يرسم أكرم تيناوى الرئيس التنفيذى لبنك المؤسسة العربية المصرفية ملامح صورة متفائلة للاقتصاد المصرى فى المرحلة المقبله وهو تفاؤل مشروط بإنجاز العديد من الإجراءات الداعمة. ويرى أن الجهاز المصرفى يقف فى قلب هذه الصورة وأن عليه مهام صعبة حتى يحافظ على قيادته للسوق خاصة بنوكنا المحلية التى تعانى من تراجع معدلات التوظيف وارتفاع السيولة فى مواجهة شركات اجنبية قادمة تفضل التعامل مع البنوك التى تتعامل معها فى بلادها الأصلية . ويكشف تيناوى عن رؤاه فى العديد من القضايا المحورية على خريطة الاقتصاد البنكى حيث يؤكد أن الناس لاتزال تفضل ايداع اموالها فى البنوك بدلا من استثمارها فى مشروعات تنموية وأن أزمة سعر الصرف سببها السوق السوداء وأن المهم الآن اعادة بناء الاحتياطى مشيرا الى أن البنوك تتحفظ فى تمويل المشروعات الصغيرة رغم أن هذه المشروعات هى المحرك الاساسى للنمو. ويتوقع تيناوى حدوث طفرة فى قروض السيارات والعقارات وبطاقات الدفع فى المرحلة القادمة وأن نجاح المؤتمر الاقتصادى سوف يسهم فى جذب استثمارات اجنبية كبيرة للبلاد لكن إزالة معوقات الاستثمار أكثر أهمية من المؤتمر . فإلى تفاصيل الحوار .. المؤتمر الاقتصادى يعتقد أكرم تيناوى ان القطاع المصرفى يمتلك القدرة على تمويل المشروعات الجديدة التى سوف يأتى بها المؤتمر الاقتصادى بالكامل نتيجة توفر فائض سيولة لدية بقيمة 50 مليار جنيه حيث ان نسبة توظيف القروض للودائع به لا تتعدى 45٪. إلا ان الشركات المتعددة الجنسيات تميل إلى التعامل مع البنوك الخاصة بها فقط فشركة كوكا كولا أو بيبسى كولا على سبيل المثال تتعامل فقط مع سيتى بنك أو HSBC على مستوى العالم و بالتالى فنوعية المستثمر القادم فى المؤتمر ستميل إلى التمويل من الاتجاهين الخارجى و المحلى وضعا فى الاعتبار ان تكلفة الدين من البنوك المحلية ستكون اقل من البنوك الأجنبية التى سوف تقوم بالمخاطرة ليس فقط فى المشروع لكن فى دولة أجنبية قد تكون غير مستقرة مما يزيد من تكلفة الدين. و بناء عليه يتصور ان المستثمر سوف يميل للتمويل المحلى أكثر خصوصا ان القطاع المصرفى المصرى لدية فائض فى السيولة على عكس الخارج.و يوضح انه فى حال نجاح المؤتمر فى جذب استثمارات هذا يعنى ان القطاع المصرفى سوف يقوم بتمويل المشاريع الجديدة بقيمة 6 مليارات دولار. و يرى انه للحيلولة دون تحويل المؤتمر لمجرد مكلمة يجب تمهيد الأرض للمستثمر القادم بإزالة العراقيل الخاصة بندرة الأراضى الصناعية و الطاقة و عمل إصلاح تشريعى و ضريبى لذلك شكلت الحكومة لجنة لمتابعة و رصد التطورات فى هذا الشأن و حتى يتم ضمان ان يشعر المستثمر بحياد الدولة استعانت الحكومة بأكبر البيوت الاستثمارية فى العالم تدعى «لازار» و تم عرض المشاريع الإستراتيجية المهمة لمصر و استبعدت بعضها ثم قامت بالترويج للبعض الآخر على كل البنوك العالمية فى الخارج لأن المستثمر دائما ما يلحق بالبنك الذى يتعامل معه. و أعلن تيناوى انه قد تم توجيه الدعوة له و لهشام عز العرب كممثلين للقطاع المصرفى ضمن 20 شخصية عامة أخرى من قبل رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب وتم تقليدهم مفتاح النيل و تم تكليفهم ليكونوا سفراء للمؤتمر الاقتصادى وبالترويج له. واصفا الحديث الذى دار بينهم و بين رئيس الوزراء بالشفافية والصراحة حيث شعر الجميع