المخاطر هى العدو الأساسى لأى شركة قائمة لاسيما شركات التأمين وبناء نظام لمعرفة المخاطر يعد من أهم أدوات تطوير المؤسسات ودور إدارة المخاطر فى هذه الكيانات هو قياس المخاطر وتعظيم فرص تحقيق الأرباح. التحقيق التالى يعرض صورة تفصيلية للمخاطر وآليات السيطرة عليها وتحقيق أعلى عائد منها. فى البداية يقول د. عادل منير رئيس الجمعية المصرية لادارة الأخطار: إن إدارة المخاطر والأزمات أصبحت ضرورة لا غنى عنها فى المجتمعات من أجل توفير الأمن والسلامة للمواطنين وتحسين قدرة المؤسسات على استيعاب الأزمات والمخاطر التى تواجهها، وهو ما يلقى بمسئوليات كبيرة على عاتقنا لمتابعة آخر المستجدات والتطورات فى ادارة المخاطر فى المؤسسات وكيفية زيادة فاعليتها. وأضاف أن بناء أنظمة لإدارة المخاطر فى المؤسسات تعد آلية إنذار مبكر فى مواجهة مختلف المخاطر والأزمات المالية والمؤسسات التى تدير المخاطر بفاعلية تعد الأكثر احتمالا لحماية أنفسها والنجاح فى تنمية أعمالها. ولاشك أنه من خلال تطبيق المبادئ والإرشادات الخاصة بمعيار ISO فى المؤسسات ستكون قادرة على تحسين الكفاءة التشغيلية وحسن الإدارة ونيل ثقة أصحاب المصلحة من ناحية وخفض الخسائر لأدنى مستوى من ناحية أخرى، كما يساعد هذا المعيار الدولى على تعزيز الاداء الصحى والسلامة البيئية ووضع أساس قوى لاتخاذ القرار والتشجيع على الادارة الوقائية فى كل المجالات. ويعرف حسين عبد الغفار الخبير الاكتوارى الخطر بأنه الانحراف عن المتوقع (الهدف) فى حين أن المخاطرة هى اتخاذ القرار بقبول أو عدم قبول الخطر فى ضوء عدم وجود رؤية واضحة بناء على عدم اليقين. ومن اهم التداعيات التى أدت إلى تطوير ادارة المخاطر بالمنشآت أحداث 11 سبتمبر 2001 التى وجهت النظر لتباين المخاطر وتعقيدها وقرارات لجنة بازل الخاصة بقطاع البنوك وSolvencyII الخاصة بقطاع التأمين التى مهدت الطريق لانشاء ادارات المخاطر بالجهات المختلفة اعتبارا من 2001 ومن التداعيات أيضا انهيار عدد من الشركات الكبرى فى الآونة الأخيرة كذلك الأخطار الطبيعية مثل إعصار كاترينا 2005 والآثار المترتبة عليه والأزمة المالية العالمية عام 2008 وتداعياتها وأيضا التداعيات المهمة لانشاء إدارات المخاطرة هو اعتماد مؤسسات التصنيف العالمية على ال ERM كأحد معايير التقييم لشركات التأمين. وتعد ادارة المخاطر بالمنشأة عملية تقوم المنشأة من خلالها بتحديد وقياس وإدارة والافصاح عن المخاطر الأساسية التى تتعرض لها وذلك لزيادة القيمة السوقية للمنشأة لصالح جميع الأطراف ذوى المصلحة من حملة الأسهم والعاملين والجهات الرقابية وجهات التصنيف وغيرها من الجهات المعنية. ويأتى الدور الرئيسى لإدارة المخاطر ERM فى تحديد المخاطر الرئيسية ويتم فى هذه الخطوة تحديد المخاطر التى تشكل أكبر تهديد للمنشأة ويتطلب ذلك تقليص قائمة كبيرة جدا من المخاطر المحتملة إلى عدد أصغر من المخاطر الرئيسية يتراوح عددها ما بين 20 و30 ويتم هذا من خلال تقييم نوعى للمخاطر مبنى على