اختلفت آراء الخبراء والمصرفيين حول مبادرة إنقاذ المشروعات المتعثرة التى طرحها رئيس مجلس الوزراء حيث رأي فريق ان العلاج ليس في التمويل فقط وانما هناك مشكلات عديدة اخرى من ضرائب وجمارك وتأمينات ،وآخرون يرون ان العلاج في تخصيص نسبة 1٪ من البنك المركزى والبالغة 160 مليار جنيه على ان يفتح لكل مستثمر متعثر اعتماد مستندي من البنك الدائن له وان يقوم البنك بالسداد عنه للجهة الموردة لمستلزمات اعادة تشغيل مصنعه ، وفريق ثالث يرى ان علاج السياحة سيقيل هذه المشروعات من تعثرها لأنها قاطرة النشاط الاقتصادي. السطور التالية تكشف رؤى الخبراء من مصرفيين ومستثمرين . من جانبه يرى رجل الأعمال الدكتور ممدوح مختار ان اقالة المصانع والمشروعات المتعثرة وعودتها الى العمل ممكن دون ان تدفع الدولة مليما واحدا ويعود التصدير الي الاسواق الخارجية مرة ثانية بعدما انخفض بنسبة لا تقل عن 25٪ مما كان عليه والحل ممكن من خلال وضع نسبة 1٪ من حجم الودائع الموجود بالبنوك المصرية والتى يقدر اجمالها ب 1600 مليار جنيه يأخذ منها البنك المركزى نسبة 10٪ اي 160 مليار جنيه ونسبة ال 1٪ من ال 160 مليار جنيه هي 1.6 مليار جنيه وهذه كفيلة حال اقراضها ان تعيد المصانع المتوقفة الي الانتاج والعمل ، شريطة ان يعيد كل بنك اقراض المتعثرين لديه من ذات النسبة وهي 1٪ ولكن دون ان يخرج مليماواحدا، ويمنحه لمستثمر في يده ،وانما من خلال استخراج اعتماد مستندي من البنك لصالح الجهة الموردة لمستلزمات المصنع المتوقف وذلك لا يتم دفعة واحدة ،وانما على مراحل شريطة ان كل ما يتم تسلمه من المورد يدخل مخازن البنك ويخرج علي دفعات للتعثر على ان يتم دفع الثمن عن الآلات المسحوبة والمعدات التى تخرج من مخازن البنك مؤكدا ان مبلغ ال 500 مليون جنيه المطروح لا يمكنه تشغيل المصانع المتوقفة ، ويطالب د. ممدوح بالتشدد في اعادة إقراض المتعثرين من اصحاب المصانع المتوقفة لأن اموال البنوك ليست خاصة وانما هي اموال المودعين كما ان كل بنك اقرض مستثمرا هو شريك له عند تعثره وذلك إما راجع لعدم دراسته لمشروع المستثمر دراسة وافية ليتأكد من نجاحها وعملها او لأي اسباب أخرى . دراسة التجارب وطالب د. ممدوح بدراسة تجارب الدول الأخرى في علاج مشاكل تعثر المشروعات والمصانع لديها فهناك تجارب لدى امريكا في صناعة السيارات مثلا وكذلك فرنسا والمانيا وغيرها وكلها تجارب نجحت واقالت المشروعات المتعثرة واعادتها الى العمل والانتاج والتصدير وعلاج مشكلة البطالة الذي نتج عن توقف هذه المصانع عن العمل وتشريد عمالها. فيما ذهب سامي سليمان رئيس جمعية مستثمرى نويبع طابا الى ان علاج المشروعات المتوقفة في علاج مشاكل السياحة معتبرها قاطرة للأنشطة الأخري حيث تحتاج الى مخرجات هذه المصانع المتوقفة لأن هذه المصانع اذا اقيمت ولم تجد من يشترى انتاجها فإنها بالطبع ستتعرض للكساد والتوقف وعدم الوفاء بالتزاماتها المالية أمام العاملين بها. ومن وجهة نظر أحد المستثمرين فإن علاج المشكلة ليست في التمويل مرة أخرى للمشروعات المتوقفة ولكن هناك مشكلات عديدة متراكمة منذ سنوات سواء في الضرائب ، الجمارك، التأمينات وغيرها وهذه المشكلات تعاقبت عليها حكومات ومازالت في حاجة الى علاج لأن التمويل أحد العلاجات وليس هو العلاج الوحيد ومن ثم فلابد من وضع منظومة علاج متكاملة لكل المشكلات التى ادت الى توقف هذه المشروعات عن الانتاج وان تشارك كل الجهات والأجهزة الحكومية وان تكون هناك نية صادقة للحل والعلاج وليست تشكيل لجان وعقد اجتماعات واتخاذ قرارات لا تبرح اماكنها واذا برحتها