جاء اتفاق وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى بتمديد العقوبات التى فرضت على روسيا لمدة ستة شهور أخرى وضم أسماء جديدة للأسماء المفروض عليها عقوبات بالفعل فى مارس الماضى بسبب ضمها للقرم ليسجل فصلا جديدا من الحرب الساخنة التى بدأت قبل شهور، حيث يتواصل تفاقم الازمة الاوكرانية مع تهديدات بفرض عقوبات اوروبية جديدة على روسيا واتهامات الاممالمتحدة الى المتمردين وتصاعد الحرب الكلامية بين روسيا والحلف الاطلسى فيما المعارك مستمرة مع خلاف كامل بين موسكو والغربيين. ورغم ان طبيعة العقوبات الجديدة لم تعرف بعد بدقة فإنها قد تزيد من تفاقم الوضع الاقتصادى فى روسيا التى خفضت الوكالة الامريكية ستاندرد اند بورز درجة ديونها السيادية الى الفئة «غير الاستثمارية» او «العاطلة» باللغة الاقتصادية. وقد شدد الاتحاد الاوروبى لهجته بعد التصعيد فى اعمال العنف فى شرق اوكرانيا الانفصالى الموالى لموسكو حيث تتهم كييف والغربيون روسيا بدعم الانفصاليين عسكريا. وكان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تحدى صراحة الغرب متهما حلف شمال الاطلسى باستخدام الجيش الاوكرانى «كفرقة اجنبية» ل»احتواء» روسيا. وفى ظل مخاوف ان تؤدى العقوبات الغربية وتدهور سعر النفط الى اغراق روسيا اكثر فى الانكماش هذه السنة أعلنت الحكومة الروسية عن خطة لإنفاق ما لا يقل عن 2.34 تريليون روبل (35 مليار دولار) لمساعدة الاقتصاد فى مواجهة العقوبات الغربية وانهيار أسعار النفط. وجرى تحديد تكلفة 22 من بين البنود الستين التى تتضمنها الخطة وهو ما يشير إلى أن التكلفة النهائية للخطة قد تكون أعلى بكثير من المبلغ المعلن، وهو القيمة الاجمالية لتكاليف البنود التى تم رصد تمويل لها. وقالت الخطة إن تلك التكاليف ما زالت تتوقف على مناقشة الحكومة لها. وسيتم تمويل بعض البنود الرئيسية من صندوق الثروة الوطنية وهو صندوق سيادى قيمته 80 مليار دولار كانت مهمته فى السابق تمويل مشروعات البنية التحتية. ومن بين الإجراءات التى لها الأولوية يأتى أكبر بند منفرد وهو برنامج قيمته تريليون روبل لإعادة رسملة البنوك من خلال إصدار سندات حكومية وتم تمويله بالفعل من الميزانية الاتحادية للعام الماضي. وتشمل الخطة 200 مليار روبل ضمانات حكومية لقروض لازمة «لتنفيذ مشروعات استثمارية» إلى جانب أهداف أخرى وافقت عليها الحكومة منها إعادة هيكلة ديون. وقالت الخطة أيضا إن الحكومة تهدف لخفض أغلب خطط الإنفاق بنسبة 10٪ فى 2015 باستثناء الإنفاق على الدفاع والإنفاق الاجتماعى وسداد الديون بهدف الوصول إلى ميزانية لا عجز فيها بحلول عام. 2017 وأضافت أن موارد الاستثمار فى الميزانية ستتركز على المشروعات التى بدأت بالفعل وسيتم تأجيل بعض المشروعات الجديدة. وتهدف هذه الاجراءات الى «التكيف مع الظروف الجديدة» وحماية الشركات والمواطنين الاكثر ضعفا، كما اوضح وزير المالية انطون سيلوانوف امام اعضاء مجلس الشيوخ. وعرض سيلوانوف رقم 200 مليار دولار على انه كلفة «الصدمات الخارجية» لميزان المدفوعات - عقوبات وتدهور سعر النفط - التى تمثل «طابعا طويل الامد». واضاف الوزير ان «احدى اهم مهماتنا حاليا هى عدم تبذير احتياطياتنا والمتانة المالية التى ثبتناها فى السنوات الاخيرة». وقال ايضا ان «الهدف هو عدم انفاق هذه الاحتياطات فى غضون عام واحد» مع العلم انها تمثل ما مجموعه 137 مليار يورو. وتنص الخطة ايضا على انشاء هيئة خاصة بالتسليفات المشكوك فى تحصيلها التى تهدد بالتراكم فى حسابات البنوك، فى الوقت الذى تواجه فيه