الخبرة الطويلة لقيادات المنشأة فيما يتعلق بشدة وتكرار الحدث. والدور الثانى لادارة المخاطر هو قياس المخاطر الرئيسية ويتم فى هذه الخطوة قياس المخاطر التى تشكل أكبر تهديد للمنشأة على المستويين الفردى والمتكامل ويتطلب هذا بناء نموذج إدارة المخاطر لقياس التأثير المحتمل للمخاطر الرئيسية (كل على حدة وإجماليا) على قيمة الشركة وذلك للربط بين المخاطر العائد والدور الثالث للادارة هو اتخاذ القرار بشأن المخاطر الرئيسية يتمثل فى إدماج برنامج ادارة المخاطر ضمن التخطيط الاستراتيجى للشركة وتعاملاتها، حيث يتم تعريف الشركة (الحد المسموح به طبقا لاستراتيجية الشركة) فى المخاطرة Risk appetite وبمجرد تعريف Risk appetite يمكن اتخاذ القرارات بخصوص قبول المخاطر التى تتعرض لها الشركة والتى يكون حجمها الكلى فى حدود Risk appetite ومن أهم تحديات برنامج ادارة المخاطر هو قياس أخطار التشغيل والأخطار الاستراتيجية وكذلك تحديد المخاطرالتى ترغب المنشأة فى تحملها وأيضا دمج إدارة المخاطر فى صناعة القرار . وعن دور الخبير الاكتوارى فإنه يتمثل فى المساهمة فى تحديد وقياس الأخطار التى تواجه المنشأة والدعم الفنى فى تقييم علاقة المخاطر المختلفة بعضها ببعض ودرجاتها بالمنشأة والدعم الفنى لتقليص وتقليل المخاطر التى تواجه المنشأة والمساهمة فى دمج ادارة المخاطر فى صناعة القرار والمساهمة فى تحديد مدى قابلية المنشأة فى قبول الخطر ورأس المال المطلوب وكذلك تقديم الدعم الفنى فى تقدير المخاطر العالية الخطر خاصة الأخطار القليلة الحدوث او التى لا يوجد عنها بيانات كافية بالمنشأة. عن فوائد ادارة المخاطر فيما يخص المساهمين فهى تعظيم فرص تحقيق الأرباح وتعزيز الافصاح عن المخاطر، أما بالنسبة لمجلس الادارة فيتضمن ضمان فهم المخاطر الرئيسية وادارتها بشكل جيد ومقاومة أفضل للتقلبات وتواصلا أفضل مع هيئات التصنيف والجهات الرقابية، وبالنسبة لفوائد إدارة المخاطر للمديرين فتتمثل تقديم قرارات تربط بين العائد والمخاطر، ومن فوائد الادارة لهيئات التصنيف فتتمثل فى توافر المعلومات لتقييم أفضل للمخاطر التى تتعرض لها الشركة وللجهات الرقابية تتمثل فى مساعدة الجهات الرقابية فى حماية حقوق الوثائق والتأكد من سلامة الملاءة المالية للشركات. أما الخبير وليد الجشى رئيس مجلس إدارة شركة المعاينون العرب فيقول انه ليس هناك من سبيل لإدارة الخطر بالمفهوم الشامل بمعزل عن قاعدة السببية فالخطر ليس حالة يمكن تجنبها لأن توقف نشاط معين تفاديا لخطر محتمل يقود الى حالة خطرة جديدة محتملة او متفاوتة فإذا تقبلنا مبدأ السببية فى تفهم الخطر واحتمالات تحققه فإن خبراء المعاينة وتسوية الخسائر هم الأقدر على التوصيف لأن مهام الخبرة تتطلب دروبا شتى من المعرفة لا نبالغ إن وصفناها بالشمولية ابتداء بالسلوك البشرى والقواعد الشرعية والقوانين الوضعية والهندسية وقواعد التجارة الدولية فإن توافرت تلك المعرفة واقترنت بالتطبيق فإن الخبير المحترف قادر على التعامل مع متطلبات