فى اعتقادى أن أهم ما تميز به بيان الحكومة أمام مجلس النواب أنه يتسم بالواقعية، كما حرص على أن يبث الأمل فى المستقبل الأفضل، وأن المواطن لن يتحمل أعباء الإصلاح طوال الوقت، بل إنه سيجنى ثمار ذلك، قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى: إن الإجراءات الاقتصادية الصعبة التى اتخذتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة سوف تؤتى ثمارها خلال الفترة المقبلة، حيث إنه تم تنفيذ 85% من برنامج الإصلاح الاقتصادى، وحرص على أن يوجه رسالة أمل للمواطن «لقد صبرت كثيرا وتحملت كثيرا وأرجو أن تتأكد أنه مضى الكثير ولم يبق إلا القليل والنتائج الجيدة قادمة بإذن الله». محاور البيان فى مجملها جيدة وأبرز ما يميزها أنها واقعية وتتماشى مع التطورات فى مؤشرات الاقتصاد ولا تحلق فى آفاق خيالية، رئيس الوزراء وعد بتحسين مستويات المعيشة وجنى ثمار الإصلاح بعد عامين، كما كشف عن برنامج للحكومة لتوفير 100 ألف فرصة عمل من خلال التمويل متناهى الصغر لصالح الشباب والمرأة الريفية فى مجالات الزراعة والتجارة والخدمات، على أن يتم خفض معدل البطالة إلى 8% مقابل 10.4% فى الربع الثالث من العام المالى الماضى انخفاضا من 11.3% فى العام المالى الماضى و13.6% فى العام المالى 2014/2015، معدل النمو ارتفع من 4.8% فى العام المالى 2015/2016 إلى نحو 5.4% فى العام المالى الماضى المنتهى فى يونيو الماضى، ويتوقع أن يصل إلى نحو 6% العام المالى الحالى و8% فى نهاية البرنامج فى 21/22. ارتفاع الأسعار هو العبء الأكبر الذى يواجهه المواطن ويتحمل أعباءه منذ بداية تنفيذ الإصلاح الاقتصادى وتحديدا مع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف، حيث ارتفع معدل التضخم ليتجاوز 33% فى يوليو 2017 قبل أن يتراجع إلى نحو 11% فى مايو 2018، وسط توقعات بالعودة إلى الارتفاع مرة أخرى بين 4 و5% بعد رفع أسعار الوقود والكهرباء والمواصلات العامة، ولذا فقد حرص رئيس الوزراء فى بيان الحكومة على أن يؤكد السيطرة على الأسعار من خلال توفير السلع الغذائية، مع تعزيز شبكة الحماية الاجتماعى للفئات الفقيرة سواء من خلال برنامج الدعم النقدى «تكافل وكرامة»، حيث سيمتد إلى 3.5 مليون أسرة -18 مليون فرد- بتكلفة 20 مليار جنيه، إضافة إلى فتح الباب من جديد أمام تسجيل المواليد الجدد فى البطاقات التموينية. ربما كان من أهم ما تضمنه البيان -فى اعتقادى- تأكيد رئيس الوزراء التزام الحكومة خلال الفترة المقبلة باتخاذ إجراءات عاجلة لدعم المواطن وتخفيف الآثار المصاحبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، وأن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد تحسنا ملموسا فى العديد من الخدمات الحياتية اليومية، لا سيما فى توفير السلع الغذائية، وما يتعلق بالإسكان والمياه والصرف الصحى وضبط المرور ووسائل النقل الجماعى، هذه قضية مهمة فى ظل التراجع الملحوظ فى مستوى الخدمات العامة من عدم صيانة للطرق داخل المدن، وعدم الانضباط الذى يعانى منه الشارع يتحمل الجزء الأكبر منه فوضى الميكروباص والتوك توك، إلى جانب مشكلة القمامة التى أضحت ظاهرة تكاد تكون مستعصية وتحتاج إلى وقفة من الحكومة، وربما كان من المهم أن تدرس الحكومة تفعيل القرار الوزارى الخاص الذى كان قد أصدره وزير التنمية المحلية الأسبق اللواء عادل لبيب، الخاص بفرض غرامات على أصحاب المحال والأكشاك الذين يتسببون فى جزء كبير من هذه المشكلة بإلقاء القمامة فى عرض الطريق دون رادع من قانون، لو نجحت الحكومة فى تحسين هذه الخدمات العامة وإعادة الانضباط للشارع فستكون قد حققت إنجازا مهما فى وقت سريع وكافأت المواطن على تحمله أعباء الإصلاح، وأعطته الأمل فى غد أفضل يجنى فيه ثمار الإصلاح فعلا لا قولا.