختلفين كثيرا حول هذه المسألة وغيرها. وحاولت اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط والتي تضم الاتحاد الأوروبي وروسياوالولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة لشهور وضع مسودة لما أطلق عليه اسم "بنود مرجعية" قد تبعث الحياة في محادثات السلام التي انهارت قبل قرابة عام. وبذلت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما جهودًا كبيرة لإثناء الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن التقدم بطلب منح الفلسطينيين العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، وقالت إن فلسطين ستصبح دولة فقط عبر المفاوضات مع إسرائيل لكن عباس لم يذعن لهذه الضغوط وتقدم بالطلب رسميا يوم الجمعة. وكانت الرباعية تأمل أن تضع مسودة بيان يحتوي على "بنود مرجعية" لتفادي جهود عباس في الاممالمتحدة لكن عندما اتضح أن هذا الامر مستحيل اختارت اللجنة إصدار بيان يوم الجمعة بهدف إحياء محادثات السلام على الرغم من تقدم عباس بالطلب. ولم تنجح جهود دبلوماسية محمومة استمرت أسبوعا تحت مظلة الجمعية العامة للامم المتحدة الأسبوع الماضي في التوصل إلى صيغة مقبولة من الطرفين حول القضايا الأساسية وهي الحدود والمستوطنات اليهودية ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس. وعوضا عن ذلك أصدرت اللجنة بيانًا ركز على العملية ودعا إلى إجراء محادثات تحضيرية في غضون شهر وأن يقدم الجانبان اقتراحات حقيقية حول الحدود والأمن في غضون ثلاثة أشهر على أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام بحلول نهاية عام 2012. ويوجد تشكك كبير بين الدبلوماسيين والمحللين في أن تبدأ مفاوضات جادة بين الطرفين أو أن تحقق أي نتائج إذا بدأت. ولم ترد إسرائيل ولا الفلسطينيون رسميا على بيان الرباعية. وجدد عباس أمس الاحد موقفه في أن محادثات السلام لن تستأنف بدون تجميد البناء في المستوطنات. ورفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو العام الماضي تمديد فترة تجميد جزئي للبناء في المستوطنات استمرت عشرة أشهر مما دفع الفلسطينيين إلى الانسحاب من محادثات السلام التي كانت بدأت فقط قبل أسابيع قليلة من ذلك. وقال مارتن انديك الذي عمل من قبل مساعدا في الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى ويعمل حاليا في معهد بروكينجز البحثي "مثلما كنا محاصرين في نقطة تجميد المستوطنات، يبدو أننا الآن أيضا محاصرون في نقطة الدولة اليهودية". وكان المسئولون الأمريكيون يأملون في تأمين مساومة أساسية في البيان تقوم على دولة فلسطينية على حدود 1967 مع اتفاق الطرفين على تبادل أراض مقابل يهودية دولة إسرائيل. ووجد المسئولون الإسرائيليون وبينهم نيتانياهو أنه من الصعب قبول هذه الصيغة فيما يتعلق بالحدود لانهم يرون أن حدود عام 1967 لن تحفظ الامن وأنه يجب أن يكون واضحا أن أي حدود ستكون مختلفة عنها. وعلى الطرف الآخر يجد الفلسطينيون أن فكرة يهودية إسرائيل غير مقبولة أيضا لأنه يبدو أنها تقضي على "حق العودة" للفلسطينيين الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم وكذلك قبول عرب إسرائيل في الدولة. وقال مصدر مطلع على المفاوضات "على الرغم من أن بيان الرباعية صاغته روسياوالولاياتالمتحدة إلا أنه كشف عن الفجوة بين الحد الاقصى للتنازلات التي يمكن لنتنياهو تقديمها والحد الادنى للمتطلبات التي سيقبلها أبو مازن (عباس).. ربما." وهناك العديد من الصيغ التي تتعلق بما إذا كان يمكن اعتبار إسرائيل دولة يهودية ومن بين هذه الصيغ اعتبارها وطنا للشعب اليهودي أو أن تجسد حق الشعب اليهودي في تقرير المصير أو ألا يقوض كونها دولة يهودية "حق عودة" للفلسطينيين. ولا يبدو أن أيا من هذه الصيغ مرض إما لانه قد لا يكون مقبولا بالنسبة للإسرائيليين أو لأنه سيكون من المستحيل أن يقبله الفلسطينيون. وقالت مصادر مطلعة على المحادثات: إن النتيجة كانت قرارا اتخذ مساء يوم الخميس ببحث بيان يركز على العملية وليس الفحوى ويضع إطارا زمنيا للطرفين ليحاولا فيه تسوية الخلافات بينهما. وتابع دبلوماسي مطلع على المحادثات أنه وبعد الفشل في سد الفجوات بين الطرفين فإنه "كان هناك توافق على أنه يجب علينا ألا نترك هذين الطرفين بدون أي شيء وأنه يجب علينا فعل شيء". وتمثل القضية برمتها صداعا لأوباما مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية. ويحرص أوباما على كسب ود الناخبين الموالين لإسرائيل قبل حملته الانتخابية العام المقبل وخاصة بعدما كسب الجمهوريون مقعدا لنيويورك في الكونجرس كان يشغله الديمقراطيون، وذلك للمرة الأولى منذ عشرينات القرن الماضي. وقال دبلوماسي إنه على الرغم من أن معظم المصادر تقول إن العقبة الأساسية هي ما إذا كان يمكن الاشارة إلى إسرائيل على أنها دولة يهودية، فإن حدود 67 وتبادل الاراضي ومسألة المستوطنات اليهودية كلها أمور "صعبة بنفس القدر". ويأمل الدبلوماسيون أن يظل البيان يعطي الإسرائيليين والفلسطينيين فرصة للعودة إلى المحادثات. وسيكون إطار الثلاثة شهور التي منحت للجانبين حتى يتوصلا إلى "اقتراحات شاملة" حول الأرض والأمن مقياسا أيضا لجديتهما أو أن تكشف الطرف الذي يتحمل مسئولية الفشل. ولا تبشر الاشارات الاولية بأن الطرفين سيعودان إلى طاولة المفاوضات. وقال محللون ودبلوماسيون إن من المرجح أن يعقد اجتماع تحضيري لكن احتمال بدء محادثات رسمية أقل كما يقل احتمال أن تحقق الكثير من التقدم. وقال دانيال ليفي وهو مستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ايهود باراك، ويعمل حاليا في مؤسسة نيو أمريكا في واشنطن "لا أستبعد عقد اجتماعات تحضيرية.. لا أرى أي ثمار حقيقية للمفاوضات".