بقدر المسئولية الملقاة على عاتقهم لذلك تمت مناقشة صعوبات الاستثمار و اقتراح حلول لها مضيفا «لقد انتهى عصر كله تمام يا فندم بلا رجعة». وقد اقترح تيناوى خلال اللقاء دعوة البنوك الأجنبية التى تمتلك عملاء على مستوى العالم للترويج للمؤتمر لأنهم سوف يجنون أرباحا من جراء تمويلهم للمشروعات المقترحة. و بالرغم من تثمينه و تقديره لتلك المبادرة إلا انه يرى ضرورة العمل على حل مشكلات القطاع الخاص المحلى أولا قبل مناشدته جذب المستثمر الأجنبي، كما يعتقد ان الحكومة عينت 20 شخصية عامة كسفراء للمؤتمر من القطاع الخاص نتيجة وجود أزمة كوادر بشرية فى الحكومة تتمثل فى وجود فجوة بين فكر الوزراء و مستشاريهم من ناحية و بين باقى موظفى الوزارات من ناحية أخرى بمعنى آخر فالحكومة تمتلك فكرا جيدا لكنها لا تمتلك آليات التنفيذ اللازمة لتطبيقه. و يعد معيار نجاح المؤتمر من وجهة نظرة قدوم مستثمرين من كل أنحاء العالم إلى جانب المستثمر الخليجى بغية حدوث تنوع فى مصادر التمويل و عدم التعرض لمخاطر تركز خصوصا فى ظل انهيار أسعار البترول فمن كان يتوقع ان يصل عجز الموازنة فى المملكة العربية السعودية إلى 9.5٪ بفارق نصف فى المائة اقل من عجز الموازنة المصرية مشيرا ان السعودية تعد الداعم الأكبر للاقتصاد المصرى خلال العام الماضي. ويتوقع استمرار الدعم العربى لمصر بالرغم من انخفاض أسعار البترول لكن بقيمة اقل. مشددا على ضرورة الاعتماد على الذات حيث إن تلك الإمدادات لن تستمر إلى ما لانهاية بأى حال من الأحوال. سعر الصرف و حول انخفاض سعر صرف الجنيه فى مقابل الدولار يعلق قائلا :ان المشكلة الأزلية التى تواجه سياستنا النقدية هو وجود سوق سوداء للعملة مما يدل على وجود سعر خاطئ للعملة وهذا يخلق بلبلة لدى المستثمر و يصعب عليه معرفة السعر الحقيقى للدولار و أكد انه سوف يتم القضاء على السوق السوداء حين يكون الفرق بين سعر الدولار فى البنوك و شركات الصرافة لا يتعدى ثلاثة قروش على الأكثر و حينها فقط تصبح شركات الصرافة أداة مكملة و ليست منافسة للبنوك. وأضاف ان من أسباب انتعاش السوق السوداء فى الوقت الراهن وجود نقص فى العملة الأجنبية نتيجة توقف حركة الإنتاج خلال السنوات الثلاث الماضية علاوة على تدهور قطاع السياحة و نقص الاحتياطى النقدى بالرغم من الدعم المشكور من الإخوة العرب. و أوضح ان خطوة تخفيض سعر صرف الجنيه تستهدف تهيئة الأجواء قبل المؤتمر الاقتصادى حيث يتوقع ضخ عملة صعبة تتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار فى السوق المصرى سوف يتم تحويلها إلى جنيه مصرى لإقامة المشاريع ثم يقوم المستثمر بتحويل أرباحه إلى الخارج بالدولار مرة أخرى وفى هذه الحالة إذا كان لدى المستثمر أدنى شك فى القيمة الحقيقية للدولار سوف ينصرف عن الاستثمار فى مصر خصوصا فى ظل وجود العديد من الفرص المغرية للاستثمار فى عدد من الدول الأخرى مثل البرازيل و دول شرق آسيا و أوروبا نتيجة مرورها بكساد أدى إلى انخفاض الأسعار بها إضافة الى الدول الافريقية. و يضيف ان خفض سعر الجنيه من شأنه زيادة الصادرات وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة كما سينعش قطاع السياحة. وعن توقعاته لسعر الصرف فى الفترة القادمة قال انه من المنتظر ان يستمر البنك المركزى فى استخدام أدواته لتقليل الفرق بين سعر الدولار