طالعتنا جريدة الوقائع المصرية بعددها الصادر برقم 42 فى 22 / 2 / 2015 بقرار وزير المالية رقم 119 لسنة 2015 يقضى بتحديد أسعار أحد عشر صنفا لبعض من أصناف السجائر مقدرة على أساس حساب الضريبة العامة على المبيعات مقترنا كل صنف منها بالسعر المقرر، وعند مخالفة المنتجين أو المستوردين لتلك الأسعار يتم حساب الضريبة العامة على أساس السعر الأعلى لمبيعات تلك الأصناف من هذه السجائر. ولكن إذ قام الموزعون أو التجار ببيع تلك الأصناف بأزيد من أسعارها الواردة بالقائمة السعرية المصحوبة بهذا القرار فإن ذلك يعتبر تهربا ضريبيا يعاقب عليه القانون 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون 73 لسنة 2010 بالحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه او إحداهما، كما يستوجب الحكم على الفاعلين متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل هذه الضريبة، وفى حالة العود يجوز مضاعفة العقوبة والتعويض وتنظر قضايا التهرب عند إحالتها للمحاكم على وجه السرعة وفى جميع الأحوال يصدر الحكم بمصادرة السلع المهربة ضريبيا فإذا لم يتم ضبطها يصدر الحكم بما يعادل قيمتها ويجوز الحكم بمصادرة وسائل النقل والمواد المستخدمة فى التهريب ماعدا السفن والطائرات ما لم تكن مؤجرة لهذا الغرض. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القرار قد وزن بميزانين بين المنتجين والمستوردين وبين الموزعين والتجار، حيث نسب للآخرين عند مخالفة القرار جريمة التهرب الضريبى فضلا عن ذلك فإن العقوبة التى تفردت بها القوانين 11 لسنة 91، 73 لسنة 2010 لا تحقق الجانب الوقائى المانع ولا الجانب العلاجى القامع. هذا وقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بجلستها المنعقدة فى 4 / 11 / 2007 فى القضية 9 لسنة 28 ق، بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة السالفة الذكر فيما تضمنته من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة وقد تم نشر ذلك بالطبعة السادسة للقانون 11 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية الصادرة عن الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية التابعة لوزير التجارة والصناعة. وهنا يمكن القول ان تنفيذ مثل تلك القرارات على النحو الصحيح يتطلب انتظام حركة التجارة الداخلية من خلال استخدام الدفاتر والسجلات التجارية وفواتير البيع الضريبية وهو ما تفتقده الأسواق الداخلية نتيجة إيقاف تنفيذ التشريعات الحاكمة لذلك.
كما نود الإشارة إلى أن تنفيذ قرار وزير المالية 119 لسنة 2015 على وجه الخصوص ينعقد فيه الاختصاص على مأمورى الضرائب التابعين لوزير المالية أكثر من انعقاده على وزير التموين والتجارة الداخلية باعتبار ان نصوص هذا القرار أباحت حرية البيع بأزيد من أسعار القائمة السعرية المرفقة به على اعتبار ان المحاسبة الضريبية على المبيعات سوف تتم على السعر الأعلى فضلا عن ذلك فلم يأت القرار ملزما بالبيع وفقا لقائمة الأسعار المرفقة به على وجه التحديد خاصة أنه قد أشارت البيانات إلى عدم وجود العدد الكافى من مأمورى الضرائب الذين يستطيعون مراقبة جميع المنشآت الانتاجية والاستيرادية والتسويقية والتجارية سواء بالجملة أو نصف الجملة او القطاعى داخل الجمهورية بقدر عدد مفتشى التموين ممن لهم صفة الضبط القضائى خاصة أن الأسواق مليئة بعلب السجائر دون كتابة أسعار البيع للمستهلك سواء محلية الصنع أم المستوردة. وهنا يطرح السؤال نفسه عن التعارض المطلق بين قرار وزير المالية 119 لسنة 2015 المشار إليه والصادر بتحديد أسعار لبيع السجائر وبين المادة التاسعة من القانون 8 لسنة 1997 التى تقضى أحكامها بعدم جواز تدخل أى جهة ادارية فى الدولة فى تسعير منتجات الشركات والمنشآت او تحديد ارباحها. وهذا التعارض قد يحول دون تنفيذ قرار وزير المالية على النحو الصحيح وتقديم المخالفين أمام قضاء مصر الشامخ بأوصاف يطابقها قيود قانونية. وباعتبار ان الضريبة هى مبلغ مالى يدفعه الأشخاص جبرا للسلطة العامة بقصد تمويل النفقات العامة للدولة دون أن يعود الأمر على دافع الضريبة بنفع خاص معين، الأمر الذى يستوجب على الوزير المختص بشئون التجارة الداخلية فى الحكومة تنفيذ أحكام المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 وتعديلاته بشأن تحديد نسب الأرباح على المبيعات وفقا لأرقام الاعمال الضريبية للبائع سواء من المنتجين او المستوردين او التجار بأنواعهم المختلفة خاصة أن إيقاف تنفيذ ذلك يمثل نوعا خطيرا على مستقبل البلاد حتى لا يسود فيها الفساد .