طرح الدكتور المرسي حجازي وزير المالية حزمة اجراءات جديدة للتيسير علي الممولين منها الاسقاط الضريبي, وقد يبدو من اسم هذه الآلية أنها تنازل من مصلحة الضرائب عن ديونها لدي الممولين غير القادرين علي سداد الضرائب, وبالتالي تفتقد الضريبة شرطا هاما من شروطها وهو العدالة والمساواة في الدفع, وهو مبدأ دستوري ايضا, ولكن عندما حاولنا معرفة آلية إسقاط الضرائب وهل هي آلية جديدة يتم التعامل معها لأول مرة,أم لا. اكتشفنا أن الاسقاط مادة نص عليها القانون لها شروط كثيرة ولها آليات ايضا, ولاتعني ضياع حقوق الدولة وإنما تعني التيسير علي الممول الذي يثبت لمصلحة الضرائب بعد تحريات دقيقة, يجب ان يستوفي الممول فيها شروطا قاسية حتي يحصل علي ميزة الاسقاط.. تفاصيل الاسقاط الضريبي وشروطه وماهي المأموريات المختصة به تحملها السطور التالية. بداية أكد محمد النحاس رئيس لجنة الاسقاط الضريبي بضرائب المبيعات ان القانون نص في مادتيه50 و51 علي إجازة اسقاط الضريبة في الحالات التالية- أن يشهر الممول إفلاسه علنا. - اذا غادر الممول البلاد لأكثر من عدة سنوات بلا عودة. - إذا توفي الممول واتضح للمصلحة عدم وجود تركة يمكن التنفيذ عليها وأخذ مديونية الضريبة. وأضاف النحاس انه اذا توافر لدي الممول أي من الشروط السابقة يتم اسقاط الضريبة عنه حتي لو لم يتقدم الممول بطلب الاسقاط, فالمصلحة تبحث بصفة مستمرة في مديونية الممولين واذا تبين لها تراكم مديونيته بلا دفع لمدد طويلة تقوم بعمل بحث وتحر عن هذا الممول وبالتالي تسقط عنه الضريبة بعد ان تقوم المأمورية التابع لها الممول بارسال طلب الاسقاط للجنة الرئيسية ويتم البت فيه ومراجعة توافر شروط الاسقاط, واشار رئيس لجنة الاسقاط الضريبي ان اللجنة تعمل طوال العام وتقوم باسقاط طلبات كثيرة, وحول ما إذا كانت طلبات الاسقاط زادت بعد الثورة أم لا, أكد النحاس أن مستوي طلبات الاسقاط واحد ولم يتغير كثيرا بعد ثورة25 يناير, وأضاف ان هناك فرقا بين اسقاط دين المبيعات, حيث يتم اعتماده من رئيس المصلحة, أما دين ضرائب الدخل فيتم اعتماده من وزير المالية مباشرة. ويري حسن عبد الله مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب أن هناك فرقا بين الاسقاط الضريبي والعفو الضريبي في الاسقاط له شروط خاصة حددها القانون اذا ماتوافرت وثبت للمصلحة بعد التحري استحقاق الممول لاسقاط الضريبة عنه يتم الاسقاط, مضيفا ان تحريات مباحث الضرائب حول طالب الاسقاط تكون شديدة وتقوم بها عبر منافذ مثل الشهر العقاري وغيرها من الأماكن التي تثبت ماقدمه الممول من مستندات. وأضاف عبد الله أن استراتيجية العفو الضريبي تختلف عن ذلك لأنها ترتبط بتوقيت محدد يتم فيه العفو عن الممول اذا ماتقدم طواعية للمأمورية والغرض منها هو دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي بتشجيع الممول علي الدخول في الاقتصاد الرسمي بعد العفو عن ملفاته الضريبية القديمة واسقاط الضرائب عنه, او عدم محاسبته اذا لم تكن لديه ملفات