يحتفل العالم اليوم بالذكري ال 112 لميلاد الكاتب الأرجنتيني العظيم "خورخي لويس بوخيس" أحد أبرز وأهم أدباء أمريكا اللاتينية والعالم في القرن العشرين وصاحب المقولة الشهيرة "لا يوجد ما تعجز عن قوله في قصة". ولد "خورخي فرانسيسكو إيزادورو بورخيس" في الرابع والعشرين من شهر أغسطس عام 1899 بالعاصمة الأرجنتينية "بوينس آيريس" وانتقل مع عائلته عام 1914 إلي سويسرا حيث درس هناك واطلع علي الأدب الفرنسي، وانتقل بورخيس بعد ذلك إلي أسبانيا وعاد للأرجنتين في عام 1921. بدأ بورخيس الكتابة والنشر في دورية أدبية سوريالية حيث نشر بها مقالاته وأشعاره وأصدر أول عمل في 1923 بعنوان "حمية بيونيس آيريس"، وفي العام 1955 عين بورخيس مديراً للمكتبة الوطنية الأرجنتينية وأستاذاً للأدب بجامعة بوينس آيريس . علي مدار حياته التي امتدت ل 86 عاماً تنوعات كتابات بورخيس بين الشعر والقصة والمقالات والدراسات فكتب بورخيس 14 ديواناً شعرياً و11 كتاب قصص و16 كتاباً للدراسات والمقالات و15 كتاب بالإشتراك مع كتاب آخرين و3 كتب من مختارات أعماله وكتاب يضم حوار له مع الأديب الأرجنتيني إرنستو ثاباتو الذي توفي منذ أربعة أشهر ولم يكتب بورخيس أي رواية علي مدار حياته إذ أنه كان مناهضاً لمنطق الروايات ويري أن كل ما يمكن أن يريد كاتب قوله يمكن أن يكتبه في قصة ولا حاجة له بكتابة رواية. أصبح بورخيس ذو الثقافة الموسوعية محط أنظار العالم في أوائل الستينيات حيث حصل في العام 1961 علي جائزة الناشرين الدولية فورمنتر بالمناصفة مع الأديب الأيرلندي المعروف صامويل بيكيت والذي كان أحد أهم أعلام الأدب في ذلك الوقت وهو ما لفت الإنتباه إليه حيث ترجمت أعماله بشكل واسع في الولاياتالمتحدة وأوروبا وأصبح بورخيس نفسه طليقاً في العديد من اللغات وترجمت أعماله الكاملة للعربية لاحقاً. تأثر بورخيس بكافكا وشوبنهاور وثربانتس وفيرجيل وأفلاطون وشكسبير وأوسكار وايلد وأثر في فوكو وديلوز وأورهان باموق وباولو كويلهو وإمبرتو إيكو. اشتهر بورخيس بكتابة مختلفة تمزج بين المقال والقص وكانت طبيعة الزمان والأبدية والخلود أحد الثيمات الكبري الشاغلة له في العديد من قصصه ويقول أحد النقاد أن أهم نقطة خلافية بالنسبة له كانت أن الأدب لا يعتمد علي كتابة أوهام الواقع ولكن ما كان يهم في النهاية هو قدرة المؤلف علي أن يولد في قارئه نوع من الإيمان الشعري . اتخذت قصص بورخيس في الغالب ثيمات خيالية كمكتبة تحتوي علي كل الكتب التي تصل أعداد صفحاتها إلي 410 في العالم في قصته "مكتبة بابل" وفي قصة أخري يرسم صورة لشخص لا ينسي أي شيء أبداً من الأشياء التي اختبرها في حياته وقد مثلت تلك الصيغ الفانتازية علامة مميزة لأعماله. ويعزو بعض الدارسين مخيلته الرائعة إلي إصابته بالعمي التدريجي الذي ساعده علي إبداع إستعارات أدبية جذابة وغير معهودة. علي الرغم من شهرة بورخيس العالمية إلا أنه لم يحصل علي جاءزة نوبل للأدب ابداً وهو شيء كثيراً ما أشعره بالأسي ولكنه لم يكن وحده من بين الأدباء المميزين الذين يستحقون الجائزة ولم يحصلون عليها، وعلق بورخيس علي ذلك قائلاً : لقد اصبح عدم منحي جائزة نوبل تقليداً إسكندنافياً فمنذ ان ولدت لم يمنحوني إياها" ويرجع بعض المعلقين عدم حصول بورخيس علي الجائزة بسبب تعليقاته وآراؤه السياسية المحافظة أو بالأحري لأنه قبل التكريم من الديكتاتور بينوشيه الذي حكم تشيلي منذ 74 وحتي 1990. اتجهت أشعار بورخيس الأخيرة غلي نوع من التعددية الثقافية والحوار بين حضارات مختلفة إذ مزج فيها بين أفكار ورؤي مختلفة وقد أصبح بورخيس مرجعاً للعديد من الأفكار الفلسفية التي تبلورت لدي مفكرين كبار مثل الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو ورفيقه جيل ديلوز. مع نهاية الخمسينيات أصيب بورخيس بالعمي التام وقد أثر ذلك علي كتابته كثيراً وأصبحت مخيلته أكثر ثراء وسعت أمه البالغة 90 عاماً لأن تجد له زوجة تعتني بابنها الأعمي بعد وفتها وتزوج بورخيس عام 1967. لم يصدر بورخيس أية كتب جديدة بعد العام 1974 تقريباً بإستثناء بعض كتب المختارات وتوفي في 1986 بجنيف جراء إصابته بسرطان الكبد ودفن بسويسرا.