رغم الأزمات المتلاحقة التى شهدها الاقتصاد فى 2012 على وقع تصاعد حدة التوترات السياسية، التى أثرت سلبا على جميع القطاعات، نجحت أسهم البنوك فى تحقيق ارتفاعات قياسية مدعومة بصفقات الاستحواذ المتوقع إتمامها من قبل البنوك الخليجية رغبة منها فى دخول السوق المحلى، الذى ما زال يشهد معدلات نمو وربحية رغم كل الظروف السياسية التى عانت منها البلاد على مدى العامين الماضيين فى أعقاب ثورة 25 يناير. وحصد قطاع البنوك المركز الثانى فى قائمة ارتفاعات البورصة خلال العام الماضى بارتفاع جاوز ال82%، ويتوقع الخبراء والمحللون أن تواصل الأسهم صعودها فى 2013 مدعومة بإتمام صفقات الاستحواذ المرتقبة من جانب البنوك الخليجية على حصص حاكمة فى بعض البنوك مصر وذلك خلال الأسابيع القادمة، مشيرين إلى أن البنوك العربية والأجنبية تستحوذ حالياً على نحو 30% من الحصة السوقية داخل السوق المحلي، ومن المتوقع زيادة هذه النسبة خلال الفترة المقبلة خاصة مع توجه المؤسسات العربية نحو المنطقة لاستثمار فوائضها المالية بها اضافة إلى وجود نية منذ سنوات لدى الحكومة ببيع بعض البنوك ومنها العربى الإفريقى الدولى الذى تمتلكه الحكومة ممثلة فى البنك المركزى مناصفة مع الكويت، وكذلك المصرف المتحد المملوك لها بالكامل. ويرى المراقبون أن إتمام صفقات الاستحواذ سيكون ذا مردود إيجابى على باقى أسهم البنوك المصرية خاصة التى تمثل أهدافا محتملة للاستحواذات، فى الوقت نفسه، أكدوا على أنها ستعزز ثقة المستثمر العربى فى الاقتصاد المحلى خاصة انها ستكون البداية لمزيد من الاستحواذات والاندماجات التى قد يشهدها القطاع مستقبلا. وتنتظر مجموعة بنك قطر الوطنى QNB، أكبر مؤسسة مالية فى دولة قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حاليًا الموافقات المطلوبة من الجهات الرقابية فى دول قطر ومصر وفرنسا، بعد أن تم مؤخراً التوصل إلى اتفاق نهائى للاستحواذ على كامل حصة بنك "سوسيتيه جنرال" البالغة 77.17% فى وحدته المصرية، والتقدم بعرض شراء إلزامى للحصة المتبقية من رأس مال "الأهلى سوسيتيه"، وبنفس سعر السهم المتفق عليه مع الأخير. فيما يعتزم بنكا "الامارات دبى الوطنى" و"بى ان بى باريبا" تقديم طلب الى البنك المركزى للحصول على موافقته على صفقة استحواذ الاول على الثانى والمتوقع تنفيذها خلال يناير الجاري. ومع إتمام دولة الإمارات العربية المتحدة، لصفقة شراء بنك "بى إن بى باريبا مصر"، من قبل بنك الإمارات دبى الوطنى، يرتفع عدد البنوك الإماراتية العاملة فى القطاع المصرفى المصرى إلى 5 بنوك هى بنك أبو ظبى الوطنى، ومصرف أبو ظبى الإسلامى، والبنك الوطنى للتنمية، وبنك الاتحاد الوطنى، وبنك المشرق، وأخيرًا بنك الإمارات دبى الوطنى، من إجمالى 39 بنكا تعمل فى السوق المحلية. وبخروج بنوك "باريبا" و"سوسيتيه" يقتصر وجود البنوك الفرنسية داخل الأراضى المصرية على "كريدى أجريكول مصر" الذى أكد عدم التخارج من السوق رغم الضغوط الكبرى التى تتعرض لها البنوك الأوروبية فى مراكزها الرئيسية. وأرجع مصرفيون تخارج البنوك الأوروبية خاصة الفرنسية منها إلى عدة أسباب، لعل أبرزها ضعف المراكز الرئيسية للبنوك الأم فى فرنسا وسط أزمة طاحنة، وتخفيض ائتمانى للبنوك الفرنسية، وللاقتصاد الفرنسى بأكبر مستوى فى تاريخه، مما يجعل البيع يحقق عوائد استثمارية كبرى تسدد جزءا من العجز فى المراكز الرئيسية فى وطنها الأم. ووفقا لاحصائيات الأهرام الاقتصادى حظى سهم بنك "فيصل الإسلامي بالجنيه" بنصيب الأسد رابحاً مايقرب من 29.6 جنيه ليقفز من 17.68 جنيه مغلقاً عند 47.27 جنيه بارتفاع جاوز ال167%، ثم سهم "فيصل الإسلامي بالدولار" بزيادة قدرها 136% او مايعادل 4.44 دولار ليقفز من 3.26 دولار مغلقاً عند 7.7 دولار، تبعهما سهم البنك "الوطنى للتنمية" بارتفاع 115% ليقفز من 3.5 جنيه مغلقاً عند 7.53 جنيه.