منتظمة, موضحا ان وزير المالية كان يريد من تصريحاته تفعيل هذه المواد بما يتناسب مع ظروف الممولين. مشيرا الي أن طلبات الاسقاط الضريبي متاحة طوال العام ويمكن للمول التقدم بها في أي وقت, أما طلب العفو الضريبي فيكون بمدة محدودة سلفا ولابد ان تكون طواعية من الممول. وكان القانون قد نظم لجان الاسقاط الضريبي واختصاصاتها علي النحو التالي: يعاد توزيع اختصاص لجان الاسقاط الضريبي بمصلحة الضرائب علي الوجه الآتي: اللجنة الأولي للاسقاط الضريبي بالقاهرة تختص بحالات الاسقاط الخاصة بالمأموريات الآتية: - بولاق, الجمالية, التوفيقية, شبرا, الشركات المساهمة بالقاهرة, الموسكي, مصر الجديدة, روض الفرج, الوايلي, الأزبكية, حلوان, المنيا, بني سويف, ملوي, ببا, مغاغة, الفيوم, اسيوط, ديروط, سوهاج, جرجا, ابوتيج, قنا, الاقصر, اسوان, نجع حمادي. اللجنة الثانية للاسقاط بالقاهرة وتختص مجالات الاسقاط الضريبي الخاصة بالمأموريات الآتية: - عابدين أول, عابدين ثان, قصر النيل, الدرب الأحمر, السيدة زينب, الجيزة, الدقي, شئون الحراسات. أما اللجنة الثالثة للاسقاط الضريبي فهي بالاسكندرية وتختص بنظر حالات الاسقاط في المأموريات الآتية: - الشركات المساهمة بالاسكندرية, محرم بك, دمنهور, الرمل, اللبان, المنشية, مينا البصل, العطارين أول, العطارين ثان, العطارين ثالث, ايتاي البارود, طنطا, دسوق, كفر الشيخ, كفر الزيات, المحلة الكبري, شبين الكوم, منوف, بنها, المنصورة, ميت غمر, دمياط, بلقاس, دكرنس, الزقازيق, فاقوس, بورسعيد, الاسماعلية, السويس. يقول يحيي أحمد حافظ محاسب قانوني إن الحديث عن اسقاط الضريبة لن يكون له أي تأثير ايجابي او سلبي علي حصيلة الضريبة لأنها بالفعل موجودة وهي حالات لها شروط شديدة حددها القانون سلفا, وليس من بينها حالة افلاس الممول لأنه في حالات الافلاس تحجز المصلحة علي المتبقي من أمواله وفاء لدين الضريبة, ولاتقوم في حالات الافلاس باسقاط كل الدين علي الممول وانما المتبقي من دينه بعد الحجز. وأشار يحيي الي ان حالات الاسقاط كثيرة ومن الممكن ان تكون زادت بعد الثورة نظر لتردي الاوضاع الاقتصادية وانخفاض مستوي ربحية الشركات في السوق وخروج قطاعات كثيرة من السوق وخاصة الشركات الصغيرة, واشار الي أن حالات الاسقاط تتم بواسطة مأمور الحجز الضريبي في المأموريات التابعة لمصلحة الضرائب. للدكتور سعيد عبد المنعم استاذ المحاسبة والضرائب بكلية تجارة جامعة عين شمس له رأي مختلف حيث اشار الي أن حديث وزير المالية عن الاسقاط ليس له مبرر لأنه موجود منذ فترة طويلة في القانون وليس جديدا عليه والمهم في موضوع الاسقاط ان تتحقق شروطه حتي يتم, وأهم شروطه هو الحالات القهرية للممول مثل الوفاة والافلاس وغيرها. ويري د سعيد ان الاسقاط أموال تضيع علي الدولة بسبب إهمال مصلحة الضرائب في التحصيل والتهاون في مستحقات الدولة, فلو أن ممولا لديه للمصلحة دين يقدر ب عشرة آلاف جنيه فلماذا تنتظر المصلحة حتي يتوفي ثم تسقط الدين, فهذه الأموال