الرسمى و سعره فى السوق السوداء وصولا إلى القيمة الفعلية للدولار. و أضاف ان هذا سينتج عنه استمرار رفع شركات الصرافة لسعر صرف الدولار وصولا إلى نقطة التقاء السعر بين شركات الصرافة و البنوك حين تعجز الأولى عن زيادة الأسعار حيث إن الدولار فى النهاية سلعة تخضع للعرض و الطلب وإذا بالغت فى سعره سوف ينصرف العميل عنها, كما ان البنوك سوف تزيد من السعر بوتيرة أعلى من شركات الصرافة التى لن تستطيع مجاراتهاإلى ان يتم تقليل الفجوة بين الاثنين. ويؤكد ان استقرار سعر الصرف يتوقف على عدة عوامل منها نجاح المؤتمر الاقتصادى لما سيترتب عليه من قدوم استثمارات أجنبية مباشرة تضخ عملة صعبة بالإضافة إلى خلق العديد من الوظائف مما يساعد على خفض التضخم مع عدم إغفال أهمية استعادة قطاع السياحة لعافيته مرة أخرى. و حول الآثار التضخمية المصاحبة لخفض سعر صرف الجنيه على محدودى الدخل يقول: ان الاقتصاد يعتمد على العديد من العوامل التى لا نستطيع التحكم بها و السيطرة عليها جميعا فى نفس الوقت، لكن كل ما يسعنا فعله هو تحديد أولويات و مقتضيات كل مرحلة وفى اعتقاده ان الأولوية القصوى فى المرحلة القادمة هى اعادة بناء الاحتياطى النقدى من خلال السياحة و زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة. و أضاف ان إصدار شهادات قناة السويس كان من إحدى الوسائل التى استخدمتها الدولة لاحتواء التضخم بطريقة ناعمة حيث تم احتجاز 64 مليار جنيه منها 27 من خارج القطاع المصرفى لمدة خمس سنوات. و أضاف ان الدولة تبذل جهدا لوصول الدعم لمستحقيه و لتخفيف معاناة الرجل البسيط من خلال إصدار الكروت الذكية و تطوير الجمعيات التعاونية. و أوضح ان الدولة لا تستطيع احتواء إخفاق سياسات الخمسين عام الماضية فى شهور قليلة مضيفا انه يجب ان نتحمل قليلا وان نقدم بعض التضحيات من اجل جنى الثمار فى المستقبل مشيرا إلى ان الرئيس كان صريحا و أعلن اننا سنمر بسنوات صعبة إلا ان الأجيال القادمة سوف تنعم بما نقوم به و انه لا يوجد لدينا خيار آخر. القطاع المصرفى وفيما يخص القطاعات المصرفية التى يتوقع نموها فى الفترة القادمة قال ان البنوك سوف تركز على تطوير قطاعى التجزئة والشركات بالتوازى، موضحا ان بيع سيتى بنك لإدارة التجزئة فى مصر يأتى تمشيا مع سياسة البنك العالمية التى تستهدف مدنا بعينها وليس دولا بمعنى سعيه إلى ان يكون البنك الأول فى تلك المدن التى يختارها بناء على تمتعها بمعدل نمو مرتفع وكذلك متوسط نصيب مرتفع للفرد من الناتج القومى الإجمالى وبالتالى فمصر وتركيا ليستا على أجندته وما حدث فى القاهرة حدث أيضا فى اسطنبول. وأضاف انه يستشرف ان يشهد قطاع التجزئة بالبنوك طفرة كبيرة في الرهن العقارى وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. كما سينمو قطاع الشركات نتيجة انخفاض سعر الفائدة بما يتبع ذلك من نمو اقتصادى وانتهاء بحالة الكساد الحالية الناتجة عن زيادة الإقراض بنسبة 27٪ فى مقابل زيادة نسبة الودائع بنسبة 45٪ مما يشير إلى ان الناس مازالت تفضل إيداع أموالها فى بنوك عوضا عن استثمارها فى مشروعات تنموية. كما يتصور ان خفض سعر الفائدة سيحدث طفرة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة بجانب المشروعات الإستراتيجية الكبرى المطروحة فى المؤتمر. ويلخص تيناوى الصعوبات التى تواجه القطاع