حل فى المرتبة الرابعة سهم البنك "التجارى الدولي مصر"، أكبر البنوك المصرية المقيدة فى البورصة من حيث القيمة السوقية، بارتفاع 95.3% ليقفز من 17.7 جنيه مغلقاً عند 34.57 جنيه رابحاً مايقرب من 17 جنيهاً، ثم البنك "الأهلى سوسيتيه جنرال مصر" بارتفاع 84.7% إلى 35.21 جنيه مقابل 19.06 جنيه. وصعد سهم "البركة مصر" بنحو 78.8% ليغلق عند 13.14 جنيه مقابل 7.35 جنيه رابحاً ما يقرب من 5.8 جنيه، ثم سهم "كريدى أجريكول مصر" بارتفاع 63.8% يعادل 4.7 جنيه ليقفز من 7.3 جنيه مغلقاً عند 11.96 جنيه، تبعهما سهم البنك "المصرى لتنمية الصادرات" بارتفاع 47.3% تعادل 1.95 جنيه من 4.12 جنيه إلى 6.07 جنيه. وفى المركز التاسع جاء سهم بنك "التعمير والاسكان" بارتفاع 46.8% ليقفز من 9.76 جنيه إلى 14.33 جنيه رابحاً ما يزيد على 4.5 جنيه، ثم سهم بنك "الاتحاد الوطنى مصر" بارتفاع 26.9% من 4.43 جنيه إلى 5.62 جنيه، تبعهما سهم بنك "قناة السويس" بارتفاع 23.8% ليغلق عند 5.3 جنيه مقابل 4.28 جنيه.جاء فى ذيل القائمة أسهم "المصرى الخليجي"و"الوطنى المصري"و"بنك الشركة المصرفية" بارتفاع 9.2% و 7.4% و2.2% إلى 1.66 دولار و 16.89 جنيه و 13.49 جنيه على الترتيب. يقول معتصم الشهيدى، ان القطاع المصرفى شهد العديد من الانباء الإيجابية خلال العام الماضى كان أبرزها صفقة استحواذ مجموعة بنك قطر الوطنى على أسهم "سوسيتيه جنرال مصر"و"الإمارات دبى الوطني" على "بى أن بى باريبا مصر"، مما دعم صعود الاسهم ودفعها إلى تحقيق مستويات قياسية فى أسعارها. أضاف ان الاستحواذات تمت باسعار اقل من توقعات السوق مما يدل على تأثرها بالاحداث السياسية والوضع الاقتصادى الراهن الذى تشهده البلاد، لافتاً إلى ان هجوم الاستثمارات العربية على السوق المصرى والبورصة سيكون ذا مردود إيجابى على المدى الطويل. اتفق مع الرأى السابق، ماريان عزمي، المحللة المالية، مشيرة إلى أن البنوك الخليجية لاتزال تراهن على الاستثمار فى مصر، برغم استمرار الاضطرابات والتوترات، مشيرة إلى ان العرب واثقون فى مستقبل مصر سياسيا وماليا، ويرون ان الوقت الحالى هو الأفضل ومن ثم يحاولون اقتناص الفرص المتاحة قبل هدوء الاوضاع وبالتالى ستكون الفرص محدودة. من جانبه، قال مصطفى بدرة، ان صفقات الاستحواذ على أسهم البنوك المحلية، تعتبر شهادة ثقة على قوة القطاع المصرفى وجاذبيته الاستثمارية، خاصة فى ظل قدرته على الخروج من عدة ازمات متلاحقة اصابت القطاع فى وقت سابق. وأعطى محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للاستثمار والتمويل، نظرة محايدة للقطاع المصرفى فى 2013 حيث توقع ارتفاع عائدات القطاع من الاستثمارات فى اصدارات الخزانة والاتعاب والعمولات لكن من جهة اخرى توقع زيادة حجم المخصصات وتكبد خسائر من اعادة تقييم الاصول المالية .وتعتمد الحكومة المصرية فى الوقت الراهن على سندات وأذون الخزانة لسد عجز الموازنة العامة كبديل عن الاقتراض الخارجى على الرغم من مشاكله العديدة التى تتلخص فى ارتفاع تكلفة الاقتراض وعزوف المستثمرين الاجانب من الاستثمار فى الاوراق الحكومية، ومن المقرر ان تطرح أذون وسندات بقيمة 149 مليار جنيه خلال الربع الثالث (يناير ومارس) من العام المالى الحالى 2012 2013 . وبحسب بيانات البنك المركزى يصل عدد البنوك فى مصر إلى نحو 39 بنكا ويصل إجمالى مراكزها المالية نحو 1.3 تريليون جنيه حتى نهاية يونيو 2011، وتبنى المركزى المصرى خطة لإصلاح قطاع البنوك فى مصر بهدف التوافق مع مقررات "بازل 2" بدأت منذ عام 2004، التى وصل عدد البنوك خلالها نحو 61 فرعا، وتم تخفيضها إلى 39 بنكا فى عام 2009 وحتى الآن. وعقب خطة المركزى شهدت الساحة المصرفية عددا من الاندماجات والاستحواذات من جانب بنوك عربية وخليجية وأجنبية عززت من قوة البنوك العاملة فى مصر خلال السنوات الثمانى الماضية