الضائعة سببها الأساسي هو مصلحة الضرائب التي تحتاج الي اعادة هيكلة في كل مأمورياتها وسياساتها, فالمستحقات كما عرفها القانون هي حقوق للدولة علي الممول واجبة السداد وامتنع الممول عن هذا السداد, وأضاف أن المصلحة لديها متأخرات ضريبية قدرها80 مليار جنيه فلماذا لاتقوم بجمع هذه المتأخرات حتي تسدد للموازنة مبالغ كبيرة هي في حاجة ماسة إليها وقد تلجأ لطرق غير منطقية مثل العفو الضريبي مثلا الذي اعلنته المصلحة حتي يدخل ممولون جدد إليها وهم العاملون بالاقتصاد غير الرسمي, حيث اصدرت قانونا يتنافي مع قواعد العدالة بأن يعفي الممول اذا تقدم للمصلحة عن كل الضرائب المستحقة علي نشاطه منذ أن بدأ وحتي تاريخ تقدمه, هذا القانون غير عادل من جهة وغير منطقي ويضيع أمولا طائلة علي الدولة من جهة أخري لأن المسئولين عن الضرائب في مصر لايعملون بجد ولا يقومون بواجبهم في جمع الضرائب وسداد مستحقات الدولة, موضحا أن المنطق الذي قامت به الحكومة ممثلة في وزارة المالية حتي تقوم بإدخال ممولين جدد لدائرة الضرائب قد يكون له أسبابه لأن أكبر الشركات العاملة في مصر والتي كان من الصعب ان تحقق خسائر تراجعت هذا العام مثل شركة مصر للسياحة التي بلغت خسائرها60 مليون جنيه وهي خسائر لأول مرة في تاريخ الشركة بعد انهيار السياحة في مصر جراء أحداث العنف التي تلت ثورة25 يناير, فالموسم الضريبي الحالي لن يحقق ايرادات إلا بجمع المتأخرات والبحث عن ممولين جدد, وأضاف د. سعيد ان خروج وزير المالية للحديث عن الاسقاط الضريبي هو نوع من انواع البحث عن بطولات وشعبية بلا جدوي, وعلي الوزير ان يتبع سياسات أخري لتنمية موارد الدولة بدلا من تفعيل مواد موجودة منذ سنوات طويلة. من جانبها أكدت عواطف جلال مدير عام ادارة الحجز الضريبي بمأمورية ضرائب المعادي ان مسألة اسقاط الضريبة تأتي في اطار تنقية الملفات الضريبية إذ يأتي رقم المتأخرات الضريبية متضخما وبه أرقام وهمية لممولين لن يستطيعوا السداد للضريبة, إما بسبب توقف النشاط او بسبب إعلان إفلاسهم, لذلك فإن مصلحة الضرائب قررت إظهار الرقم الحقيقي للمتأخرات الضريبية حتي تستطيع المصلحة جمعه وإدخاله في موازنة الدولة. وأضافت مدير ادارة الحجز الضريبي ان سبب تراكم مبلغ المتأخرات هو ماحدث بعد اقرار قانون الضرائب علي الدخل الجديد, حيث كانت الاتجاهات وقتها تصب في اطار تنقية الملفات الضريبية حتي عام2004 بلاطعن عليها, أدي ذلك الي تفاقم مبلغ المتأخرات بشكل وهمي مما دعا وزير المالية الي الحديث عن الاسقاط الضريبي كوسيلة لمعرفة حقيقة المتأخرات. وأشارت عواطف جلال الي أن دعاوي الاسقاط لم تزد بعد ثورة يناير ذلك لأن الممولين لم يتوقفوا عن النشاط ولكن انخفضت ارباحهم او تقلصت, وفي بعض الأحيان تحولت لخسائر, والاسقاط يتطلب انهاء للنشاط وعدم القدرة علي سداد الضريبة حاليا أو مستقبلا وهذا لم يحدث, مشيرة الي ان المصلحة أعطت رؤساء المأموريات تعليمات بإنهاء طلبات الاسقاط والوقوف علي الارقام الحققية المستحقة للدولة*