فجأة وبدون مقدمات، تحولت شوارع وحوارى القاهرةوالجيزة، وربما عدد من مداخل منازلها إلى حظائر للمواشى، لتظهر فى "أقبح" صورها، وسط غياب كامل لمسئولى الأحياء والبيئة، فيما ضرب أصحاب "شوادر الخراف والعجول" بتعليمات البلدية عرض الحائط. مبررين موقفهم بأن المشترى لابد أن يرى "الأضحية" أمام عينيه فى الشارع، تأكل وتشرب وتلهو على الأرصفة. كاميرا "بوابة الأهرام" رصدت المأساة، التى تعانيها الشوارع والميادين وأصحاب العقارات المجاورة لهذه الحظائر، واتهموا مسئولى الأحياء بتجاهل شكاواهم أكثر من مرة، والتى طالبوا خلالها بضرورة وقف فوضى بيع المواشى فى الشوارع، حفاظاً على المظهر الحضارى للشوارع والميادين، لكن مسئولى البيئة فى كل حى اكتفوا بتغريم أصحاب هذه المواشى، وتركوهم يشوهون الأرصفة بمخلفات حيواناتهم. بالإضافة إلى الرائحة الكريهة، التى تخرج من المناطق الموجودة بها "الحظائر". برعى خليفة -أحد أصحاب مجموعة من "الخرفان"، فى منطقة بولاق أبو العلا بمحافظة القاهرة- قال ،مبرراً موقفه: ليس لدينا مكان سوى الشارع لنعرض فيه الخراف للبيع، خاصة أن المشترى يريد أن يرى الأضحية أمام عينيه، وهو يمر بالطريق، ولا نجد سوى الشارع ليكون أنسب مكان لتحقيق مكاسب كبيرة جراء البيع تحت أشعة الشمس". أضاف:" نعم البلدية تغرمنا يوماً بعد الآخر، لكن هنعمل إيه ، منهم لله". مشيراً إلى أن الأحياء تحذر أصحاب الشوادر من البيع فى الشارع، إلا خلال العشرة الأوائل من شهر ذى الحجة، لكننا لو رضخنا لمطالبهم، سنتعرض لخسائر كبيرة جدا، خاصة أن الزبائن يرفضون شراء المواشى وهى داخل الحظائر فنضطر لإخراجها إلى الشارع ، لعرضها ، على الملأ ، وبعدين بيكون شكلها تحفة". وأردف برعى قائلا:" الحى يعطى لنا ترخيصا بعرض المواشى بالشارع مقابل 51 جنيها، لكن يكون ذلك مع اقتراب عيد الأضحى، لكن كلنا يعلم أن عرض الخراف والعجول بالشارع أمر خاطئ، لذلك نتعرض للغرامة يوميا"..وقال:"مش معقول يبقى سوق الخراف واقف ومفيش بيع علشان السعر عالى وبتوع البلدية كل يوم يصبحو ويمسو علينا بالغرامة". سألنا مواطناً، يدعى أنور عاشور يعيش بالقرب من "حظيرة المعلم برعى" عن رضاه من عدمه بسبب مايفعله برعى فقال :" مش برعى لوحده اللى بيعمل كده، كل تجار المواشى بيعملوا زيه ، لكن هنعمل ايه ؟،فيه ناس تستحمل برعى وأمثاله علشان هما من أولاد المنطقة ، وفيه ناس هاى كلاس ، مش بتوع مواشى ، لكن مطلوبة المحافظة على الشارع ،بأن يرفعوا مخلفات مواشيهم آخر اليوم". تقابلنا مع الدكتور خالد سامى، الذى تصادف مروره بالشارع الموجود به تجمع كبير للخراف وهو يقود سيارته فقال:" ما يحدث بالشارع بسبب أصحاب المواشى شىء مقزز ، والغريب أن ذلك يحدث أمام أعين المسئولين فى المحافظة، فأى دولة فى العالم يحدث بها مايحدث من فوضى فى شوارع مصر، بسبب هذه القلة التى لاتعترف بالقانون وتضرب به عرض الحائط ،أليس من حقنا أن نعيش فى بيئة متحضرة ونظيفة، تخلو من هذه الصورة السيئة التى انتشرت فى ربوع القاهرةوالجيزة؟ ، والأغرب أن يجوب أصحاب الخراف ، الشوارع بصحبة مجموعة من الصبية، ومعهم خرافهم، دون أن يعوقهم رجال المرور، أو مسئولو البيئة ،وكأنهم ضد القانون". ذهبنا إلى تجمع آخر من الخراف والعجول، وحاولنا التحدث مع صاحبها محمد الأمين، لكنه رفض فى البداية أن نقوم بالتصوير بدعوى أنه يقف فى الشارع بالمخالفة للقانون ،لكن وبعد محاولات من الإقناع بأن سبب التصوير رصد فرحة المصريين بعيد الأضحى واندفاعهم على شراء الأضاحى رضخ لطلبنا، ووافق على التصوير، وقال فى تخوف :" ياريت لو الصور هتسبب مشاكل ليا بلاش تنشروها علشان بتوع الحى ميخربوش بيتنا بالغرامات ". وعندما سألناه عن سبب وقوفه بالشارع بالمخالفة لقواعد الحى، رد بقوله:"الزبون عايز كده ، ومفيش مكان تانى لنعرض فيه الخراف غير الشارع ، لأن الزبون يدفع ثمن الخروف ويتركه حتى يوم وقفة عيد الأضحى ويأتى ليأخذه، ومعظم هذه الخراف مدفوع ثمنها مقدما لكننا نرعاها فى الشارع مقابل أجر يومى من صاحب الخروف بعشرة جنيهات ، ونتمنى أن يصرح لنا مسئولو الحى بالبيع فى الشارع، ويبتعدوا عن نغمة المظهر الحضارى السيئ". أضاف:" ماالمشكلة فى أن نبيع فى الشارع إذا كنا ننظف الأماكن التى تقف فيها الخراف كل يوم ، هل نقف هنا طول العام أم أننا نقف فى فترة عيد الأضحى من كل عام فقط ، نتمنى من السادة المسئولين أن يعلموا أننا ننتظر هذه الفترة من كل عام بفارغ الصبر.. ياريت يرحمونا شوية من الغرامات ، لأن صاحب الخراف يضطر إلى أن يضع ثمن الغرامة على سعر الخروف، ليعوض فارق السعر". فى منطقة بين السرايات بمحافظة الجيزة قال المهندس حسن الشاعر:" أقسم لكم بالله أننى أعيش فى عمارة، تحول مدخلها إلى حظيرة من الخراف ، وعندما شكوت ضيقى لصاحب العمارة قال: مش عجبك سيب الشقة، فذهبت لأشكو لمسئولى حى الدقى قال لى أحد الموظفين: مبقاش ناقص غير إننا نروح نموتلكم الخراف علشان تبقوا مبسوطين ..مالنا إحنا ومال الخراف ،روحوا اتصرفوا مع بعض". بعرض المشكلة برمتها على مسئولى الأحياء، قال اللواء أحمد عبد الفتاح هميمى رئيس حى السيدة زينب ، إنه تقديراً لأهمية السلعة وضرورتها ، تم وضع ضوابط عامة للتصريح بعمل شوادر للأشغال فى أضيق الحدود، ومن بين هذه الضوابط ، التصريح فى الشوارع الداخلية وليست الرئيسية ويمنع وجودها بجوار أى مؤسسة عامة أو مستشفى أو مدارس أو ميادين عامة، مما لايؤثر على الحركة المرورية. وشدد على أن تكون مساحة الإشغال المصرح بها، لاتزيد على أربعة أمتار وأن تكون هناك مساحة فى الشارع الفرعى تسمح بإقامته، ويتم الحصول على موافقة من الجهات الأمنية. وعن الفضلات والمخلفات يقول إنه يلزم للمصرح له بالإشغال أن يرفع أى مخلفات ناتجة، ويقر بتعهد بذلك ، وفى حالة المخالفة يطبق عليه القانون رقم 4 لسنة 1996 ويتم تغريمه مبلغا يصل إلى خمسة آلاف جنية، حيث هناك قواعد عامة تطبق سنويا والأحكام والضوابط أكثر حزما عن الأعوام السابقة، وهناك متابعة مستمرة من الحى لمتابعة هذه الشوادر. فى حين قال المحاسب محمد عيسى، رئيس حى المقطم إن محافظة القاهرة أرسلت خطابا إلى رؤساء الأحياء، يشمل عدة بنود بشأن شوادر الخراف والحيوانات فى الأحياء، منها عدم السماح بإقامة هذه الشوادر للخراف الحية إطلاقا، وذلك حفاظا على البيئة. ويضيف أن ذلك لمنع بيع أو تجارة جلود الاضاحى فى الشوارع والمتابعة المستمرة للأحياء والمناطق.. والوقوف على أي مخالفة من قبل التجار.