فإنها دون التنفيذ المطلوب الدقيق حتى تؤتى ثمارها وتنتهى هذه المشكلة التى تسببت في زيادة نسبة البطالة بين مختلف فئات المجتمع وان العلاج الحقيقي من وجهة نظرى سيقضى كثيرا علي الارهاب المنتشر بالمجتمع حاليا. تعثر 55٪ من مشروعات الصعيد وطالب بضرورة الاهتمام بالمناطق الصناعية فى صعيد مصر التى توقفت نسبة كبيرة من مشروعاتها عن العمل رغم كل ما تعلنه الدولة بين وقت وآخر من ضرورة تنمية الصعيد - مشيرا إلى أن هناك ما لايقل عن 55٪ من المشروعات بالصعيد متوقفة خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تتمثل مشاكلها المالية فى بضعة ملايين من الجنيهات من أجل توصيل البنية التحتية لها أو عدم قيام الشركات المنوط بها تنفيذ هذه البنية من الوفاء بالتزاماتها حتى الآن ، مما جعل هجرة ابناء الصعيد الى القاهرة والمدن الكبرى هى السبيل للحصول على لقمة العيش والحياة . وعلى الحكومة إدراك مخاطر الزيادة السكانية فى القاهرة وما ينتج عنها من اعمال إرهابية وبلطجة ومشاكل أخرى . من جانبه أكد محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين ورئيس جمعية مستثمرى السادس من اكتوبر ان المبادرة التى أعلن عنها وزير الصناعة منير فخرى عبد النور لتعويم المصانع المتعثرة يجب ان تتم فى إطار منظومة عمل متكاملة فأغلب هذه المصانع لديها مشكلات مع الضرائب والتأمينات وكذلك الأمر مع الجهات الحكومية المتداخلة مع منظومة الصناعة . وطالب جنيدى بإعادة النظر فى أعداد المصانع المتعثرة التى أعلنت عنها الحكومة والبالغ عددها 960 مصنعا، فهذا الرقم رغم صحته، إلا أنه لا يشمل كامل المصانع المتعثرة فالرقم الذى رصدته الحكومة يقتصر على المصانع التى أبلغت عن عثرتها فى حين يوجد أضعاف هذا الرقم على أرض الواقع يعانى من تعثر وإفلاس . وقال إن مدينة السادس من أكتوبر تضم 400 مصنع متعثر نتيجة تعنت البنوك مع المستثمرين وتطبيق أساليب تهدم الصناعة وملاحقات تجعل المستثمر يتعرض لخسائر كبيرة وأهمها القوائم السوداء للمستثمرين بالبنوك التى تحول دون حصوله على تمويل من أى بنك بخلاف البنك الدائن . وأشار الى أن محافظات الصعيد بها أكثر من 1000 مصنع متعثر وفقا للبيانات الصادرة عن النقابة العامة للمستثمرين وأسباب تعثرها بجانب التمويل تشمل التراخيص والإنتاج والعمالة . وطالب جنيدى بالعودة إلى تطبيق مبادرة محافظ البنك المركزى السابق فاروق العقدة مع المستثمرين التى اشترطت تقديم المستثمر 30٪ من قيمة مديونيته مقابل إبراء ذمته وفتح صفحة جديدة مع البنوك . وطالب جنيدى بعقد مؤتمر عام لمناقشة قضية المصانع المتعثرة على أن يخرج بأجندة رسمية تلتزم الحكومة والجهات التنفيذية بتنفيذها على أرض الواقع . ومن جانبه أكد ناصر بيان عضو جمعية مستثمرى العاشر من رمضان أن أسباب تعثر المصانع فى الأساس يعود للتمويل . وأضاف أنه لابد من وجود فائدة مخفضة نسبيا لإقراض المشروعات الصناعية وعدم مساواتها بالأنشطة التجارية وهو أمر متبع عالميا ولكنه غير مطبق لدينا . فرق بين الصناع والتجار وأشار إلى أن البنوك تتعامل مع الصناعة بذات الطريقة التى تنتهجها مع التجار رغم الفارق الكبير فى المدى الزمنى الخاص بالعائد على كل نشاط من الأنشطة السابقة فالنشاط التجارى يدر عائدا فى مدى زمنى من 15 يوما وحتى 45 يوما فى حين يستغرق النشاط الصناعى 6 أشهر لتحقيق عائد . وقال ان عدد المصانع المتعثرة بمنطقة العاشر من رمضان يزيد عن 300 مصنع نتيجة عدم وجود تمويل سواء للاستيراد الخاص بأدوات الانتاج او التوسعات أو دفع رواتب العاملين . واشترط مصرفيون التحرك