يعد قانون الكهرباء الموحد مكملا للاستراتيجية التى تنتهجها الدولة حتى عام 2035 لإعادة هيكلة وتنظيم مرفق الكهرباء فى مصر ورفع الدعم تدريجيا خاصة بعد تفاقم الأزمات التى تعرض لها هذا القطاع نتيجة التأثيرات السلبية التى خلفها هياكله المالية مما جعله عرضة للتعثر فى تقديم الدور والخدمة المنوطة به. وقد وضع القانون برنامجا تأهيليا ينتهى بداية شهر يوليو 2019 لتخطى عقباته وتقديم خدمة مميزة بلا عثرات .. وقد حدد القانون لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك دورا فاعلا ومؤثرا وأشار لمهامة فى نحو أكثر من 30 مادة من أصل 81، وقد كان ضروريا استكشافا لأبعاد القانون المتعددة أن نلتقى الدكتور مهندس حافظ السلماوى المدير التنفيذى للجهاز نتعرف منه على الغرض من هذا القانون والتطرق إلى مناقشة مواده والظروف التى أثرت على إعداده وتجارب الدول الأخرى التى أثرت فى صياغة هذا القانون علاوة على دور الجهاز قبل وبعد القانون وتجربته فى تقديم خدمات الكهرباء الذكية باعتبارها خطوة ستفيد من التطورات الحادثة فى مجال تكنولوجيا المعلومات.. «تجميع التشريعات» يقول د.م حافظ السلماوى إن الغرض من قانون الكهرباء الموحد هو تجميع التشريعات المنظمة لقطاع الكهرباء فى قانون واحد، وهذه القوانين هى قانون 12 وقانون 168 وهو قانون الشركات القابضة وقانون 63 الخاص بالمنشآت الكهربائية وقرار رئيس الجمهورية 339 الخاص بإنشاء جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وقانون 100 الخاص بالاستثمار فى قطاع الكهرباء ودخول القطاع الخاص. ويهدف القانون إلى تحديث نمط العمل فى قطاع الكهرباء وجعل القواعد الحاكمة لقطاع الكهرباء متسقة مع الاتجاهات العالمية، والانتقال من السوق المنظم إلى السوق التنافسى بغرض تشجيع الاستثمار فى قطاع الكهرباء ورفع جودة الخدمة المقدمة ورفع الكفاءة من خلال المنافسة الحرة المشروعة. هذا ويسهل القانون الجديد الارتباط مع أسواق الكهرباء الإقليمية العربية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط. ومن أهداف القانون أيضا تأكيد فكرة فصل الأنشطة بما يضمن الجدارة المالية للشركات التى تمارس هذه الأنشطة ورفع كفاءة الأداء وتأكيد دور جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك كجهة منظمة وليس كجهة إدارة للنشاط وكذلك دوره فى تحديد تعريفة الكهرباء على أسس اقتصادية بما يسمح بتقديم الدعم لبعض الفئات المحدودة الدخل على أساس من الشفافية والعدالة الاجتماعية بحيث يصل دعم أسعار الكهرباء للفئات الأكثر احتياجا فى المجتمع. القانون وكفاءة الطاقة ويشمل القانون بابا خاصا بتحسين كفاءة استخدام الطاقة حيث إن الإطار التشريعى فى مصر كان ينقصه هذا الجانب فجاء القانون ليسد ثغرة مهمة فى هذا المجال. وأخيرا وضع القانون تحديدا واضحا لأدوار الأطراف ذات الصلة والعلاقة بمرفق الكهرباء مثل مجلس الوزراء ووزارة الكهرباء والطاقة وجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وكذلك حدد دور مقدمى الخدمة من الأنشطة المختلفة (الإنتاج والنقل والتوزيع وبيع الكهرباء) بما لا يؤدى إلى وجود تداخل فى أدوار هذه الجهات بل أن يتم ذلك فى اطار من التكامل والتعاون. أما فيما يتعلق بالسوق التنافسى فقد أكد القانون فصل الشركة المصرية لنقل الكهرباء عن باقى أنشطة شركات الكهرباء وكذا الشركة القابضة بما يحقق دورها فى القيام بعمل مشغل الشبكة بالمفهوم الحديث. دور الجهاز ويقول د.