تشكل استضافة مصر للمنتدى الاقتصادى للتجارة والاستثمار فى شرم الشيخ الأسبوع الماضى خطوة هامة وبداية لمرحلة جديدة أكثر تطوراً وتوازناً فى العلاقات المصرية الإفريقية التى تحتاجها مصر بشدة وسط أوضاع اقتصادية صعبة تمر بها. وهذا المنتدى يجب أن يكون نافذة أمل جديدة أيضا لإعادة استعادة مصر لدورها التعليمى والتثقيفى فى إفريقيا فهو جزء لا يقل أهمية عن الدور الاقتصادى، حيث لوحظ تراجع دورها فى العشرين س نة السابقة مما سمح لدول أخرى أن تقوم بهذا الدور، والأمل منوط بالأزهر الشريف ان يقوم باستعادة دوره فى نشر التعليم لأبناء القارة الإفريقية وزيادة البعثات التى يقدمها خلال السنوات القادمة. ترتبط مصر بالقارة الإفريقية بروابط تاريخية واقتصادية وسياسية وثقافية وثيقة، حيث أبدت اهتماما بتعميق علاقاتها الاقتصادية بدول القارة عبر الانضمام لاتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى (الكوميسا) التى تمثل عصب التكتلات الاقتصادية الإقليمية داخل القارة، كما سارعت بتطبيق الإعفاءات الجمركية مع باقى الدول عام 1998، وانضمت لمنطقة التجارة الحرة للكوميسا فى عام 2000، الأمر الذى أثر بشكل إيجابى على زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر ودول التجمع، حيث نلاحظ - طبقاً لبيانات وزارة التجارة - تحول العجز فى الميزان التجارى المصرى مع دول الكوميسا إلى فائض لمصلحة مصر بعد دخول منطقة التجارة الحرة حيز التنفيذ، مسجلاً ما يزيد على 1.3 مليار دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة، وذلك مُقارنةً بنحو 1.8 مليون دولار عام 1998 (فى المتوسط)، بجانب ارتفاع حجم الصادرات المصرية بشكل ملحوظ إلى 2.2 مليار دولار فى المتوسط مقارنةً بنحو 46 مليون دولار فقط قبل البدء فى تطبيق الاتفاقية. وأكدت الإحصاءات انخفاض حجم الصادرات فى عام 2014 ليصل إلى 1.9 مليار دولار فقط مقارنة ب 2.4 مليار دولار فى عام 2013، حيث بلغت نسبة انخفاضها 16.7٪ وذلك نتيجة لانخفاض الصادرات المصرية فى عدد من القطاعات الرئيسية، منها السلع الزراعية، والصناعات الغذائية، ومواد البناء إلى جانب تعاظم التأثير السلبى لمشاكل النقل بالدول الحبيسة لدول الكوميسا، كما ساهمت الأزمة الليبية الحالية فى تراجع حجم التجارة بين مصر وليبيا أكبر شريك اقتصادى لمصر بالكوميسا تليها السودان، حيث تمثل نسبة تجارتهما نحو 64٪ من حجم تجارة مصر مع دول التجمع، وفقاً لبيانات البنك المركزى المصرى. وتواجه تجارة مصر مع الدول الإفريقية عدة معوقات تتمثل فى: انخفاض حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية من 5 مليارات و788 مليون دولار عام 2013 إلى 5 مليارات و 144 مليون دولار عام 2014 بنسبة 11٪، وذلك بسبب انخفاض حجم الصادرات إلى إفريقيا بنسبة ٪10.4 وتراجع حجم الواردات بنسبة ٪13.1 خلال عام 2014 . تكاملية السلع والخدمات المتبادلة بين مصر ودول القارة بسبب أنها جميعا تنتج تقريباً نفس المنتجات وتكون أغلبها مقصورة على الصناعات التقليدية والمواد الأولية مثل الأسمدة والمنسوجات ومواد البناء وبعض المحاصيل الزراعية مثل الأرز، وهذا لا يكفى لتلبية مطالب الطرفين، وقد أثر ذلك على حجم التجارة البينية بين مصر ودول القارة وسمح بتسلل دول آسيوية -على رأسها الصين- وأوروبية إلى السوق الإفريقية والمصرية، وعدم استفادة هذه الدول من المميزات التجارية التى تتمتع بها كأعضاء فى هذه التكتلات. وهذه المعوقات نتيجة عدة تحديات تواجه علاقة مصر بدول للقارة منها: مشاكل النقل والوجستيات (البحرى، النهرى، الجوى) التى تواجه الدول والتى تمثل عائقاً كبيراً أمام زيادة التبادل التجارى بين الدول الإفريقية. طرق تسوية المدفوعات التجارية بين القارة ومصر، فمعظم هذه الدول تفضل عملية المقايضة، حيث الافتقار إلى العملات الأجنبية القوية كالدولار واليورو، ومن ثم لابد أن تشمل هذه المنتديات ايجاد طرق فعّالة لتسوية التجارة بين مصر ودول القارة. ويأتى المنتدى الإفريقى استكمالاً للجهود التى تبذلها مصر لزيادة حجم التجارة والتعاون الاقتصادى مع دول القارة، لتحقيق هدفين رئيسيين: زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية كافة دون الاقتصار على الدول أعضاء تجمع الكوميسا، وعليه فان تحقيق أهداف المنتدى السابق ذكرها يعتبر نافذة أمل جديدة بتحقيقه لعدد من الإصلاحات الاقتصادية التى ترنو إليها الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة حجم تحويلات المصريين العاملين داخل هذه الدول وتوفير النقد الاجنبى المطلوب، هذا بجانب فتح خطوط انتاجية جديدة فى العديد من القطاعات الرئيسية داخل الاقتصاد وإعادة تدوير عجلة الإنتاج من جديد واستعادة المُنتج المصرى لقدرتة التنافسية ومكانته محلياً ودولياً.