احتفلت القرية الفرعونية الشهر الماضى، بانتصارات السادس من أكتوبر داخل متحف "أنور السادات"، الموجود بها، وحضرت الاحتفالية السيدة جيهان السادات، وأهدت للمتحف بعضا من مقتنيات الرئيس الراحل الشخصية، بخلاف ما سبق وقدمته للمتحف عند افتتاحه عام 2006. بينما قبل ذلك بأسبوع كان الكاتب الصحفى فاروق جويدة أحد الذين شهدوا محاولات توثيق تاريخ الثورة، يتساءل عن متحف قادة الثورة ومصيره، وفى كل مرة -على حد قوله- لم يتلق إجابة شافية.. مؤكدا أنه يخشى تماما ضياع جهد لجنة توثيق تاريخ الثورة، الذى قام به المؤرخ الكبير يونان لبيب رزق، مع فريق من أساتذة التاريخ المعاصر. وماذاعن مقتنيات هؤلاء الزعماء من أصحاب الشهادات ؟،: "لا أعرف شيئا سوى شكى الدائم فى ضياع المشروع كاملا، فالصمت وعدم الرد دائما ما اعتبرهما علامة على وجود شىء، ولا استبعد عدم وجود مقتنيات حقيقية وسط حالة الفوضى والإهمال، التى نعيشها الآن ". سؤال فاروق جويدة عن المتحف، صاحب حالة الكلام عن المتاحف وأزماتها، التى تفجرت بعد سرقة لوحة زهرة الخشخاش، وكان من ضمنها متحف زعماء الثورة, الكل تحدث عن البناء، الذى لم ينته العمل به منذ 14 عاما، عقب صدور قرار رئيس الجمهورية، تحويل مبنى مجلس قيادة الثورة إلى متحف، كما تحدثوا عن ازمة الميزانية(40مليونا)، والتى لم تعد كافية الآن لإنهاء البناء، لكن لم يسأل أحد عن مقتنيات المتحف المنتظر. وحسب دليل متاحف وزارة الثقافة، تشير صفحة متحف زعماء الثوالى، إلى أنه يقع على نيل القاهرة بمبنى كان خاصا بالقوات البحرية، فى العصر الملكى، وأنه شهد أعظم أحداث الثورة منذ وقوعها فى يوليو عام 1952 وحتى خروج جنازة زعيمها جمال عبد الناصر منها، فى سبتمبر 1970.. كما يشير الدليل إلى صدور قرار جمهورى، يحمل رقم 204 لعام 2006، بتحويل القصر لمقر للمتحف بعد نقل ملكيته لوزارة الثقافة، وأنه من المفترض أن يضم حوالى 1186 قطعة متحفية للعرض، تمثل تاريخا شخصيا ووثائقيا لزعماء ثورة يوليو.. بينما ينتهى العرض بأن المتحف جار إعداده للافتتاح قريبا (الكتيب الذى صدر عام 2005). وفى المبنى الصغير التابع لوزارة الثقافة، والذى يتولى توثيق المقتنيات المتحفية والمعارض الرسمية، التى تقيمها وزارة الثقافة، كانت الصورة بنفس الضبابية.. المسؤل رسميا عن عملية التوثيق أكد أن ماأحضره له المسئولون لتوثيقه على سي ديهات المركز، كان" بضعة كراتين مملوءة بكراسات رسم لأطفال مدارس حكومية، فى فترة الخمسينيات والستينيات، مهداة للرئيس جمال عبد الناصر فى مناسبات مختلفة.. بالإضافة لميكروفون الإذاعة، الذى جاء عبره بيان الثورة الأول". وباقى ال118 لم ير منها شيئا، بل أضطر للجوء للإنترنت للاستعانة بصور لزعماء الثورة، لطبعها على كتيب التوثيق الخاص بالمتحف. فى القرية الفرعونية الوضع كان مختلفا تماما، فمتحف أنور السادات ومتحف جمال عبد الناصر يزخران بمقتنيات خاصة بهما، لابديل لها، ومنها على سبيل المثال 170 صورة نادرة للرئيس جمال عبد الناصر، فى مراحل حياته المختلفة، منذ مولده، وحتى وفاته.. وكذلك بذلته العسكرية وملابسه ونظارته وتمثالان نادران له، ورسائله الشخصية، وخطاباته الرسمية.. ومنها خطاب تأميم قناة السويس وخطاب التنحى، وعشرات الوثائق الأخرى، التى يحرص المتحف الخاص على زيادتها كل عام، منذ افتتاحه عام 2004، وحتى الآن بحضور كوكبة من رجال السياسة، وعلى رأسهم دكتور أسامة الباز، وأفراد عائلة الزعيم الراحل. نفس السيناريو تكرر فى متحف أنور السادات بالقرية الفرعونية، الذى يضم صورا ومقتنيات نادرة فى مراحل حياته ونشاطه السياسى، وحتى يؤكد المسئولون بالقرية أنها أتت فى أغلبها من عائلات الزعماء.. محاولة منهم لتخليد ذكراهم. بينما يشير دكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب جامعةالقاهرة، إلى أن مشروع متحف زعماء الثورة، يعيش أزمة افتقاد الجدية من المسئولين بوزارة الثقافة، وأزمة أكبر فى توفير الوثائق، وسط حالة من التخبط فى التعامل مع وثائق مصر، وعدم وجود قانون حقيقى ومكتمل للتعامل معها.. مؤكدا أن" الأساس فى هذا المتحف أن يضم مقتنيات شخصية، تؤرخ لتلك المرحلة، وليست فقط سيرا وشهادات تمت وتبدو ضائعة الآن هى الأخرى".. وهو ما يعتبره" مسئولية من عائلات زعماء الثورة، التى تسربت منها عشرات المقتنيات، سواء بالإهداء أو البيع، ووزارة الثقافة، التى كان يجب أن ترعى تلك الأشياء، التى هى جزء أصيل من تاريخ مصر.. بدلا من تركها للمتاحف الخاصة".