إدارة الخطر ابتداء من التعريف بمصادره وتحليل احتمالات تحققه وتقدير نتائجه مما يسهل على مديرى المخاطر وضع خطط مواجهة الخطر والتعامل معه سواء من خلال عقود التأمين او الاحتفاظ به وفق الاقتدار المالى. ويوضح د. الجشى أن المخاطر تنقسم إلى أخطار طبيعية، والأخطار البشرية والأخطار الاقتصادية.. ويشير الجشى إلى أن ديناميكية الخطر تستوجب تحديثا مستداما للمتغيرات على كل صعيد فالأحوال المناخية خاصة فى منطقتنا لا تسير على وتيرة متساوية مما يتطلب إعطاء بعض الشروط والتحذيرات فى وثائق التأمين عناية خاصة وعلى سبيل المثال هناك شرط الوقاية لا يذكر إحصائيات المناخ لعشرين عاما فى وثائق التأمين. أما فى مجال الأخطار البشرية فإن ثقافة العمل والإرث الاجتماعى تختلف من عنصر لآخر ومن حين لآخر، وبناء على ذلك فإن تدخل الخبير فى تحليل الخطر وتحديد مصادره وقياس نتائجه يعد أمرا ضروريا سواء كان هذا الخطر حقيقيا يمكن تحويله تأمينيا أو احتماليا فإن ذلك يعد بمثابة قمار او ميسر فضلا عن أن من الصعب تعويض الخطر المعنوى المتعلق بالأشخاص ومن الصعب التعامل معه. ويرى عبد الرءوف قطب رئيس الاتحاد المصرى للتأمين أن الوطن العربى لديه العشرات من الخبراء فى ادارة المخاطر يتمتعون بقدر كبير من الكفاءة فإذا كانت هناك آلية واحدة لتوحيد المعايير المرتبطة بقيد الخبراء كخبراء معتمدين لدى جميع الدول العربية ففى هذه الحالة يمكن للخبراء المصريين العمل فى الدول العربية، وكذلك الحال بالنسبة للخبراء العرب يحق لهم العمل فى السوق المصرى. ويوضح أن ادارة الأزمات لا تقل أهمية عن إدارة المخاطر، فعلى سبيل المثال عندما قامت ثورة يناير 2011 فإن السوق المصرى أصبح فى أزمة نظرا لأن المخاطر السياسية غير مغطاة فى وثائق التأمين، إذ لم تقم شركات التأمين بسداد التعويضات للعملاء إلا أن شركات التأمين تمكنت من ادارة الأزمة بكفاءة من خلال المفاوضات مع معيدى التأمين فى الخارج وإقناعهم أن الأحداث التى شملت الثورة هى أحداث شغب واضطربات وليست أحداثا مرتبطة بالثورة وتمكنت من سداد 1.2 مليار تعويضات عن هذه الفترة. أما سامية حيدة الرئيس التنفيذى للعمليات بشركة جارسافوارى إنترناشيونال فترى أن هناك طريقتين لنقل الخطر الى شركة إعادة التأمين الأولى عن طريق العقد الاتفاقى وهى الآلية الأكثر مرونة والأكثر تحقيقا لأهداف الشركة فتقوم الشركة بوضع جميع المعلومات المرتبطة بالخطر أمام معيدى التأمين ثم يتم عمل اتفاقية مع شركة إعادة التأمين والمهم هو اختيار معيدى التأمين من ذوى السمعة الجيدة والتصنيف الائتمانى المرتفع والقدرة المالية الجيدة. أما الطريقة الثانية للتعامل مع معيدى التأمين من خلال الاتفاق الاختيارى وهو تعاقد مشابه للسابق إلا أنه يرتبط بسرعة سداد معيدى التأمين لقيمة التأمين لأنه لا يمكن لشركة التأمين تأخير سداد التعويض على العميل وبالتالى كلما كانت سمعة شركة إعادة التأمين جيدة وملاءتها المالية قوية ازدادت سرعة سداد التعويض لشركة التأمين.