شهد وزراء الخارجية العرب الاجتماع خلافات حادة بسبب تطورات الأوضاع السورية وما يجري بها من أحداث دامية كانت موضع انتقاد وانزعاج معظم وزراء الخارجية .. والتي تكشف عنها بوابة الأهرام من خلال هذا التقرير.. وكان الاجتماع الاستثنائي للوزراء العرب قد انعقد وسط هتافات مدوية للسوريين واليمنيين أحاطت بمقر الجامعة طوال يوم السبت وحتي الساعات الأخيرة من الليل والأولي من صباح اليوم التالي " الأحد".. وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماع دورتهم الاستثنائية، التي خصصت لبندين هما مناقشة الأوضاع في ليبيا وسوريا ، وفقا لقرار لجنة المبادرة التي عقدت بالدوحة أخيرا. وكانت الأضواء قد تسلطت بقوة على وفد ليبيا الذي ترأسه نائب رئيس المجلس الانتقالي والرئيس التنفيذي للمجلس محمود جبريل، وضم الوفد كلا من سفير ليبيا ومندوبها بالأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم الذي انشق عن نظام القذافي في مستهل الثورة، وأصبح هو المندوب لدي الجامعة العربية، كما ضم الوفد المندوب بالجامعة والسفير بالقاهرة عبد المنعم الهوني، والذي انتهت مهمته. عقد الاجتماع تحت دوي الهتافات من مئات السوريين واليمنيين المقيمين بالقاهرة الذين احتشدوا حول مداخل وأسوار الجامعه وأطلقوا الشعارات التي كان من بينها : " الشعب يريد إسقاط الرئيس " و " الشعب يريد إعدام الأسد " ، كما حملوا اللافتات التي تقول " لا نريد بيانات شجب وإدانة، نريد قرارات تتجاوب مع ضحايا نظام الأسد" . وثبتوا لافتات علي أسوار الجامعة تتضمن إحصائيات لضحايا النظام السوري أكثر من 2800 شهيد ونحو 4 آلاف من الجرحي وأصحاب العاهات. في هذه الأجواء وصف دبلوماسيون عرب شاركوا باجتماع وزراء الخارجية العرب بأنه اتسم بالغضب حيال ممارسات النظام السوري ضد أبناء شعبه من الثائرين عليه، وسقوط مئات الضحايا الذين حصدهم الجيش السوري والقوات الموالية للنظام. وقد تسببت الخلافات في إطالة أمد الاجتماع حتي الساعات الأولي من فجر اليوم التالي"الثانية من صباح الأحد"، مما أدي إلي إلغاء المؤتمر الصحفي الذي كان مقررا للأمين العام للجامعة ووزير الدولة العماني للشئون الخارجية بصفته رئيسا للاجتماع. وأدى الغاء المؤتمر الصحفي إلى " ثورة غضب " بين الصحفيين والمحطات الفضائية الذين "صبروا"طوال أكثر من ستة ساعات متواصلة، ثم فاجأهم قرار إلغاء المؤتمر والاكتفاء بتوزيع البيان الختامي وهي العملية التي شهدت "هرجا ومرجا" كبيرين للتنازع والتنافس علي نيل أو خطف الورقات الثلاث التي حملت هذا البيان. وكانت الخلافات وتضارب وجهات النظر بين ثلاثة توجهات الأول مثل أكثرية أعضاؤه دول مجلس التعاون الخليجي التي انتقدت بشدة جرائم النظام السوري بحق المدنيين ورأت ضرورة اتخاذ موقف عربي يرتقي الي تطلعات الشارع والرأي العام العربي والسوري يعكس تضامنا مع الضحايا الأبرياء، فيما الثاني ضم دولا تربطها علاقات جيدة بالنظام السوري بجانب سوريا ذاتها ، حيث رفضت اتخاذ أية إجراءات أو صدور إدانات عن المجلس رأت أنها من شأنها أن تعقد الأزمة ولا تسهم في حلها،أو وجود دور فاعل للجامعة، أما الرأي الثالث فقد ذهب إلى أهمية الإبقاء علي مساحة من الحوار مع النظام السوري ، وتكليف الأمين العام للجامعة القيام بمهمة عاجلة إلى دمشق وكذلك اللجنة الوزارية " السداسية " التي تمخضت عن الاجتماع لاستكمال هذه المهمة. وأظهر البيان الصادر بشأن الأوضاع في سوريا حجم هذه الخلافات، حيث اقتصر علي الإشارة الطلب إلي الأمين العام للجامعة القيام بمهمة عاجلة إلى دمشق وإبلاغ القيادة السورية بالمبادرة العربية لحل الأزمة، بجانب الإبقاء علي المجلس في حالة انعقاد دائم. من مفارقات الاجتماع أيضا ما رصده دبلوماسي عربي رفيع بالأمانة العامة للجامعة للصورة التي بدا عليها مندوب سوريا السفير يوسف أحمد خلال الاجتماع ، الذي ناقش الوضع في سوريا لأول مرة منذ اندلاع ثورة الغضب ضد نظام بشار الأسد قبل أكثر من أربعة أشهر. قال الدبلوماسي الرفيع إن المندوب السوري كان واثقا من عدم تعرض الجامعة لبلاده بأية قرارات إدانة، إذ لم تظهر عليه أي بوادر للقلق والتوتر علي غرار اجتماعات سابقة، خصوصا حين انتقد الأمين العام السابق للجامعة" عمرو موسي" لممارسات نظام بشار الأسد ضد الثائرين ضده . وكان المندوب السوري قد استبق الاجتماع وقال في مطار دمشق قبيل مغادرته إلي القاهرة أن سوريا تثق في مواقفها تماما وفي قدرة شعبها علي تجاوز الوضع الراهن. ووفقا للدبلوماسي العربي فقد فشل المندوب السوري في غل يد الجامعة والوزراء العرب علي أن يدلوا بدلوهم لما يجري في سوريا من تطورات وأحداث دامية ، وأن يكون للجامعة موقف واضح ومحدد عبر عنه البيان الصادر في ختام الاجتماع، وإن لم يعجب هذا الموقف السوريون، خصوصا نظام الحكم.