المصرفى فى السيولة الزائدة لأنها دلالة على عدم قيام القطاع المصرفى بعمله الأساسى وهو الإقراض والاستثمار. ويقول انه حتى هذه اللحظة فان ظروف السوق لا تساعد على الإقراض مستشهدا بانخفاض محفظة القروض حيث كان يعطى العميل حدا ائتمانيا 100 مليون جنيه فى 2009 وكانت نسبة الاستخدام تصل إلى 70٪ من الحد بينما اليوم تتراوح بين 40٪ إلى 45٪، نتيجة انصراف العملاء عن التقدم بطلبات قروض نتيجة عدم قدرتهم على توظيفها. إلا انه أعرب عن تفاؤله وتوقع ان يحدث نمو فى الإقراض وان تتخطى نسبة القروض للودائع حاجز 50٪ بسبب المؤتمر الاقتصادى وتخفيض سعر الفائدة وان يكون القطاع المصرفى له شأن كبير فى المرحلة القادمة. معربا عن استعداد البنوك تمويل المشروعات القومية الكبرى المطروحة بمحور قناة السويس الجديدة التى تعد امتدادا لمشروع قائم بالفعل ولا تحتوى على نسبة مخاطرة كبيرة. الا انه يميل إلى الاعتقاد ان مشروعات البنية التحتية الضخمة المزمع إنشاؤها فى الفترة القادمة سوف تمول من قبل الدولة مع البنوك المملوكة لها وليس بواسطة القطاع الخاص مستشهدا بما حدث فى الماضى من تنفيذ شركة المقاولون العرب المملوكة للدولة لأغلب مشروعات البنية التحتية. موضحا ان الاستثمار فى أدوات الدين ليس دور البنوك الرئيسى إلا أنها سوف تستثمر فيه كنوع من مساندة الدولة. المشروعات المتوسطة والصغيرة يرى تيناوى أنه رغم ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعد محركا للنمو كما هو الحال فى دول شرق آسيا والعالم ككل فإن البنوك المصرية مازالت تتحدث كثيرا عن تلك المشروعات دون ان تقوم بتمويلها بالفعل. ويضيف ان على البنوك ان تعى ان العميل الحالى للمشروعات الصغيرة هو عميل الشركات الكبيرة المستقبلى وأنه سوف يكبر مع البنك لكنه يحتاج أولا إلى رعاية البنك له حيث ان دور البنوك من وجهة نظره ليس فقط تمويله بل إطلاعه على نقاط محورية بالنسبة له كقوانين الضرائب والتمويل واتفاقات التبادل التجارى حتى يواكب التطور العالمي. ويقول ان البنوك تخشى تمويل هذا القطاع لان احد اشتراطات تمويله التى وضعها البنك المركزى ان يكون لدى المشروع مراقب حسابات معتمد لدى البنك المركزى، والمشكلة ان اغلب مراقبى الحسابات فى هذا القطاع غير معتمدين ويرى ان الحل الذى قام بتطبيقه بالفعل هو مخاطبة الشركات الكبرى لمعرفة أفضل الموزعين والموردين الذين يتعاملون معهم لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بسجل مسار ايجابى وإعطائهم تمويلا بما يخدم الشركات الكبرى أيضا التى بمقدرتها النمو والتوسع بينما لا يستطيع موزعوها وموردوها مواكبتها لعدم قدرتهم الحصول على تمويل. ويقول ان هذا أدى إلى تكوين محفظة كبيرة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ملف الاستثمار وحول القطاعات المرشحة للنمو فى الفترة القادمة يرى ان قطاعات الطاقة وتحلية المياه والبنية التحتية من طرق ومواصلات هى التى تحتاجها الدولة لجذب الاستثمارات فى مجال الصناعات الثقيلة. إلا أنه يعتقد ان ذلك لن يتم بواسطة الشراكة بين القطاع العام والخاص P.P.P لان هذا النظام ليس من أولويات المرحلة كما أنه ليس مقبولا على مستوى القطاع الخاص أو العام . مضيفا ان هذا لا يقلقه لان نظام P.P.P عادة ما يطبق فى مشروعات اصغر من مشروعات البنية التحتية كالمدارس والمستشفيات.