عبر عدة محاور بما يضمن نجاح هذة المبادرات وعلى رأسها الإسراع فى تأسيس شركة لضمان المخاطر بهدف ضخ تمويل للمصانع المتوقفة عن العمل خلال الفترة المقبلة على أن يكون تمويل هذه الشركة ورأسمالها من البنوك الدائنة ومحاولة ضخ دماء تمويلية جديدة إلى جانب إطلاق مبادرة مثيلة للتمويل العقارى تستهدف منح قروض مساندة للمصانع المتعثرة بفوائد منخفضة ترتفع كلما تحسنت قدرة المصانع على السداد، مع تخصيص جزء من المنح الدولية لتمويل المصانع المتعثرة البنوك مستفيدة أكد أحمد سليم الخبير المصرفى أن البنوك لا تمانع فى إحراز أى تقدم فى ملف المصانع المتعثرة فهى ستستفيد كثيرا حال عودة هذه المصانع للعمل والإنتاج مرة أخرى لما سينتج عنه من توفير خطوط ائتمان لهذه المصانع وقروض ستحصل مقابلها البنوك على عوائد جيدة فمصرفيا إقراض عميل أفضل من ملاحقة متعثر . وأضاف أن اتهام البنوك بأنه السبب الرئيسى فى الوضع الحالى أمر غير صحيح فأغلب حالات التعثر نتجت عن أحداث ثورة 25 يناير والصعوبات الاقتصادية والسياسية التى شهدتها البلاد منذ ذلك الحين وحتى وقت قريب . وأشار إلى أن البنوك باعتبارها مؤسسات مالية تهدف لتحقيق أرباح من تشغيل أموال المودعين فإنها تقوم بإعادة إقراض أموال المودعين فى منافذ ومشروعات تضمن تحقيق عائد وعودة أصل المال حتى لا يضيع ومن ثم فلا يمكن مطالبتها بفتح الباب على مصراعيه فى التمويل لمصانع متوقفة عن الانتاج لأسباب عدة، التمويل أحدها . شركة لضمان المخاطر وفى نفس السياق أكد حافظ الغندور مدير عام البنك الاهلى سابقاً أن نجاح أي مبادرات لتمويل المصانع المتعثرة يجب أن تنطلق تحت مظلة شركة لضمان المخاطر تقوم بضخ تمويل للمصانع المتوقفة عن الإنتاج خلال الفترة الحالية مع ضرورة أن تستند إلى تقارير فنية وعملية وأساليب لتقديم الدعم للمصانع التى تعثرت بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التى شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن مشيرا إلى أن تحديد التمويل البنكى المباشر دون وجود دراسات جدوى وآليات عمل بمشاركة البنوك والمتعثرين والحكومة كضامن للاتفاق لن تغير شيئا فى هذا الملف خاصة وأن تغيير أسلوب الإدارة وإعادة هيكلة هذه المصانع وفتح طرق لتسويق منتجاتها وإنهاء باقى الأزمات المتعلقة بالمنافسة والإحتكار وتفضيل المنتج المحلى ودعم الصادرات سيضمن نجاح أى مبادرة فى هذا الصدد وتابع لابد من التركيز فى علاج هذة القضايا لأن هناك مصانع دخلت بالفعل فى نزاع قانونى مع البنوك الدائنة منذ سنوات تسبق 25 يناير وبالتالى فلا يحق لها أن تتمتع بمساندة وإعفاءات فى هذا الصدد لأنها وقعت فى التعثر نتيجة ظروف سبقت الثورة وأغلب أسبابها ترجع لمشكلات بعيدة عن البنوك. ومن جانبه أكد طارق حلمى الرئيس السابق لبنك المصرف المتحد أن حل مشكلة المصانع المتعثرة لا يمكن أن يكون من جانب البنوك وحدها، ولابد من تضافر الجهات المسئولة عن ذلك فهناك مشكلات أخرى تتعلق بالأسواق وطبيعتها وتداخلات مع جهات حكومية ومنافسة بالسوق يجب أن يتم حل جميع هذه المشكلات فى آن واحد، فليس بالتمويل وحده تحل مشكلات المصانع المتعثرة . وأشار إلى ضرورة توافر بدائل غير تقليدية، لإنقاذ المصانع المتعثرة، وإعادة تشغيلها مع الوضع فى الإعتبار أن البنوك ستنظر فى كل حالة على حدة فبعضها يصلح معه الاستمرار فى التمويل عبر القروض المباشرة ،فى حين أن البعض الآخر منها يتطلب تدخل البنوك فى الإدارة وتقديم الاستشارات عبر شركاتها التابعة فى حين ستكون الجدولة إحدى الحلول الملائمة لبعض الحالات المتعثرة .