هذه الاخيرة هشاشة بسبب انهيار سعر صرف الروبل. واستخدمت بعض الدول الاوروبية مثل هذه الالية فى السنوات الاخيرة. وسيحصل القطاع الزراعى من جهته على 50 مليار روبل (650 مليون يورو) من المساعدات الاضافية، اضافة الى الاموال التى سبق أن صرفت لمساعدته على التعويض عن الحصار الذى فرض على المنتجات الغذائية الزراعية الاوروبية والامريكية بسبب الازمة الاوكرانية. وبين الاجراءات الاخرى، تعتزم الحكومة خصوصا مساعدة قطاع الدفاع للتعويض عن الخسائر التى نجمت عن زيادة الواردات، والمساعدات المقدمة لبعض التسليفات او ايضا مساعدة بعض الخطوط الجوية الداخلية غير المربحة. وتوقعت السلطات انه اذا بقى سعر برميل النفط على مستواه الحالى، فان اجمالى الناتج الداخلى لروسيا قد يتدهور بنسبة 5 ٪ هذه السنة مقابل نمو مقدر بحدود 0,6 ٪ العام الماضي. كانت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتمانى خفضت درجة روسيا نقطة واحدة وباتت «بى بي+»، وانتقلت بذلك فورا الى فئة «غير آمن». ولتبرير قرارها، شددت ستاندرد اند بورز التى لا تستبعد اقرار خفض جديد لهذه الدرجة، على تدهور الليونة النقدية فى البلاد اضافة الى تراجع توقعاتها لجهة النمو. وهذا الانتقال الى فئة «غير آمن» قد يسرع العمليات الكثيفة لهروب الرساميل الناجمة من الازمة الاوكرانية. وفى نهاية ديسمبر، اعتبر اوليوكاييف ايضا انه اذا طبق تصنيف تخفيض الدرجة، فسيكون له «عواقب مادية» على موسكو التى تجد نفسها مرغمة على تسديد حتى 30 مليار دولار من الديون بصورة مسبقة. قرار وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتمانى انتقدته روسيا واعتبرته قرارا مسيسا. وقالت موسكو ان قرار الوكالة خفض تصنيفها الى «ب ب+» سببه الازمة بين روسيا والغرب بسبب اوكرانيا، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسى فاسيلى نيبنزيا ان القرار «جاء بامر من واشنطن .. فى موجة جديدة من الهيستريا المعادية لروسيا». وصرح ديمترى بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بان القرار «مسيس» الا انه لن «يثنى الشركات الجادة» عن الاستثمار فى روسيا لانه لا يعكس «واقع الحال» فى البلاد. وصرح وزير المالية الروسى انطون سيلوانوف ان القرار يستند إلى «التشاؤم المفرط» ولا يأخذ فى الحسبان نقاط القوة فى الاقتصاد الروسى مثل حجم الاحتياطيات. الا ان محللين قالوا ان خفض التنصيف سيلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد الروسي، وسيجعل الاقتراض اكثر كلفة بكثير. وادت العقوبات الغربية والانخفاض الشديد فى اسعار النفط الى تدهور الاقتصاد الروسى ودخوله فى مرحلة الانكماش الذى يتوقع ان يصل الى 5٪ فى2015 . ونقلت عنه وكالات الانباء الروسية قوله «سننفذ سياسة ميزانية معقولة وسنحقق هدفنا بالقضاء على العجز فى الميزانية بحلول 2017 حيث يتوقع ان يصل سعر برميل النفط الى 70 دولارا للبرميل». وارتفع معدل التضخم بشكل كبير بسبب ضعف قيمة الروبل، حيث قالت السلطات ان عمليات التفتيش التى تجريها على محلات السوبر ماركت فى ارجاء البلاد تظهر ان اسعار الاغذية ارتفعت ستة اضعاف منذ اغسطس. ويعد التضخم تاريخيا من اكبر مصادر القلق فى روسيا عقب الازمة التى شهدتها البلاد فى التسعينيات عندما تذبذب سعر الروبل بشكل كبير دفع الى تسعير السلع فى الكثير من الاحيان بالدولار. وفى مؤشر اخر على تدهور الاقتصاد، اعلنت شركة افتوفاز، أكبر شركة لصناعة السيارات فى روسيا التى تصنع سيارات لادا، انها ستستغنى عن واحد من بين كل عشرة مديرين تنفيذيين.