م حافظ السلماوى إن لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وخاصة مجلس إدارته دورا كبيرا فى إعداد القانون حيث يتمثل فى مجلس الإدارة جميع الأطراف ذات الصلة بنشاط الكهرباء مثل شركات الكهرباء والمستهلكين والخبراء فى المجالات المختلفة من غير العاملين بقطاع الكهرباء وأيضا تم وضع القانون فى ضوء الواقع العملى لقطاع الكهرباء وبما يتلاءم والتطورات العالمية وأفضل الممارسات وتجارب الدول الأخرى، وكذلك تم الاسترشاد بالقواعد الأوروبية الخاصة بقطاعات الطاقة. ولقد استغرق القانون فترة طويلة بسبب الظروف التى مرت بها البلاد ولكن تزامن ذلك مع ظهور الحزمة الثالثة من التشريعات الأوروبية الخاصة بالطاقة فتمت دراستها وإضافة ما هو مناسب منها إلى مشروع القانون، كما تمت الاستفادة من تجربة تأمين التغذية إبان الثورة المصرية والدروس المستفادة فتم على ضوئها تحديث مشروع القانون وذلك حتى نتمكن من مواجهة أى ظروف طارئة قد تواجهها البلاد فيما بعد. لهذا كان القانون: ويؤكد د.م حافظ السلماوى أن الأمر كان قد وصل إلى حد الانهيار المالى داخل القطاع إلى الحد الذى لا يعطى أى فرصة لتطوير مستوى الخدمة لمواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء ومن هنا كانت هناك ضرورة ملحة لإعادة هيكلة أسعار الكهرباء بصورة تدريجية يستطيع أن يتحملها المستهلكون. أسعار الكهرباء ويضيف د.م حافظ السلماوى أن إعادة هيكلة أسعار الكهرباء قد تمت فى إطار دراسة تعنى بقدرة المستهلك على سداد تكلفة الكهرباء، وأنها اعتمدت على دراسة يقوم بها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء كل عامين عن الدخل والإنفاق لفئات وشرائح مختلفة من الأسر المصرية ولقطاعات المستهلكين فى الريف والحضر ومقارنة هذه النسب مع الدول المشابهة بنا سواء فى نصيب الفرد فى الناتج القومى أو نصيب الفرد من الكهرباء أو المشاركة معنا فى النطاق الجغرافي. ولقد توصلت الدراسة إلى أن نسبة الإنفاق على الكهرباء يجب ألا تتجاوز 4٪ من إنفاق الأسر وبالتالى تم تصميم برنامج إعادة الهيكلة ليأخذ فى الاعتبار هذا المعيار حيث روعى ألا يتجاوز إنفاق الأسر الفقيرة على الكهرباء نسبة 1٪ من الإنفاق الكلى وللأسر المحدودة الدخل نسبة لا تجاوز 2٪. أما باقى المستهلكين فيجب ألا تتجاوز نسبة الإنفاق ال4٪ . ولمراعاة البعد الاجتماعى تم تصميم إعادة الهيكلة على 5 سنوات وبأسلوب تدريجي. كما شمل البرنامج تغيير الهيكل التعريفى وليس فقط قيمة التعريفة ليعبر هذا الهيكل عن تأثير نمط الاستخدام للمستهلك على التكلفة وبالتالى يتم تحميل كل مستهلك التكلفة الحقيقية له طبقا لنمط استهلاكه. ومن المتوقع أن ينتهى البرنامج فى 1يوليو 2019 وعندها يكون قطاع الكهرباء مؤهلا للانطلاق للعمل على أسس اقتصادية سليمة. صدور القانون ومن المفترض صدور القانون قريبا حيث تم استيفاء جميع الإجراءات التى تسبق تناول القانون والنظر فيه من قبل رئاسة الجمهورية ومن ثم اعتماد رئيس الجمهورية للقانون. ويخص قانون الكهرباء الموحد محطات الكهرباء التقليدية حيث صدرت ثلاثة قوانين خاصة بالطاقة المتجددة فى شهرى أكتوبر وديسمبر 2014 ويتوقع أن يكون هذا القانون عامل جذب للاستثمارات فى قطاع الكهرباء وأن يتم ذلك بشكل تدريجي، فهناك مراحل تلى صدور القوانين حددها القانون فى مواده وهى إصدار اللائحة التنفيذية فى خلال 6 أشهر منذ صدور القانون، كذلك قيام شركات الكهرباء بتوفيق أوضاعها فى 6 أشهر أخرى، مما يعنى أن هناك عاما كاملا حتى نشهد تدفق الاستثمارات التى سوف تعتمد أيضا على عوامل عديدة من أهمها عملية فتح الأسواق التى ترتبط بشكل وثيق بعدد المشتركين المؤهلين الذين لهم حق اختيار منتج أو مورد الكهرباء وعندها فقط نستطيع أن نقول إنه باتت عندنا أسواق تتميز بالتنافسية وتمتاز بالمرونة فى تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء كما تتميز بالاستدامة.