يواصل الرئيس الامريكي دونالد ترامب نهجه الحمائي في التجارة مثيرا قلق شركاء الولاياتالمتحدة ويفرض رسوما عقابية على دول يتهما بخداع الأمريكيين. وتصاعدت حربه التجارية مع الصين الاثنين لتشمل نحو نصف السلع التي تستوردها الولاياتالمتحدة من الصين. والنزاع مع الصين هو أكبر النزاعات التي يخوضها ترامب. وأثارت الشبكة المعقدة من العلاقات التجارية المهددة جراء هذه السياسات احتمالات نشوب حرب تجارية عالمية. في ما يلي حروب ترامب التجارية على أكثر من جبهة: بعد أسابيع من التهديدات، فرض ترامب رسوما بنسبة 10 بالمائة على ما قيمته 200 مليار دولار من السلع المستوردة من الصين، ستدخل حيز التنفيذ في 24 سبتمبر. ويضاف ذلك إلى سلع بقيمة 50 مليار دولار فرضت عليها رسوم جمركية بقيمة 25 بالمائة. والسلع الأخيرة تواجه رسوما بنسبة 10 بالمائة حتى نهاية العام ترتفع فيما بعد إلى 25 بالمائة، وذلك لمنح الشركات الوقت لإيجاد مزودين جدد، بحسب مسئولين. وتشمل الضرائب الجديدة مجموعة واسعة من السلع بينها أجهزة استقبال للصوت مصنوعة في الصين ومعالجات آلية للبيانات وشرائح ذاكرة للكمبيوتر، بالمليارات. غير أن المرحلة الأولى التي أعلنت في يوليو أعفت فيما بعد 300 من المنتجات التي تستهلك بشكل واسع من الرسوم البالغة عشرة بالمائة، مثل الساعة المرتبطة بالانترنت ومنتجات نسيجية وزراعية والمقاعد المرتفعة ومقاعد السيارات المخصصة للأطفال وخوذ حماية سائقي الدراجات. واتهمت الصينالولاياتالمتحدة بشن "أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي" وتوعدت مرة أخرى بالرد بالمثل وفرض رسوم على ما تصل قيمته إلى 60 مليار دولار من السلع الامريكية. لكن الصين تستورد فقط ما قيمته 130 مليار دولار من السلع الأمريكية، ولذا فإن قدرتها على الرد بالمثل تبدو محدودة. وهدد ترامب بمضاعفة أجراءاته لتشمل 267 مليار دولار أخرى من السلع المستوردة من الصين. ورفعت بكين شكوى لدى منظمة التجارة العالمية احتجاجا على الإجراءات الأمريكية. في 1 يونيو، أنهى ترامب الجدل حول تهديداته للاتحاد الاوروبي، وفرض رسوما قدرها 25 بالمائة على واردات الصلب من التكتل، ورسوما قدرها 10 بالمائة على واردات الالمنيوم. وقال ترامب إن الاتحاد الاوروبي "على الارجح سيئ مثله مثل الصين" حين يتعلق الأمر بالتجارة، فيما ردت بروكسل برسوم دخلت حيز التنفيذ في 22 يونيو. ورد الأوروبيون بفرض رسوم جمركية على 3,2 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية الشهيرة من بينها الدراجات النارية هارلي ديفيدسون . ويخشى الاوروبيون من تنفيذ ترامب لتهديده بفرض ضريبة 20% على واردات بلاده من السيارات من الاتحاد الاوروبي، وهو الإجراء الذي يخشاه قطاع السيارات القوي في المانيا خصوصا. لكن ترامب ورئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر أعلنا في 25 يوليو خطة لنزع فتيل حرب تجارية، تراجعت فيها واشنطن عن فرض رسوم على السيارات الأوروبية، أقله في الوقت الحاضر. ويناقش الطرفان الان مواصلة محادثات لخفض الرسوم إلى الصفر. لكن المفوضية الأوروبية تنتظر تفويضا من دول الاتحاد. لم يستثن ترامب كنداوالمكسيك، العضوين في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، من الرسوم الامريكية على الصلب والالومنيوم، ما دفع البلدين لفرض رسوم انتقامية. وتبادل ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الانتقادات اللاذعة بخصوص الرسوم على الصلب في قمة مجموعة السبع التي اختتمت اعمالها بخلاف كبير بين ترامب وحلفائه في 9 يونيو. وفي اغسطس الماضي توصلت المكسيكوالولاياتالمتحدة لاتفاق لتعديل نافتا يعتزمان التوقيع عليها بحلول الأول من ديسمبر. ومنذ ذلك الحين تكثف كندا المحادثات للحفاظ على نافتا كاتفاق ثلاثي، لكن المفاوضات لا تزال تصطدم بآلية فض النزاعات وبسيطرة اوتاوا على قطاع الالبان وهو ما ينتقده ترامب باستمرار. تعد اليابان هدفا آخر للرسوم الامريكية على واردات الصلب، وهو ما قالت طوكيو إنه "أمر مؤسف للغاية". ودخلت طوكيووواشنطن في سجال بشأن السياسة التجارية بعدما رفضت الولاياتالمتحدة اعفاء اليابان من الرسوم التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو. وفي مايو، أبلغت طوكيو منظمة التجارة العالمية بأنها تعتزم فرض رسوم تبلغ قيمتها 50 مليار ين (455 مليون دولار) على البضائع الأمريكية وهو ما يعادل تأثير الرسوم الأمريكية التي تم فرضها على منتجات اليابان من الصلب والالمنيوم. وتريد ايضا اعفاء من الرسوم الأمريكية على السيارات والتي تمثل تهديدا كبيرا لصناعتها. أعلن ترامب في مايو انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع ايران الذي تم التوصل اليه في 2015 بعد محادثات شائكة -- ما يعني فرض عقوبات وتدابير عقابية جديدة على الجهات التي تقوم بمبادلات تجارية معها. أمهل الامريكيون هذه الشركات بين تسعين و180 يوما للانسحاب من ايران. وبدأ تطبيق اولى العقوبات التي اعيد فرضها في السادس من اغسطس، تليها دفعة ثانية في الرابع من نوفمبر. وانسحبت العديد من الشركات الاوروبية الكبرى من إيران قبل ان تؤتي ثمار مشاريعها، ومنها توتال وديملر وسيمنز وبيجو.